الرئيسة \  واحة اللقاء  \  في ذكرى الثورة: المنتصرون المهزومون!

في ذكرى الثورة: المنتصرون المهزومون!

19.03.2017
منار الرشواني


الغد الاردنية
السبت 18/3/2017
قد لا يكون ثمة ما هو أبلغ في تلخيص المشهد من ذاك الحديث الذي شرع فيه "العربي القومي" معبراً عما قال إنه ألم يعتريه لما حل بسورية "قلب العروبة النابض". إذ ما إن رد محاوره بأن من سيطر على حلب (أو احتلها في الحقيقة) لم يكن إلا المليشيات الطائفية الإيرانية متعددة الجنسيات بدعم روسي، حتى سارع ذاك العروبي –والديمقراطي (سابقاً)- إلى القول بشديد تلقائية: وإن يكن!
إذن، وإن يكن! فروسيا وقبلها إيران، هما من ستعيدان سورية لتكون "قلب العروبة النابض". وإذا كان لدى أحد ذرة من شك، فليس عليه إلا النظر إلى ما فعلته إيران بالعراق؛ عروبة ودولة مدنية –وهي بالمناسبة إيران ذاتها الموجودة في سورية- منذ العام 2003 وحتى الآن!
وفي الطريق إلى الانتصار الذي سيدعيه شبيحة عابرون للحدود، باسم العروبة واليسار، وهو انتصار صار واضحاً أنه محض بقاء بشار الأسد بمسمى "رئيس"، كان على هؤلاء تقديم كل ثمن ممكن، وليس فقط تبرير أو حتى الابتهاج بتدمير سورية الدولة، أرضاً وشعباً وسيادة لأجل استمرار الأسد استبداداً وفساداً. الثمن الأحدث هو التنازل عن ذريعة "المقاومة والممانعة" التي كان باسمها يدافع عن استبداد الأسد (أباً وابناً) لعقود قبل الثورة، وذلك بعد أن صار التنسيق الإسرائيلي الروسي بشأن سورية تحديداً لا يثير أدنى حرج، ناهيك عن الغضب. كما صار كل نظام داعم للأسد محط تقدير، حتى إن ارتبط بعلاقة دافئة مع إسرائيل. فعقب تحول القتل إلى "وجهة نظر" بحسب هوية القاتل، صار التطبيع بدوره "سلاحاً عند الطلب"، لا يُشهر إلا في وجه خصوم الأسد.
إلا أن هذا النصر غير الجديد أبداً؛ فهو مطابق تماماً لنصر القومجيين في "نكسة!" العام 1967، هو دليل كاف بحد ذاته على أن ثورة السوريين، أسوة بثورات الشعوب العربية الأخرى التي خرجت لأجل الحرية والكرامة، لم تُهزم.
طبعاً، المجرمون الساديون وحدهم من يعتبرونه نصراً بحد ذاته قتل السوريين وتهجيرهم على يد الأسد ومن أبقوه بمسمى "رئيس". فيما الأقل سادية يعرفون أن التضحية بكل المبادئ/ الذرائع هي الهزيمة الحقيقية، وهي هزيمة لحقت بأنصار الأسد وأمثاله، وإن كانوا يصرون على شراء الوقت قتلاً وتدميراً قبل السقوط المادي الحتمي بعد سقوطهم الأخلاقي المعلن الآن.
والحقيقة أنه يظل أفضل من يشهد بأن ثورات "الربيع العربي" ككل لم تُهزم، هم أعداء هذه الثورات أنفسهم، عندما يتحدثون، من خارج السلطة، عن بلدانهم، حتى وإن كانت "سويسرا العرب" مقارنة بـ"سورية الأسد".
فهؤلاء هم من يحذرون، بلا تردد، من الفساد وقمع الحريات وارتفاع الفقر... إلخ (في بلدانهم طبعاً)، باعتبارها عوامل تؤدي بشكل مباشر، بل وحتمي إلى إثارة الاضطراب الاجتماعي والسياسي، وحتى التطرف! لكنهم لا يخبروننا لماذا كل الدول العربية الأخرى –أي ما عدا بلدانهم- استثناء على القاعدة البدهية في العالم أجمع؟!