الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حرب 1967 انتصار إسرائيل الأخير

حرب 1967 انتصار إسرائيل الأخير

05.06.2018
عوني فرسخ


القدس العربي
الاثنين 4/6/2018
في صباح الخامس من يونيو / حزيران 1967 بدأت 400 طائرة إسرائيلية غاراتها على مصر وسوريا والأردن والعراق ساحقة معظم طائرات سلاح جو الدول العربية الأربع ومدمرة مدارج مطاراتها.
وبذلك توجت إسرائيل سلسلة انتصاراتها العسكرية التي توالت منذ انتصارها على القوات الشعبية والنظامية العربية في حرب 1948/ 1949 دون أن تؤدي انتصاراتها العسكرية المتوالية، بما في ذلك الانتصار الأخير، لأي نصر سياسي لإجماع الدول العربية على رفض التسوية على أساس الأمر الواقع، وإنما على أساس قراري الأمم المتحدة رقمي 181 و194. وذلك بانسحاب إسرائيل لحدود التقسيم وإعادة اللاجئين لديارهم واستردادهم أملاكهم، والتعويض عليهم.
فضلا عن المتغيرات المستجدة في ميدان القتال بدءا من فشل إسرائيل في معركة الكرامة يوم 21/3/1968 بمواجهة الفدائيين وقوات من الجيش العربي الأردني
وحين أعلن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر مسؤوليته عن الهزيمة العسكرية، وتخليه عن جميع مناصبه الرسمية ليلة 9/6/1967 ليعود لصفوف الشعب لمقاومة الغزاة، انتفضت جماهير مصر والأمة العربية معلنة إصرارها على مواصلة الكفاح بقيادته، فأقدم مستقويا بالتأييد الجماهيري على تطهير الجيش من القيادات الفاسدة والمتخاذلة وإعادة بنائه على أسس علمية، واحلال قيادات متميزة بالمعرفة والكفاءة العسكريتين، وليبدأ الجيش المصري تحت إشرافه المباشر حرب الاستنزاف، مستعينا بالدعم العسكري والاقتصادي والسياسي السوفييتي
وتواصلت الحرب ثلاث سنوات، حقق فيها الجيش المصري عدة إنجازات، برغم الاستنزاف المضاد الذي قامت به إسرائيل بدعم أمريكي غير محدود. وبموجب مبادرة وزير الخارجية الأمريكي روجرز في 23/7/1970 جرى وقف إطلاق النار صباح 8/8/1970. وكانت مصر قد قبلت مبادرة روجرز بهدف التمكن من إنشاء وتجهيز أكبر تجمع عسكري غرب قناة السويس مباشرة، إذ تم وضع أول قاعدة هجومية لعبور القناة والاندفاع في سيناء إلى منطقة المضائق تحت مظلة وحماية أكبر شبكة للدفاع الجوي تطورا.
 
وسيلة خلاص
 
وفي تقويم نتائج حرب الاستنزاف كتبت صحيفة "دافار" الإسرائيلية في 14/8/1970 تقول : "لقد أصبحت المبادرة الأمريكية وسيلة خلاص، لذلك لا يجوز أن نعرقل هذه المبادرة المباركة، ولنساعد الأمريكيين على إخراجنا من الوضع المعقد الذي نحن فيه بسبب حرب الأيام الستة وحرب الأعوام الثلاثة. وليس صحيحا أن المصريين استنزفوا في حرب الاستنزاف، وانما نحن الذين استنزفنا ولذلك استجبنا للمبادرة الأمريكية"
وهذا ما يؤكده ماتي بليد، عضو هيئة الأركان الإسرائيلية في حرب 1967، الذي نقل عنه زئيف شيف، المراسل العسكري لصحيفة "هآرتس" قوله : "لقد فشل الجيش الإسرائيلي من الناحية العسكرية في حرب الاستنزاف. وهذه أول معركة نهزم فيها في ساحة القتال منذ قيام الدولة ". وعلى مدى السنوات الخمسين التالية لحرب 1967 توالى فشل الجيش الإسرائيلي في كل مواجهة مع الجيوش والقوات الشـعبية العـربية، التي توالـت انتصـاراتها
وبالتالي لم تعد إسرائيل كنزا استراتيجيا لرعاتها الأمريكان والأوروبيين بقدر ما غدت عبئا تاريخيا عليهم، مشغول صناع قرارهم السياسي بتوفير أمنها وضمان استمرار وجودها. بعد أن أسقطت المقاومة اسطورة "الجيش الذي لا يقهر "، وأفقدت إسرائيل قوة ردعها، وفرضت عليها توازن الرعب في شمالها وجنوبها
وأي قراءة موضوعية لمعطيات الصراع العربي – الصهيوني بعد خمسين عاما من حرب 1967 توضح أن هناك عجزا متبادلا بين إسرائيل وقوى الممانعة العربية والإسلامية. فإسرائيل باتت عاجزة تماما عن قهر إرادة قوى المقاومة العربية والإسلامية، برغم احتلالها معظم فلسطين، عدا قطاع غزة، وما تلقاه من دعم مادي وسياسي من رعاتها الأمريكان والأوروبيين، ومن الجاليات اليهودية الأمريكية والأوروبية
وفي المقابل فإن قوى المقاومة، وإن هي أفقدت إسرائيل قوة ردعها، وفرضت عليها أن تعقد اجتماع حكومتها المصغرة "الكابينت" في مركز تحت الأرض تحسبا من الصواريخ العربية، كما ذكرت أجهزة الإعلام الإسرائيلية مؤخرا. فقوى المقاومة لما تزل بعيدة عن تحقيق الحل التاريخي لصراع الوجود واللاوجود مع الكيان الصهيوني
ما يعني أن صراع الوجود واللاوجود، الذي فرض على شعب فلسطين وأمته العربية، بإقامة إسرائيل لما يزل قائما وممتدا. وإن كانت المتغيرات والمستجدات الدولية والإقليمية تؤشر إلى أن ليس لإسرائيل مستقبل. وأن المستقبل في الأرض العربية لن يخرج عما عرفت به تاريخيا من توالي اندحار القوى الغازية الأجنبية سواء جاءت من الشرق الآسيوي أو الغرب الأوروبي، ولم يعد خالدا فيها سوى العرب وأشجار زيتونهم.
 
كاتب فلسطيني