الرئيسة \  واحة اللقاء  \  يتقاتلون ونسوا أن عدوهم واحد!

يتقاتلون ونسوا أن عدوهم واحد!

12.01.2019
بسام الرحال


حرية برس
الخميس 10/1/2019
ربما لم تنضج حتى الآن الظروف الموضوعية اللازمة لأن تتحول ثورة الحرية والكرامة التي أرادها السوريون وناضلوا من أجلها وقدموا في سبيلها كل غال ورخيص إلى الحد الذي يسمح لها بالانتقال من الدفاع إلى الهجوم، ووقف التدهور والانكفاء الذي ميز السنوات الثلاث الأخيرة منذ انطلاقتها قبل ثمان سنوات.
وليس خفياً ولا سراً توحد الدول الفاعلة في الإقليم والعالم على وقف حالة الجموح والتمدد الذي ميز سنواتها الأولى، وبذل كل جهد ومكر لتحويل مسارها من ثورة شعبية للحرية والعدالة والنهضة إلى مجرد حرب أهلية على النفوذ والمكتسبات المادية والسياسية.
كان محزناً وصادماً الاقتتال الأخير بين بعض من مكونات الثورة السورية والقوى التي طالما كانت في خندق واحد، وتكاتفت وتعاضدت على تحرير الكثير من المناطق يداً بيد، وكتف بكتف، وبذلت معاً الكثير من الدماء في سبيل ذلك، وأبهجت الشعب الثائر وقدمت له أمل لطالما حلم به للتخلص من نير الفساد والاستبداد وإقامة دولة القانون والعدالة وتكافؤ الفرص.
الاقتتال الداخلي ليس قدراً ينبغي على الجمهور العريض للثورة التعايش معه أو قبوله أو تبريره، ويكفيه من الألم ما ناله على مدى سنوات من العدوان والخذلان، وهو الذي حشر بإرادة دولية وإقليمية في بقعة ضيقة لا تحتمل الكثير من الصراعات والتشرذمات.
كما لا ينبغي أن تقع القوى المؤثرة في هذه البقعة في ذات الحفرة كل مرة، والعبور في ممر إجباري جهزه العالم المتآمر على انتفاضتنا دون أن ندري وبدهاء ومكر استخباري لإضعاف الفكرة الحالمة، وجعل فسحة الأمل في الخلاص ضيقة ومستحيلة.
كان حرياّ بالقوى المتصارعة في المناطق المحررة توحيد جهودها والعمل الدؤوب على توحيد الرؤية السياسية والعسكرية، والتقدم نحو تحقيق أهداف الثورة النبيلة بثقة وثبات والتيقن من أن هذا الاقتتال لن يستفيد منه إلا العدو ومن يحالفه، ولن يخدم إلا أعداء الثورة، ولن يساهم إلا في تقسيم مجتمعنا الثائر بين موال لهذا ومعارض لذاك.
لن تحقق الجماهير الثورية أهدافها التي قُتلت وتشردت لأجلها إلا بوحدة كاملة وفي شتى المجالات لتستطيع مواجهة اللحمة الدولية المتآزرة والمتحالفة لوأد فكرتها وحلمها، وعلى كافة القوى المؤثرة في الشمال السوري أن تعي أن تحريرنا للكثير من المناطق ما كان لولا توحدنا ككتلة واحدة وإنكارنا للفصائلية والمناطقية البغيضة.
وعليها أن تعي أن الجزء الصغير من أرضنا الذي حشرنا المجتمع الدولي فيه لا يكفي ولا يحتمل لصراعات داخلية ولا اقتتالات بينية، وأن الكثير من سكان هذا المحرر قد هاجروا إليه من مناطق مختلفة واقعة تحت الاحتلال وتسري قوانين الظالمين وجرائمهم فيها وتعمل على تغير مطرد في تركيبتها الديموغرافية والسكانية.
يجب على الجميع في المناطق المحررة أن يبني سياساته ويقدم خططه على أساس العمل في إدارة عادلة وتشاركية للمنطقة المحررة وبذل كل جهد ممكن لتحرير الأرض وعزل الطغاة، وإجراء ما يلزم من تحالفات وتفاهمات داخلية وخارجية لتحقيق هذا الهدف قبل فوات الأوان.