الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سياسة الاحتواء لا تجدي مع إيران

سياسة الاحتواء لا تجدي مع إيران

07.02.2017
ميسرة بكور


القدس العربي
الاثنين 6/2/2017
الوقائع والتاريخ والتجارب اثبتت جميعها أن سياسة الاحتواء لا تجدي نفعاً مع إيران.
بوضوح تام سياسة تقليم الاظافر لن تحرز اي تقدم على طريق كبح جماح التغول والعبث الايراني في المنطقة العالم.
حاولت ادارة الرئيس اوباما ان تحتوي إيران وقدمت لها تنازلات كبيرة وخطيرة بهدف الوصول الى الاتفاق النووي معها، ورغبة في ان تجنح إيران الى السلم وتكون دولة فاعلة في صنع السلام في المنطقة والاقليم، لكن الواقع يخبرنا ان إيران زادت من نشاطها الاستيطاني في سوريا والعراق واليمن وامتدت أذرعها الى البحرين، ولم تزل تطور قدراتها الصاروخية الهجومية، ووصلت الوقاحة بقادتها لأن يخرجوا ليقولوا بكل صفاقة انهم يسيطرون على أربع عواصم عربية، وليس هذا بل قال قائلهم إن عبد الملك الحوثي بات ملك جزيرة العرب.
استقبل الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، الذي زار المملكة، خلال قمة منظمة التعاون الإسلامي الاستثنائية في مكة المكرمة، ومدت المملكة حبل الود ويد السلام، لكنها كما جرت عليه العادة صافحت اليد السعودية والعربية الممدودة، وعملت في الخلف على تخريب المنطقة وزعزعت امن الخليج فأوحت لأذرعها في البحرين ان يثيروا الفوضى والقلاقل،
ومن وراء ستار اسقاط الجرعة عملت إيران بالتحالف مع المخلوع عبد الله صالح وحوثي اليمن على الانقلاب على الحكومة اليمنية واقتحمت الميليشيات العاصمة صنعاء وتقدمت الى عدن.
وقام متطرفون إيرانيون باقتحام مقر السفارة السعودية في طهران .
على المقلب الآخر في سوريا كانت ايران تعمل معول الهدم في بنيان سوريا الوطن والانسان، عن طريق جنرالها قاسم سليماني، ويدها الطويلة في الشام ميليشيا حزب الله اللبناني، المليشيا المدفوعة بعقيدة السمع والطاعة لمرشد ايران ، سيطرت على كامل ريف حمص الغربي «القصير» واجرت فيه استعراضاً عسكرياً.
في الوقت الذي امعنت فيه إدارة أوباما السابقة في غض النظر عن كل الانتهاكات التي ترتكبها ميليشيا إيران متعددة الجنسيات في العراق وسوريا، وذهبت ابعد من ذلك بأشواط بعيدة، بالإفراج عن مليارات الدولارات الامريكية لصالح إيران وفقاً لاتفاق جنيف في تشرين الثاني/نوفمبر 2013، أفرج عن 4.2 مليار دولار من أرصدة إيران المجمدة كمرحلة أولى. وفي المرحلة الثانية تم الإفراج عن 2.8 مليار دولار. وبموجب اتفاق لوزان ، تم الاتفاق على الإفراج عن 700 مليون دولار شهرياً من الأموال الإيرانية المجمدة .
لكن ايران بدل ان تستغل هذه الأموال لتنمية وتطوير المجتمع الإيراني وتحسين أحوال الطبقات الفقيرة ، التي تعاني الفقر وتدني المستوى المعيشي والتعليمي .
كانت هذه الأموال المفرج عنها طوق نجاة للنظام الإيراني الذي كاد ان ينهار اقتصادياً ، واستخدمت في تمويل ميليشيات ايران في المنطقة لتنشر الخراب والدمار أينما وجدت .
وبدل ان تقابل ايران هذه الفرصة التاريخية التي قدمها لها العرب خلال استقبال الرئيس الإيراني «نجاد « في مكة المكرمة ،وما كان من شأن إدارة الرئيس أوباما ، استمرت ايران في عنجهيتها وانتفخت عندها الأنا وتضخمت ، حتى انها فرضت على إدارة الرئيس الأمريكي أوباما شحن مبلغ 400 مليون دولار إلى النظام الإيراني ، وبعد تسلم الحرس الثوري للأموال أفرجت إيران عن أربعة أمريكيين كانوا في السجون الإيرانية بينهم الصحافي في «واشنطن بوست» جايسون رادايان.
أما على الجانب السعودي حاولت إيران تسييس موسم الحج للتسويق لمشروعها «تصدير الثورة الفارسية»، وأوعزت لأذرعها الإرهابية باستهداف مكة المكرمة، واستمرت في دعم المتمردين في البحرين تحت حجج استخدمها الحوثيون من بعد الحقوق السياسية والمجتمعية.
بدأت العقوبات الامريكية على إيران منذ عام 1979 على خلفية اقتحام طلاب إيرانيين للسفارة الامريكية في طهران واحتجازهم دبلوماسيين كرهائن وتحت مزاعم دعم إيران للإرهاب الدولي وانتهاكات حقوق الإنسان ورفض التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
من جانبه الاتحاد الأوروبي فرض مزيداً من العقوبات على إيران. طبعا هذه العقوبات شملت الاستثمارات في النفط وقطع الغيار والنظام المالي والمصرفي وعقوبات على الشركات والافراد والكيانات التي تدعم الملف النووي الإيراني وتجميد أصول البنك المركزي الإيراني وحظر الاتجار في الذهب والمعادن النفيسة الأخرى مع البنك والمؤسسات الحكومية الإيرانية الأخرى. كما فرضت اليابان وكوريا الجنوبية عقوبات على إيران تحظر التعاملات مع طهران فيما يتعلق بالقطاع المصرفي وقطاع الطاقة.
قد يكون صحيحاً قول القائل او المتقول ان العقوبات الاقتصادية على إيران أتت اكلها ورضخت بالنهاية لمطالب المجتمع الدولي، ووافقت في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2013 على اتفاقية مؤقتة مع الاتحاد الأوروبي ودول مجموعة 5 الاثنين 6/2/2017 1، حيث تقضي تلك الاتفاقية بأن تلتزم إيران بخفض أنشطتها في تخصيب اليورانيوم.
كما وافقت إيران أيضًا على عدم تنشيط مفاعل «آراك» الذي يعمل بالمياه الثقيلة، وفي المقابل، يلتزم الاتحاد الأوروبي ودول مجموعة 5 الاثنين 6/2/2017 1 برفع عقوبات التي يقدرها البيت الأبيض تأثيرها بما يتراوح ما بين ستة وسبعة مليارات دولار.
ما يعنينا في هذا المقام، أن نظام الملالي استطاع ان يسير بين كل هذه الألغام ونجح في الصمود حتى الآن، كما أنه نجح في تعزيز قدراته العسكرية ليست الدفاعية فقط بل الهجومية وأن العقوبات وسياسة الاحتواء التي اعتمدها الرئيس السابق أوباما لم تفلح في وقف طموحات ايران العسكرية والتوسعية، اليوم باتت أذرع ايران مثل الأخطبوط تتواجد في كل مكان ولا يعرف على وجه الحقيقة اين تنتشر ومتى تمد رأسها لتلدغ.
اليوم عندما يهدد المسؤولون الإيرانيون أمريكا بالرد على أي هجوم، هذا لا يعني الدخول في حرب مباشرة مع أمريكا وعلى الأرض الإيرانية لأنها بكل بساطة ستكون الخاسر الوحيد فيها، لا يمكن لعاقل تخيل أن تقوم ايران بمثل هذه الخطوة المدمرة ،لكنها تقصد بالرد عن طريق أذرعها وميليشياتها وخلاياها في الكثير من دول المنطقة والعالم ، ربما نسمع قريباً عن عمليات تفجير هنا او هناك واختطاف طائرات واستهداف سفارات وافراد أمريكيين، هذا ما تجيده ايران باحتراف منقطع النظير.
ايران رغم عنجهيتها ونرجسيتها تعلم علم يقين ان قوة الولايات المتحدة الامريكية قادرة على تحويل ايران لكومة رماد خلال ساعات معدودة.
الخلاصة أن سياسة تقليم الاظافر لم تجد نفعا مع نظام ملالي ايران ولا نذيع سراً ان بات لايران خلايا نائمة في الكثير من البلدان تنتظر أوامر ولي الفقيه لتقوم بما يطلب منها دون تردد .
 
كاتب وباحث سوري