اخر تحديث
الأحد-28/04/2024
موقف
زهيرفيسبوك
رؤية
دراسات
مشاركات
صحافةعالمية
قطوف
جديد
مصطلحات
رسائل طائرة
الثورة السورية
حراك الثورة السورية
حدث في سورية
نساء الثورة السورية
اطفال الثورة السورية
المجتمع السوري المدمر
شعارات الثورة السورية
ثلاث سنوات على الثورة
أيام الثورة السورية
المواقف من الثورة السورية
وثائقيات الثورة السورية
أخبار سورية
ملفات المركز
مستضعفين
تقارير
كتب
واحة اللقاء
برق الشرق
وداع الراحلين
الرئيسة
\
مشاركات
\ في المسالخ البشرية : اللوم على الجزّار ، أم على الضحيّة !؟
في المسالخ البشرية : اللوم على الجزّار ، أم على الضحيّة !؟
21.09.2017
عبدالله عيسى السلامة
*) لو كانت الإجابة سهلة ، كالسؤال الوارد في العنوان .. لما احتاج الأمر، سوى كلمات بسيطة ، معدودة على أصابع البد الواحدة ! إذ يكفي أن يقال : إن الجزّار هو الملوم.. أو إن الضحيّة هي الملومة .. لتمكينها الجزّار من ذبحها .. أو كلا الطرفين ملومان ، كلّ من زاويته !
*) كلاّ.. إن الإجابة أعقد من ذلك بكثير! لأنها تتضمّن أموراً عدّة ! ولأن فيها تداخلاً شديداً ، بين مسؤوليات الجزّار ، ومسؤوليات الضحيّة ، ومسؤوليات أناس آخرين ، لهم صلة مباشرة بالأمر !
*) في القرآن الكريم ، نموذجان من الحشود البشرية : نموذج الناس الذين خرجوا من ديارهم ، وهم ألوف ، حذر الموت ، فقال لهم الله : موتوا..! فبسبب هجرتهم ، خوفاً من الموت بالطاعون ، أماتهم الله ، ليكون في ذلك عبرة لهم ، ولغيرهم ممّن يفرّون من مجابهة عدوّهم ! لأن الآية وردت في سياق حديث عن القتال..! والنموذج الآخر، هو نموذج الذين خنعوا لإرادة الجزّارين ، فعبثوا بإراداتهم ، وأضلّوهم ، واستعبدوهم! فقال لهم الله : فيم كنتم !؟ قالوا : كنّا مستضعفين في الأرض ! قال : ألم تكن أرض الله واسعة ، فتهاجروا فيها..!؟ فبعدم هجرتهم ، وهم قادرون عليها ، استحقّوا العذاب! أمّا مَن لم يستطيعوا الهجرة ، من الضعاف والعجزة .. فمعذورون !
*) إن الفرق بين النموذجين ، المذكورين آنفاً ، واضح جداً ! ومع ذلك ، كان مصيرهما كليهما ، العذاب ! وسبب عذاب كل منهما ، واضح ! فالألوف الذين يتركون بلادهم للطغاة الجزارين ، هرباً من الموت ، وهم قادرون على أن يدافعوا عن أنفسهم ، وأهليهم ، وأملاكهم.. هؤلاء يستحقّون العذاب ، بسبب تقصيرهم ، في استعمال قوّتهم، التي منحهم الله إيّاها ، في مناجزة عدوّهم ، أو منازلته ! والآخرون : غير العجزة الضعاف ، وغير القادرين على المناجزة والمنازلة .. استحقّوا العذاب ، لتقصيرهم في استغلال الفرصة المتاحة أمامهم ، وهي الفرار من الظلم ، إلى مكان يأمنون فيه ، على حياتهم من الإزهاق ، وعلى كراماتهم من الإهانة !
*) لو صبر القادرون على المنازلة ، في بلادهم .. ونازلوا عدوّهم ، بالقوّة المتاحة لهم ، التي تمكّنوا من إعدادها ، حسب طاقتهم .. وبالكيفية التي يرونها تحقّق أفضل مصلحة لوطنهم وشعبهم ، وبأقل الأضرار.. ثم خسروا في صراعهم معه.. لما استحقّوا اللوم، ولاستحقّ اللوم العدوّ ، وحده.. لعدوانه وظلمه وتجبّره! وربما يستحقّه أناس آخرون ، تسبّب ضعفهم وتخاذلهم ، في تمكين الجزّار من رقاب أبنائهم ! ولو هاجر الضعاف غير القادرين على الصراع ، إلى مكان آمن ، ولم يمكّنوا الجزارين ، من رقابهم ومصائرهم .. لما استحقّوا اللوم ، أو العذاب ! ولاقتصر اللوم على الجزارين ، وحدهم .. وربّما على آخرين ، من الذين فرّطوا في أمر الاستعداد ، فمكّنوا الجزار، من رقاب أبنائهم ، أو أحفادهم ! وهذا كله في علم الله ، وتقديره .. فهو ، وحده ، الذي يعلم نصيب كل فرد ، من التفريط ، أو التقصير، أو الإهمال .. بحقّ الأمّة وأجيالها .. الراهنة واللاحقة !
*) في العصر الراهن ، تبلور معنى قديم ، في إطار جديد ، هو معنى القيادات الشعبية: السياسية ، والاجتماعية ، والثقافية ، والنقابية ..! وهذه القيادات ، هي المنوط بها ، توجيه حركة الجماهير، وقيادتها، في صراعها، ضدّ الطغاة والجزارين ، في بلادها ! وهذه ، اليوم ، تحمل العبء الأكبر من المسؤولية ، عن ضعف إرادة الجماهير، وضعف حركتها ، وغفلتها عن مصالحها ، وعن كيفية مناجزة عدوّها ـ بالتظاهر، أو العصيان المدني ، أو سواهما ـ وعن تقصيرها في خوص الصراع ، الذي تحرّر به أنفسها وبلادها ، من ظلم الطغاة الجزارين ، وسطوتهم ، وبطشهم ! وكلما ارتفع شأن هذه القيادات ، في مجتمعاتها ، وازدادت ثقة الناس بها .. ازدادت مسؤوليتها عنهم ، وعن مصيرهم ، في معركة البقاء ، بينهم وبين عدوّهم الطاغية الجزّار، الذي يستعبدهم ، ويذلّهم ، وينهب قوتهم وثروات بلادهم !
*) القادة الشعبيون ، الذين تضعهم أقدارهم ، في مواجهة الطغاة الجزارين ، في بلادهم ، مختلفون ، بالضرورة ، من حيث منازلهم في مجتمعاتهم ، ومن حيث قدراتهم ، العقلية والبدنية والمعنوية ! ويستطيع كل منهم ، أن يلتمس لنفسه الأعذار، لدى إخفاقه في مهمّة قيادة الجماهير ، وتوجيهها ! ومن أهمّ الأعذار : شراسة الجزّار في قمع معارضيه ـ الإشفاق على الجماهير من أن تفريهم سكاكين الجزّارين ـ عدم تجاوب الجماهير مع نداء القيادات .. خوفاً أو جهلاً ـ الظروف الدولية الداعمة للجزار، الذي يحقّق مصالح القوى الأجنبية ..! وهكذا .. الأعذار كثيرة ، ومسوّغات الضعف والعجز والإخفاق جاهزة ! والشعوب تذبح جهاراً نهاراً ، بشتّى أنواع السكاكين .. ولا تجد من يحرك لأجلها ساكناً ، حتى لو ذبح العشرات ، أو المئات ، أو الألوف .. من أبنائها ، وهم نيام ، في سجون الجزارين ! والله عزّ وجلّ ، يقول : بل الإنسان على نفسه بصيرة . ولو ألقى معاذيره . ويقول : وكلّهم آتيهِ يومَ القيامة فَردا .