الرئيسة \  مشاركات  \  في المثل : زهرة لا تشكّل ربيعاً !  لكنّ الفرد ، من البشَر، يشكّله !

في المثل : زهرة لا تشكّل ربيعاً !  لكنّ الفرد ، من البشَر، يشكّله !

26.01.2019
عبدالله عيسى السلامة




وأنواع الربيع كثيرة ، ومساحاته متفاوتة !
ربيع الطبيعة ، لا يأتي على الناس ، جميعاً ، في زمان واحد ، ومكان واحد ؛ فقد يحلّ ، في بقعة ما، في زمن ما.. ويحلّ في بقعة غيرها، في الزمن ، ذاته ، شتاءٌ قارسٌ، أوصيفٌ لاهبٌ !
وكلّ ربيع ، يصنعه البشر، بأنفسهم ، لغيرهم .. محدود ، كذلك ، في زمانه ومكانه !
ربيع الدين : قد يحلّ رجل تقيّ ، في بلد ، أكثر أهله فسقة ، أو جهلة في الدين ، فيمكث فيهم، فترة من الزمن، فيغمر الإيمان قلوبهم ، ويعرف الكثيرون منهم، الحلال والحرام في دينهم؛ فيكون قد صنع لهم ، ربيعاً رائعاً بديعاً !  
ربيع العَدل : أُسندت الخلافة ، إلى عمر بن عبد العزيز، حين كان الكثير، من الحكّام والولاة ، يظلمون الناس ، ويستأثرون بالمال العامّ ، فأبدل الحال ، بشكل عجيب وسريع ، من ظلم متعدّد الوجوه والأشكال ، إلى عدل شامل ، في سائر مناحي البلاد ، المترامية الأطراف ! حتّى صار مضرب أمثال ، في العدل ، وهو رجل وحدَه ! عفَّ عن ظلم الناس ، ومنعَهم ، من التظالم ، فيما بينهم ! وقد صحّ فيه ، قول عليّ بن أبي طالب ، كما صحّ ، في عمر بن الخطاب، قبله:  عَففتَ فعفّوا ، ولو رتَعتَ لرتَعوا ! 
ربيع الخلق الحسن: قال تعالى:( فبِما رحمةٍ من الله لنتَ لهم ولو كنتَ فظّاً غليظَ القلبِ لا نفضّوا مِن حولِك..)
وقال النبيّ : إنكم لن تسَعوا الناس بأموالكم، ولكن يسعهم منكم ، بسطُ الوجه وحُسن الخُلق!
ربيع الكلمة الطيّبة : قال تعالى : (ألمْ ترَ كيف ضربَ الله مثلاً كلمةً طيّبةً كشجرة طيّبةٍ أصلُها ثابتٌ وفرعُها في السماء تؤتي أكلَها كلّ حينٍ بإذن ربّها..) .
ربيع البسمة : البسمة الصادقة ، ربيع حقيقي ، يَمسح بعص الهموم ، عن النفوس ، ويفتح بعض نوافذ الأمل ، للمكروبين ، أو المحرومين ! وفي الحديث الشريف: تبسّمك في وجه أخيك صدَقة!
ربيع الجُود: قال ذو الرمّة :
رأيتُ الناسَ يَنتجعون غيثاً   ففلت لصيدحَ : انتجعي بِلالا!
وصيدح : هي ناقة الشاعر.
وقال شاعر آخر:
أضاحكُ ضيفيْ ، قبلَ إنزال رحلهِ   ويُخصِبُ عنديْ ، والمَحلُّ جَديبُ
وما الخِصب للأضياف أنْ يَكثر القِرى    ولكنّما وجهُ الكريم خَصيبُ!
وأشكال الربيع كثيرة ، لامجال لاستقصائها .. وحسبنا أن نشير، إلى بعض منها ، ممّا لم نذكره، آنفاً ، فنقول :
كلّ صاحب نجدة ، بين جبناء ، ربيع.. وكلّ صاحب علم ، بين جهلة ، ربيع.. وكلّ صاحب حكمة، بين حمقى، ربيع .. وكلّ مهذّب ، بين سفهاء ، ربيع !
وما أكثرَ وجوه الخير، لأولي البصائر والنُهى !