الرئيسة \  مشاركات  \  ولنا رأي حول قرار ترامب بشأن القدس الشريف

ولنا رأي حول قرار ترامب بشأن القدس الشريف

11.12.2017
هيثم عياش


إذا أصبحتُ رئيسا للولايات المتحدة الامريكية  لن يُعامل المستوطنون الصهاينة معاملة مواطنون من الدرجة الثانية بالنسبة للفلسطينيين واذا ما اصبحت رئيسا لأمريكا فان القدس ستكون عاصمة للكيان الصهيوني ولنقلت سفارة امريكا الى القدس . هذا ما وعد ترامب الصهاينة اثناء حملته الانتخابية لاستلام مفاتيح البيت الابيض وعلى الصهاينة بتنفيذ ترامب وعوده شكره على ذلك.
ترامب  يريد الوقيعة بين المسلمين ومعهم الاوروبيين وبين الولايات المتحدة الامريكية فقراراته بوضع حد لزيارة مسلمين من بعض الدول الاسلامية الى الولايات المتحدة الامريكية قام بتنفيذ بعضها بالرغم من اعلان بعض الولايات الامريكية رفضهم للقرار تعتبر هذه القرارات عنصرية قحة وتمييزا دينيا وتحريضا على الاسلام والاعتراف بالقدس عاصمة للصهاينة لا يعتبر فقط إثارة المسلمين على الولايات المتحدة فقط بل جس نبض الاوروبيين اذا كانوا بالفعل يريدون سلاما لمنطقة الشرق الاوسط بقيام دولة فلسطينية الى جانب الكيان الصهيوني على ارض فلسطين كما ان قراره توسعة الهوة وتعميقها بين الاوروبيين والامريكيين باكثر من ذي قبل وبالتالي ضربة موجعة لدول الخليج العربي الذين عقدوا صفقة اسلحة معه اثناء وجوده في الرياض في وقت سابق من حزيران / يونيو من عام 2017 الحالي متوقعا عدم حدوث اي تغيير على السياسة الخليجية تجاه واشنطن والانتقادات التي صحبت قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة للصهانية زوبعة وفقاعات هوائية ستزول خلال ايام قليلة .
وزير الدولة السابق بوزارة الخارجية الالمانية كرتيستوف تسوبيل الذي يعتبر احد خبراء منطقة الشرق الاوسط المعدودين في المانيا واوروبا ويرأس حاليا خطط تنمية الشرق الاوسط الاقتصادية طالب الاوروبيين باتخاذ سياسة صارمة تواجه سياسة الرئيس الامريكي ترامب فالاوروبيين الذين يؤكدون حرصهم على دولة فلسطينية مستقلة الى جانب الصهانية على ارض فلسطين كانوا اول من عارض الرئيس الفلسطيني محمود عباس عزمه على اعلان دولة فلسطينية مستقلة انتظارا للجهود التي يبلونها لإقناع الصهاينة بقبول خططهم قيام دولة مستقلة  فلسطينية الى جانبهم معتبرا قرار ترامب بشأن القدس نتيجة معارضة الاوروبيين لمحمود عباس وعلى الاوروبيين الالتزام بمسولياتهم تجاه الفلسطينيين التي تعتبر مأساتهم نتيجة لسياسة الاوروبيين واتفاقيات سايكس بيكو ووعد بلفور الذي مضى عليه مائة عام فقرار ترامب جاء تكليلا لوعد بلفور .
قرار ترامب يثبت عدم مصداقية الادارة الامريكية بذل جهودها لانهاء ازمة فلسطين فالقدس موضع نزاع بين الفلسطينيين والصهاينة الذي يصر كل منهما على ان تكون عاصمة لهما وقرار ترامب أفشل أيضا اقتراح ان تكون القدس الشرقية عاصمة لفلسطين وما تبقى منها عاصمة للصهاينة وهو بقراره الاخيرة يساهم بصب الزيت على النار بتشيجعه الصهاينة بقصف غزة وقتل المزيد من الفلسطينيين وبالتالي اجهاض التقارب بين حماس وفتح وتحريضاته على المسلمين وعدم اخذ الاعتبار بشعور الاوروبيين وحساسية الدول الاسلامية دعوة صريحة للاوروبيين والمسلمين على حد سواء لمعاداة الولايات المتحدة الامريكية.
ترامب مغامر غبي بقراره الذي أعلنه فالرئيس الامريكي السايق رونالد ريغان وصف طاغوت ليبيا السابق معمر القذافي بكلب الشرق الاوسط المجنون ويحق للعالم وصف ترامب بمجنون الولايات المتحدة الامريكية لأنه يريد زيادة عدد اعداء العالم للولايات المتحدة الامريكية ، الا انه بالرغم من غبائه يتحلى بالمصداقية فهو قد اعلن اثناء حملته الانتخابية رفضه لاتفاقيات باريس بشأن المناخ واعلن انسحابه من الاتفاقيات عندما استلم الرئاسة الامريكية ووعد الاعتراف بالقدس عاصمة للصهاينة وقام بتنفيذ ذلك وربما يقوم ايضا بتنفيذ وعوده الغاء توقيع بلاده على اتفاقية انهاء ملف ايران النووي .
الاعتراف بالقدس عاصمة للصهاينة جاء استغلالا للفوضى التي يعاني الشرق الاوسط منها فالخلاف  بين دول الخليج الذي يكمن بقطع علاقات السعودية ومعها الامارات المتحدة والبحرين مع قطر وفتور علاقات الدول المذكورة مع تركيا كل ذلك كان وراء تشجيع ترامب بقراره الاخير.
ربما تصبح نبوءة القائد السابق لفرق حلف شمال الاطلسي / الناتو / في اوروبا  جون مكاين واقعية ، فهو قد أعلن على مسامعنا عام 1989  انتهاء الحرب الباردة بانتصار / الناتو / على حلف  / وارسو / العسكري الا ان خلافا تقليديا لاوروبا مع الاسلام سيعود مجددا ، ولما قلنا له ان المسلمين وخاصة العرب منهم يتنازعون مع بعضهم البعض لأتفه الاسباب فهم يعيشون في خلاف وحروب ، قال لنا سيأتي اليوم الذي ينهي هؤلاء خلافاتهم ويشمرون عن سواعدهم لمواجهة العرب وخاصة الولايات المتحدة الامريكية ، كما يؤكد على احتمال ذلك أستاذ  التاريخ السياسي لاوروبا والشرق الاوسط في جامعة مدينة هومبولدت اولريخ فينكلر انهاء الدول الاسلامية خلافاتهم لمواجهة الغطرسة الامريكية الجديدة .
السعودية أساءت لسمعتها كدولة اسلامية هامة بالنسبة للمسلمين ورائدة مسلمي اهل السنة والجماعة منذ قطيعتها لقطر ودعمها الانقالب العسكري الذي أطاح برئيس مصر محمد مرسي اضافة الى انتهاج سياسة غوغائية لا يعرف احد ما الذي ستسفر عنه الايام المقبلة المليئة بالمفاجئات ، فصفقة الاسلحة التي تم التوقيع عليها في الرياض اثناء زيارة ترامب للعاصمة السعودية واجتماعه مغع زعماء الخليج وبعض الدول الاسلامية أساءت الى سمعة الرياض ، فاذا ما أرادت السعودية كسب ثقة المسلمين والعرب من جديد وتؤكد لهم مصداقيتها بأنها ضد أي قرار يستهدف القدس وفلسطين فعليها الغاء صفقة الاسلحة وتغيير جذري لسياستها الخارجية التي تنتهجها حاليا وخاصة مع قطر ، فبالرغم من ان الامارات العربية المتحدة هي وراء  اثارة الفتنة بين الخليجيين الا انها لا تعتبر هامة بالنسبة للمسلمين مثل السعودية .
_____________

كاتب ومفكر سياسي