الرئيسة \  واحة اللقاء  \  في الذكرى العاشرة للثورة والحنين للأصل

في الذكرى العاشرة للثورة والحنين للأصل

22.03.2020
د. أحمد موفق زيدان



العرب القطرية
السبت 21/3/2020
عادت أجواء ثورة الياسمين السورية في ذكراها العاشرة تماماً كما بدأت، أجواء الاعتصامات والمظاهرات والشعارات ورفع علم الثورة السورية باعتباره علماً وحيداً وحّد الثائرين المنشقين عن الظلم والاستبداد والاستعباد. عادت أجواء التظاهرات السلمية لتؤكد من جديد أن الشعب السوري لم يرد لهذه الثورة منذ البداية أن تكون دموية قاتلة، ولم يرد لها احتلالات أجنبية استدعتها العصابة الطائفية من أجل قتل من يُفترض أن يكون شعبها.
أعلنت منذ البداية الفعاليات المدنية والنخب المجتمعية في الشمال المحرر رفضها وردّها اتفاق موسكو - أنقرة، القاضي بتسيير دوريات مشتركة روسية - تركية على أوستراد حلب - اللاذقية، وهو الأوستراد المحرر البعيد عن سيطرة الاحتلالين الروسي والإيراني والعصابة الطائفية، بينما رفضت موسكو تسيير دوريات تركية - روسية مشتركة على أوستراد "أم 5" التي تسيطر عليه، وهو ما أزعج الأهالي الذين يرون في تسيير دوريات روسية غسلاً لاحتلال روسي هجّرهم وشرّدهم وقتلهم، بالإضافة إلى تنازل عن المناطق التي نصّ اتفاق سوتشي على كونها للثوار، لكن قضمها الاحتلال وصمت عنها الاتفاق الأخير.
كان اعتصام الكرامة في أريحا أعلى سقفاً من الفصائل الثورية كلها التي التزمت الصمت المطبق إزاء الاتفاق، بينما الرفض والغضب هما الغالبان عليها في المجالس الخاصة، لكن نظراً لتلقّي الكثير منها مساعداته من تركيا فهي عاجزة عن الرفض، ربما باستثناء هيئة تحرير الشام التي انتقدت على استحياء الاتفاق الأخير، ولكن ظلت تتعامل مع مخرجاته بطريقة أو بأخرى.
نجح الاعتصام في عرقلة أول دورية روسية - تركية مشتركة، فحمّلت موسكو المسؤولية للأتراك، وكان اللافت هو اختيار روسيا موعد الدوريات المشتركة يوم الخامس عشر من مارس، وهو يوم ذكرى انطلاق الثورة السورية؛ الأمر الذي يهدف إلى نسف هذه الذكرى التي ينظر إليها كل ثائر سوري على أنها تمثّل مليون شهيد وملايين المشردين والمهجرين.
اعتصام الكرامة شدّ عصب الثورة من جديد، وشدّ معه كل من جلس في بيته غضباً من فصيل أو جماعة، أو غضباً لمصادرة قرار الثورة السورية، وعَجَز السياسيون والعسكريون أن يكونوا بطموحات التضحيات التي بُذلت على مدى عشر سنوات. هذا الاعتصام الذي لم يرفع سوى علم الثورة، وحقق في غضون يومين من انطلاقته وقف تسيير الدوريات المشتركة على الطريق الرئيسي، وهو ما عجزت عنه فصائل وجماعات ثورية، يؤكد من جديد أن القرار هو الحاضنة الشعبية والمجتمعية، لا سيّما أن التحرك الثوري بدأ في الجنوب السوري، وبدأت تظهر معه الكتابات الجدراية في ريف دمشق وحمص والرستن، مؤكدة استمرارية الثورة.
الذكرى العاشرة للثورة التي دخلت هذا الشهر ثورة مدنية في جوهرها ولبها وأصلها، وعودة الشعب إلى هذا الخيار مع انفراج زاوية الفصائل أو بعضها عن أهداف وطموحات الثورة يؤكد من جديد أن مغناطيس الحاضنة الشعبية ومغناطيس الشعب أقوى من مغناطيس الفصائل في جذب الجميع نحو هدف واحد، وهو هدف تحرير القرار السيادي الثوري، وإسقاط النظام ومحتليه بكل مرتكزاتهم وأسسهم.