الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ولايتي في الغوطة!

ولايتي في الغوطة!

15.04.2018
علي نون


المستقبل
السبت 14/4/2018
يتبختر علي أكبر ولايتي في شوارع الغوطة الشرقية، وكأنّه حرّر القدس وجاء ليحتفل بالحدث المزلزل!
في الشكل الكيدي، الكثير من مضمون تلك الخطوة الاستعراضية التي خطاها فوق ركام حاضرة عربية إسلامية أخرى، نُكبت بـ"البعث" وتراكماته. وبالإرهاب المتأسلم وخطاياه. وبالتكالب الدولي وحسابات أصحابه.. ثم بالمشروع الإيراني الحامل للبلايا والواعد بها أينما حطّ وتمكّن.
لم ينتبه سعادة مستشار "الولي الفقيه" إلى زوغان البوصلة التي يتحرك تبعاً لإشاراتها: بدلاً من أن يتفقد "القاعدة الإيرانية" التي قصفها الإسرائيليون في مطار "تي فور" قرب تدمر، والتي يتردّد بأن عدد مَن سقط فيها أكبر من الرقم المُعلن، جاء إلى الغوطة الشرقية! ثم تغاضى، وهو العارف والقاصد، عن حقيقة أن الحسابات التي أفضت إلى سقوط الضاحية الدمشقية الأكثر كثافة، هجّرت مئات الألوف من المدنيين، ولم تفصل بين فعل التهجير، والفعل الآخر المدّعى بإجلاء عناصر الجماعات "الإسلامية" المسلحة، التي جاء العهر السياسي الحديث ليضعها مجتمعة في خانة "الارهاب"! أو أن توُصف من قبل فصائل التنوير الايراني – الأسدي بـ"العصابات المسلحة"!
وفات المستشار المنتشي بكيده فوق ركام الغوطة، أن هذه الناحية العربية الإسلامية، صدّت جماعاته عن أبوابها على مدى سنوات طويلة! وأنها عصت على النار والدمار والميليشيات المذهبية الإيرانية الهوى والأهواء والانتماء! وأنه لولا "الدور" الروسي، الناري والسياسي والديبلوماسي، والصفقات والمبادلات والتسويات الموضعية، وغرابة الميزان الذي يعتمد "المجتمع الدولي" لقياس مستويات وأبعاد التوحّش وانتهاك حقوق البشر، وارتكاب "الجرائم ضد البشرية" بما فيها التطهير العرقي واستخدام الأسلحة "المحرّمة".. لولا ذلك لما أمكن السيد ولايتي الدخول لاستعراض "انتصاره" المدّعى، أو بالأحرى للمسارعة (قبل مَنْ؟!) لادّعاء أبوّة ذلك "الانتصار"!
.. قبل الآن بقليل، وتحديداً بعد سقوط شرق حلب، حرص الروس على إظهار أمرين. الأول، أنّه لولا تدخلهم لما أمكن رئيس سوريا السابق بشار الأسد والميليشيات المذهبية التي أحضرتها إيران، الصمود "لأسبوعين فقط" ولكانت دمشق نفسها "قد سقطت"! والثاني، أن "أولوية" موسكو في تقرير الخطوة التالية، أيّاً تكن، في الشأن السوري، لا تخضع للمساومة! الشراكة تفرضها ضرورات الحرب ووحدة الأهداف المرحلية، لكن المساواة في هذا الشراكة غير ورادة وليست ممكنة! وبهذا المعنى (مثلاً) فإن العلاقة مع إسرائيل أكثر أهمية لموسكو من العلاقة مع طهران! والغارات الجوية (الإسرائيلية) المتكررة خير دليل على ذلك!
.. في مضمون استعراض ولايتي فوق أشلاء الغوطة، إصرار على إظهار أسباب الفتنة المذهبية التامّة! وعلى وضعها في رأس جدول أعمال (وانتقام!؟) صاحب المشروع الإيراني! والاستثمار في نكبة أصابت مئات ألوف المدنيين، وتوظيفها في سياق معارك إيران مع محيطها العربي.. كما في سياق النهج التعبوي الذي تحاول القيادة في طهران بيعه للإيرانيين كبديل "انتصاري" عن وقائع الفشل والإنكسار الداخليين بعد أربعة عقود من "الثورة".
ما أراده ولايتي من عراضته هو التأكيد أن "الأعداء" الذين انهزموا في الغوطة، هم "كل" أهل الغوطة، وليست عناصر الجماعات المسلحة منهم فقط.. وهذا في كل حال، واضح سلفاً، وما كان ليستحق أي جهد إيراني إضافي، وبتلك الطريقة المعيبة!