الرئيسة \  تقارير  \  في إيران... بدأ العد التنازلي لتحقيق هدف في العراق طال انتظاره!

في إيران... بدأ العد التنازلي لتحقيق هدف في العراق طال انتظاره!

07.10.2021
النهار العربي


النهار العربي
الاربعاء 6/10/2021
منذ  حاصر الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش إيران من الغرب والشرق بغزو أفغانستان والعراق، بذلت طهران قصارى جهدها لطرد القوات الغربية من الشرق الأوسط.
ورأى المحلل الإيراني محمد جواد موسوي زاده في مقالته في مجلة "الناشيونال انترست" الأميركية أن إيران تقترب اليوم من تحقيق هدف طال أمده.
فبعدما اغتالت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري" الإيراني قاسم سليماني عام 2020، تمسكت إيران بوجوب الانسحاب الكامل للقوات الأميركية من المنطقة. وفي وقت يرغب الرئيس الأميركي جو بايدن في إخراج الولايات المتحدة من سلسلة من "الحروب الأبدية"، يقدم لطهران فرصة ذهبية لتتخلص من الوجود الأميركي في أفغانستان والعراق.
وأعلن بايدن أن القوات الأميركية ستنهي مهمتها القتالية في العراق وتنسحب مع حلول نهاية عام 2021، مع الحفاظ على المدربين والمستشارين، في سياسة تبدو مدروسة أكثر قليلاً من الانسحاب الفوضوي من أفغانستان، الذي أثار أزمة إنسانية وسلم الدولة لحركة "طالبان".
وتنشر الولايات المتحدة حوالي 2500 جندي في العراق، حيث يقومون بحماية بعض القواعد الاستراتيجية، ومنها قاعدة الحرير في أربيل وقاعدة عين الأسد في الأنبار، ومعسكر النصر في بغداد.
وأكد رئيس قيادة العمليات المشتركة في الجيش العراقي اللواء تحسين الخفاجي لوكالة الأنباء العراقية أن القوات الأميركية بدأت تنسحب بأعداد كبيرة، لافتاً إلى أنَّ الولايات المتحدة لم تقدم أي طلب للحفاظ على وجودها في البلاد. وأضاف أنها أعربت عن التزامها بالاتفاق الذي تم التوصل إليه في حوارها الاستراتيجي مع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، ويقضي بالانسحاب العسكري من العراق مع حلول 31 كانون الأول (ديسمبر).
أما إيران، فتترقب باهتمام بالغ هذه الخطوة التي تأتي لصالحها. وأظهرت تقارير أنها قدمت دعماً عسكرياً لميليشيات عراقية مختلفة في محاولة لتسريع خروج الولايات المتحدة من خلال تحفيز المعارضة ضد وجود الأميركي، إلا أنَّ طهران نفت هذه المزاعم. وفي تموز (يوليو) 2021، أفادت مصادر لوكالة "رويترز" أنَّ قائداً بارزاً في "الحرس الثوري" الإيراني حض الميليشيات الشيعية العراقية على تصعيد الهجمات على الأهداف الأميركية.
في النتيجة، تستفيد إيران مباشرة من الانسحاب الأميركي من العراق، ولم يخف الإسرائيليون مخاوفهم إزاء ذلك. لذا نبه الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الاسرائيلي "الموساد" يوسي كوهين تل أبيب إلى هذا السيناريو الذي سيسمح بسيطرة إيران وحلفائها على الشرق الأوسط، مؤكداً أن ذلك سيشعل فتيل صراع طائفي ويدفع إيران إلى تعزيز وجودها العسكري في الدولة.
وفي العراق، تنتظر الأحزاب العراقية المتحالفة مع إيران والميليشيات الشيعية انسحاب الولايات المتحدة. في المقابل، يرغب الأكراد والأحزاب السنية في بقائها.
وبعد الانسحاب الأميركي، لا شك في أن القوات المدعومة من إيران ستعزز هيمنتها على السياسة العراقية. وكثيراً ما أعربت الميليشيات العراقية، ومنها "كتائب حزب الله" و"الحشد الشعبي" عن معارضتها الشديدة للوجود الأميركي في تلك البلاد.
وأعلن المرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي لرئيس الوزراء العراقي السابق في نيسان (أبريل) 2019: "يجب أن يتخذ العراق إجراءات للتأكد من أن الولايات المتحدة ستسحب قواتها في أقرب وقت ممكن".
ويعتقد بعض المحللين أن انسحاب الولايات المتحدة من العراق، ولا سيما من إقليم كردستان العراق، قد يسمح للحرس الثوري باستغلال فراغ السلطة من خلال إخراج جماعات المعارضة الكردية الإيرانية بالكامل من البلاد.
في كانون الثاني (يناير) 2020، وبعد اغتيال سليماني ونائب هيئة "الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس في بغداد، أصدر البرلمان العراقي قراراً يدعو الحكومة إلى إنهاء وجود القوات الغربية في العراق. مع ذلك، يعتقد المسؤولون العراقيون والشخصيات الموالية للغرب أن هذه الخطوة ستهدد أمن البلاد من خلال تعزيز نفوذ "داعش" والميليشيات المدعومة من إيران. 
وفي وقت يرى البعض في الانسحاب الأميركي تسليماً للبلاد إلى إيران، اعتبر المحلل الإيراني أنَّ وجود عدد محدود من القوات لتدريب الجيش العراقي، واستمرار مبيعات الأسلحة الأميركية، وتعزيز التعاون الاستخباراتي الثنائي قد يحد من قدرة إيران على السيطرة على العراق.
وكتب فريق في مؤسسة"راند" الأميركية في دراسة أجريت عام 2020 حول المخاطر الاستراتيجية المحتمل ظهورها بعد انسحاب الولايات المتحدة، أنَّ القادة الإيرانيين يسعون إلى فرض سيطرتهم على البرلمان والحكومة، للاستفادة من عائدات النفط والاقتصاد المحلي، وعلى قطاع الطاقة العراقي، فضلاً عن الأمن العراقي عبر قوات الحشد الشعبي. ويؤدي اكتساب إيران المزيد من النفوذ في العراق إلى تعزيز موقعها في لبنان وسوريا وقدرتها على إبراز هيمنتها في المنطقة إلى حد كبير، ما يفاقم التهديد للدول المجاورة وإسرائيل.
والواقع أنَّ جهود العراق لتحقيق التوازن بين الولايات المتحدة وإيران تشكل مسألة ذات اهتمام وطني. وبعد الانسحاب الأميركي من الدولة، سيتغير ميزان القوى الداخلي لصالح إيران، الأمر الذي ستعتبره الأخيرة نجاحاً استراتيجياً جديداً.