الرئيسة \  واحة اللقاء  \  صورة الطفل عمران مزيّفة… "يا قاتل الرّوح أين تروح"؟

صورة الطفل عمران مزيّفة… "يا قاتل الرّوح أين تروح"؟

26.10.2016
منى مقراني


القدس العربي
الثلاثاء 25-10-2016
في عصر البلطجة العالمية والإعلامية الذي نحياه،كثّف "الرئيس السوري بشار الأسد هذا الشهر من "إطلالاته المكوكية عبر مختلف وسائل الإعلام العالمية وإن صنّفت عند البعض بأنها "إعلام درجة ثانية" بإستثناء لقائه مع وكالة أنباء " الأسوشيتد برس" مطلع شهر سبتمبر/ أيلول.
آخرها كان لقاء أجراه مع التلفزيون السويسري في برنامج "روند شو"، وحقيقة لكثرة الأكاذيب والمغالطات التي ذكرها "الرئيس" في هذا اللقاء، تجزم بأنّ العالم فعلا لم يعد يتحمل أدنى مسؤولياته الإنسانية والأخلاقية تجاه أكثر القضايا مأساوية، قضية الشعب السوري الذي قام بحراك سلمي منذ أزيد من خمس سنوات، ينادي بالحرية والعدالة والمساواة وحق التداول على السلطة، فما كان من النظام إلاّ أن جابهه بلعبة دامية، عالمية متداولة بكثرة منذ حرب الأفغان إسمها "الحرب على الإرهاب"، فقتل نصف مليون سوري وشرد نصف الشعب والنصف الباقي بإمكان المرء تقسيمه بين سجين ومحاصر سواء من جيش النظام أو من عصابات الإجرام التي آثر أن يطلق سراحها كإستراتيجية، "يجني أرباحها حاليا "،بعد سنوات جلد وسلخ في السجون.
كيف يجرؤ رجل متهم بجرائم حرب وإبادة بحق شعب أعزل أن يتحدث بتلك الأريحية دون أن يرفّ له جفن، رغم الأكاذيب وتشويه الحقائق.
لا أدري بماذا أبدأ ؟ لكن دعوني أبدأ بتعليقه على صورة عمران الصغير التي أخرجها له الصحافي وقام بتقديم مقتضب للصورة كونها ترمز لمأساة حلب،فقال الرئيس "جازما" وكله ثقة أن الصورة "مزوّرة" ؟،لعلّ صورة ايلان هي الأخرى مزوّرة وصور القتلى تحت الأنقاض التي تتزاحم في ذاكرتنا، وربّما صور القنابل والبراميل المتفجرة "التي نفى وجودها أصلا في لقاء آخر" واللاجئين، وكل الحرب الدائرة هناك يبدو أنها "مزوّرة".
تلميذ ميكيافيللي النجيب، تحدث عن "غزو" بلاده من عملاء بلاد أخرى ؟ تمنيت لو سأله الصحافي عن التسمية المناسبة في نظره لحزب الله اللبناني والحشد الذي مسح داريا من سكانها، والحرس الثوري وجيش روسيا…؟.عندما سأله الصحافي إن لا علاقة لكم بقصف المستشفيات في حلب، نفى أن يكون الجيش السوري أو "حبايبهم في الجو" هم من يفعلون ذلك، فما كان من الصحافي إلاّ أن قال أن الجيش السوري هو من يملك الطائرات، فنفى التلميذ التهمة وأكّد على أنها من أفعال المعارضة التي تقصف المستشفيات بالقذائف؟
العجيب الغريب في لقاء الرئيس مع الصحافي، تناقضه الصّارخ حول "أهلية الأمم المتحدة" فعندما سأله هل كل شيء مسموح به في الحرب؟ أجاب حرفيا: "لا، بالطبع، فهناك القانون الدولي وهناك ميثاق حقوق الإنسان الذي ينبغي أن نلتزم به…؟ لكن عندما تدّرج به في الأسئلة وقال له "إنكم تستخدمون الأسلحة الكيميائية والبراميل المتفجرة في سوريا ضد شعبكم، وهذا ما تقوله تقارير الأمم المتحدة.."؟، كان جواب الرئيس أن القضية ملفّقة ولا يوجد دليل على ذلك….فقال له الصحافي، تقرير الأمم المتحدة ليس رواية خيالية؟ فأجاب بالحرف: "لا، لم يكن تقرير الأمم المتحدة ذا مصداقية…."، بقية القصة تعرفونها…وللتذكير فقط، أعلن خبراء تابعون للأمم المتحدة،أن الجيش السوري شن هجوما كيميائيا على بلدة قميناس في محافظة إدلب شمال غرب سوريا في16 آذار/ مارس 2015 "التقرير نشر مفصلا في جريدة القدس العربي".
وفي سياق التناقض نفسه،عندما سأل الصحافي الرئيس عن سجون التعذيب وسجن صيدنايا تحديدا، وتلك التقارير المروّعة التي تحدثت عنها منظمة العفو الدولية، سأله متى ستسمحون بدخول مراقب مستقل؟ فأجاب: " مراقب مستقل؟ لكن منظمة العفو الدولية ليست مستقلة ولا حيادية" فأفحمه الصحافي بجهة مستقلة متمثلة في اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فما كان من بشار الأسد إلا أن ذكّر من نسي في هذا العالم أنّ سوريا الأسد "دولة مؤسسات".؟
للتذكير مرّة أخرى، تقرير منظمة العفو الدولية تحدّث عن مقتل 17 الف سوري تحت التعذيب في سجون نظام الأسد.