الرئيسة \  واحة اللقاء  \  في ظل الأزمة الاقتصادية السورية.. هل أصبحت تجارة المخدرات طوق نجاة للنظام؟ 

في ظل الأزمة الاقتصادية السورية.. هل أصبحت تجارة المخدرات طوق نجاة للنظام؟ 

03.04.2021
رهام بحري



تي ار تي 
الخميس 1/4/2021 
يعاني النظام السوري أزمة اقتصادية خانقة بسبب العقوبات التي فُرضت عليه بعد قانون قيصر الذي طال شخصيات داخل الحكومة السورية، وفُرض أيضاً على كيانات سياسية داخل النظام السوري. وتزامن ذلك مع انخفاض سعر الليرة السورية أمام الدولار. 
لذلك يلجأ النظام السوري إلى التخفيف من هذا الضيق الاقتصادي الذي يمر به، حيث قام بتسهيل مرور شحنات تخفي مادة المخدرات، ومن ثم نقلها خارج الأراضي السورية. 
آخر عمليات الضبط 
تحدثت صحيفة الوطن السورية عبر موقعها يوم 7 مارس/آذار الجاري عن عملية ضبط لمادة المخدرات عن طريق درعا قادمة من دمشق. 
وبحسب الصحيفة فإن الجهات المختصة أشارت إلى توقيف سيارة بيك آب عند الحدود الإدارية بين محافظتي درعا وريف دمشق متجهة إلى الحدود الأردنية. 
تجارة المخدرات وزراعتها 
استخدم الكبتاغون في الستينيات لعلاج النوم القهري والاكتئاب، وهو واحد من أسماء تجارية لهيدروكلوريد الفنثيلين، المركب الدوائي الذي ينتمي إلى عائلة الأمفيتامينات التي يمكن أن تمنع الخوف وتقلل التعب. 
وقد شاع استخدام الكبتاغون في الشرق الأوسط، ولا سيما في الدول التي مزقتها الحروب مثل سوريا. 
الخبير الاقتصادي فراس شعبو في حديثه مع TRT عربي اعتبر أن موضوع تجارة المخدرات (كبتاغون) بالنسبة إلى النظام أمر عادي، باعتباره حليفاً لحزب الله الذي له باع طويل في تجارة المخدرات عبر التاريخ. 
ويرى أن النظام يعيش في ضيق مالي لم يمر به منذ سنوات، وحيث إن الدول تلجأ عادة في الحرب إلى تجارة الحشيش وتهريب المخدرات، يقوم النظام السوري بذلك. 
ولفت الدكتور إلى أن النظام يعتمد على اللبنانيين كونهم يقومون بزراعة الحشيش، وهي تدر الكثير من الأموال، وتحدثت جهات عن عمليات تقدر قيمتها بالملايين، وتعتبر جزءاً يسيراً وتشكل رديفاً للتمويل الذي تستخدمه الحكومات غير الشرعية لتمويل مؤسساتها الأمنية في ظل التضييق الاقتصادي. 
سوريا… البلد المصدر للكبتاغون 
ليس بجديد أن يعتمد النظام على اللبنانيين في تصنيع المخدرات، لكن الجديد بنظر شعبو أن الانطلاق في تصنيع هذه المواد يكون منشؤه الأراضي السورية بصفتها الدولة التي تمتلك مؤسسات تمويل وتصنيع. وترجع الفكرة في ذلك برأي شعبو إلى عائلة الأسد التي تسعى إلى مد عمر النظام وبقائه عبر مئات الملايين من الدولارات. 
وكان النظام يتهم جماعة داعش بتهريب المواد إلى اليونان وإيطاليا وهي موجودة في البادية. وفي هذا السياق لا يبرئ شعبو تنظيم الدولة بحسب قوله، لكن النظام يستفيد فعلياً وبشدة من هذه العمليات. 
أما بخصوص التصنيع فلبنان هو من قونن زراعة الحشيش، فبعض المواد الأولية يقوم النظام بتصنيعها في المعامل، ومن هنا تنطلق هذه الشحنات إلى الخارج وتصل إلى مناطق المعارضة ومليشيات PYD، وجزء كبير منها يأتي من جنوب لبنان وعبر المنافذ الحدودية وبالتالي تعتبر تجارة رابحة. 
ويضيف شعبو أن سوريا قبل الثورة السورية كانت بلد عبور فقط للمواد المخدرة كالكبتاغون والحشيش المخدر الذي كان يُزرع في الأراضي اللبنانية، مشيراً إلى أن التهريب كان عبر طريقين: الأول إلى الأردن باتجاه الخليج ومصر، أما الطريق الثاني فكان عبر سوريا باتجاه أوروبا مروراً بالأراضي التركية. 
والمرحلة الثانية، أي ما بعد الثورة، اعتبرها اللواء المنشق محطة فاصلة لتجارة المخدرات في سوريا، لتتحول إلى صناعة منظّمة ضمن مصانع وورش، تديرها شخصيات نافذة في نظام الأسد و"حزب الله"، وهو أمرٌ مثبت ويعرفه كل من عمل في السلك الأمني بسوريا. 
اقتصاد الحرب 
يرى الباحث في مركز الشرق للسياسات في حديثه مع TRT عربي أن توصيف الحالة الاقتصادية ينسحب على كل سوريا، وليس فقط مناطق النظام التي تلجأ إلى اعتماد ما يُسمى اقتصاد الحرب، كما أن خروج أجزاء كبيرة عن سيطرة النظام، وقد كانت تشكل خزان مال للنظام، فاقم في الأزمة الاقتصادية، فمعظم حقول النفط أصبحت خارجة عن سيطرة النظام، والمحاصيل الزراعية التي تشغل مساحات شاسعة في شمال وشرق سوريا لم تعد تحت سيطرته، لذلك كان الاعتماد على اقتصاد الحرب وتجارة المخدرات. 
ويبين الشارع أن سوريا باتت مكاناً للترويج وعمليات التهريب وبيع النظام للمخدرات في السوق المحلية، كما أضحت جغرافياً منطقة عبور لمادة المخدرات، وأصبحت بفعل موقعها الجغرافي سوقاً للتصدير عبر الطرق البرية. 
ووفق تقرير لشبكة "BBC" البريطانية، كُشف عن ضبط السلطات الإيطالية نحو 15 طناً من مخدر الكبتاغون، أي نحو 84 مليون حبة تصل قيمتها المالية إلى نحو مليار دولار. 
وبحسب التفاصيل فإن مصدر المخدرات سوريا، وكانت السلطات الإيطالية تعتقد أن تنظيم "داعش" هو من يقف وراء الصفقة، لكن بعد البحث والتحقيق ظهر أن نظام بشار الأسد وحليفه اللبناني "حزب الله" من يقفان وراءها. 
تجارة المخدرات تنشط في السويداء 
يقول مصدر تواصلت معه TRT عربي وطلب عدم الكشف عن اسمه، أن مادة الحشيش تنطلق من منطقة بعلبك في لبنان، إلى جرود القلمون ثم إلى محافظة السويداء عبر سيارات مدعومة بعناصر مسلحين، وبالتالي تعبر من خلال حواجز النظام السوري، دون سؤال أو تفتيش لحمولتها. 
وأضاف: "يصل الحشيش إلى السويداء، ويخزن ضمن مستودعات ليجهز إلى الوقت المناسب لعملية التهريب إلى الأردن". 
تجارة المخدرات لا تقتصر على عناصر "حزب الله" القادمين من لبنان فحسب، بل يديرها أيضاً تجار مخدرات آخرون من أبناء السويداء، بحسب مصادر تحدثت لـTRT عربي ومن بينهم مقربون من رموز هذه التجارة في المحافظة، وتقاطعت المصادر. 
دول أخرى 
ازدادت إعلانات الجيش الأردني في الفترة الأخيرة عن إحباط محاولات تسلل لمهربين قادمين من الأراضي السورية، ضبطت بحوزتهم كميات كبيرة من الحشيش والمواد المخدرة على اختلاف أنواعها. وذلك حسب ما أعلنته القوات المسلحة الأردنية في 8 فبراير/شباط عبر صفحتها على فيسبوك، نقلاً عن مصدر عسكري وبالتنسيق مع الأجهزة الأمنية، من عملية تهريب على إحدى واجهاتها الحدودية مع سوريا. 
وكان وزير الداخلية في حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دولياً قد اتهم في مايو/أيار الماضي نظام الأسد بتهريب المخدرات عبر سوريا إلى دول عديدة من بينها ليبيا، عبر مواني المنطقة الشرقية الخاضعة لسيطرة اللواء المتقاعد خليفة حفتر. 
في 21 من ديسمبر/كانون الأول 2020، كشفت مصادر معنية بإتلاف المخدرات في إيطاليا عن حجم الإنتاج غير المشروع للمخدرات في سوريا، وذلك ضمن تقرير متلفز عرضته قناة "BBC"، حصلت فيه على لقطات حصرية لحرق الحبوب المصادَرة بإيطاليا. 
وقال مراسل "BBC" إن وزن حبوب "الكبتاغون" المخدرة التي انطلقت من سوريا إلى ليبيا وصودرت في إيطاليا بلغ نحو 14 طناً، بتكلفة 900 مليون جنيه إسترليني (مليار يورو). 
وأوضح التقرير أن المخدرات أتت من اللاذقية، وضُبطت في إيطاليا، معتبراً أنها نتاج جهد منسق بين النظام السوري وحليفه "حزب الله"، المنغمسين في مجال تجارة المخدرات، ويعتبر هذا المجال "مصدر التمويل الأكبر لهما".