الرئيسة \  واحة اللقاء  \  وسط صمت روسي: تركيا تعلن الاتفاق على المعايير المحددة لعمل الممر الأمني في إدلب

وسط صمت روسي: تركيا تعلن الاتفاق على المعايير المحددة لعمل الممر الأمني في إدلب

16.03.2020
منهل باريش



الشرق الاوسط
الاحد 15/3/2020
من المتوقع أن تنطلق الدوريات الروسية التركية المشتركة على طريق M4 صباح اليوم الأحد، حسب نص البروتوكول الإضافي الذي وقع في موسكو بين الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب اردوغان، في الخامس من آذار/مارس 2020.
وبعد أسبوع من المفاوضات بين وزارتي دفاع البلدين في العاصمة أنقرة، أعلن وزير الدفاع التركي، خلصوي أكار، الجمعة أنه “تم التوقيع على نص الاتفاق وهو دخل حيز التنفيذ” مشيراً إلى “نفعل أولى خطواته من خلال تنظيم دورية مشتركة على طريق M4 بتاريخ 15 اذار/مارس”.
وأوضح أكار أن الدوريات المشتركة مع روسيا على الطريق الدولي M4 في سوريا “ستساهم بشكل كبير في ترسيخ دائم لوقف إطلاق نار”. مضيفاً أن الاتفاق أقر “إنشاء مراكز تنسيق مشتركة مع روسيا ليتم من خلالها إدارة العمليات الثنائية في إدلب ومراقبة وقف إطلاق النار” من دون تحديد منطقة عمل المراكز المشتركة. وشدد على أن هدف بلاده هو “جعل وقف إطلاق النار في إدلب دائما، قمنا بدورنا بما يترتب علينا من أجل ذلك، والروس أظهروا موقفا بناء في هذا الخصوص”.
في سياق متصل، نفت وزارة الدفاع التركية في بيان لها، الجمعة، سحب السلاح الثقيل من نقاط مراقبتها في إدلب، وقال البيان: “تواصل نقاط المراقبة التابعة لنا في إدلب تنفيذ مهماتها، ولا حديث عن سحب الأسلحة الثقيلة منها”. ولفتت الدفاع التركية إلى أن المفاوضات “جرت في أجواء إيجابية وبناءة”.
تصريحات أكار، تزامنت مع استقباله، نظيره، وزير الدفاع البريطاني بن والاس وتوجههما إلى الشريط الحدودي بين تركيا وسوريا، واطلاعهما على أوضاع النازحين السوريين في المنطقة من خلال اجتماع عقداه مع المنسق الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية في الأمم المتحدة، كيفن كينيدي.
واجتمع الوزيران في مخفر بوكولماز العسكري المجاور لبلدة أطمة السورية، أو مخفر “الشهيد حسين كوروتش” في ولاية هاتاي بالقرب من معبر أطمة العسكري، والذي سمي على اسم الجندي التركي الذي اغتيل برصاص قناصة من قوات حماية الشعب الكردية 2017. واطلع الوزيران على وضع اللاجئين ومخيم أطمة في الجانب السوري من برج المراقبة في المخفر. وأشارت وزارة الدفاع التركية إلى أن أكار بحث مع والاس “قضايا دفاعية وأمنية إقليمية في مقدمتها إدلب السورية”. وأفاد البيان أن الوزير البريطاني وصل أنقرة “استجابة لدعوة نظيره التركية”. وشدد الوزيران على حزمهما في منع المأساة الإنسانية في منطقة خفض التصعيد في إدلب، ووقف إراقة الدماء بالمنطقة.
روسيا من جهتها، فضلت الصمت ولم تعلق على الإعلان التركي حول المعايير المحددة لعمل الممر الأمني بين وزارتي دفاع البلدين والذي منح فرصة سبعة أيام لتحقيقه، قبل بدء تسيير الدوريات المشتركة.
وركزت الدبلوماسية الروسية انتقادها للفصائل “غير المقربة من تركيا” حسب وصفها، وعلى رأسها “أجناد القوقاز” و”الحزب الإسلامي التركستاني” من أقلية الأيغور الصينية المسلمة و”جبهة النصرة” في حلب.
وتعليقا على خروقات الاتفاق، قال مدير مركز المصالحة الروسي في سوريا “مركز حميميم” اللواء أوليغ جورافلوف إن قواته “لم تسجل أي عمليات قصف خلال الـ24 ساعة الماضية من قبل التشكيلات المسلحة غير الشرعية الخاضعة لأنقرة”.
وأكد اللواء جورافلوف استمرار عمل “قناة الاتصال الخاصة للتعاون العسكري بين حميميم وأنقرة”. في حين تسهل القناة وصول القوافل العسكرية التركية إلى نقاط المراقبة التركية في منطقة خفض التصعيد في إدلب من دون التعليق على حصارها.
في المقابل، يستعد النظام السوري لفتح طريق الترانزيت M4 وأعرب وزير نقل النظام علي حمود عن أهمية الطريق اقتصاديا، وأن “أهميته الاستراتيجية تتمثل في ربط العراق بالبحر عبر مرفأ اللاذقية، وبالتالي تسهيل وتيسير حركة تدفق البضائع إلى البحر وبالعكس” ولفت إلى الجهد الكبير على مدى سنوات عدة لبنائه. ويمر الطريق عبر جسور عملاقة بين الجبال 89 جسراً منها بطول حوالي 300م فوق الوديان والمنحدرات تتوزع بين 51 جسرا علويا و23 جسرا سفليا عاديا و15 جسرا سفليا عملاقا إضافة إلى 250 عبّارة و51 تحويلة طرقية، و15 عقدة طرقية، و412 عبّارة ومعابر صغيرة، بمواصفات فنية وسلامة مرورية عالية المستوى.
وبدأ النظام السوري حملة تنظيف الأتربة والسواتر على الطريق في محافظة اللاذقية وصولا إلى خط التماس، على مسافة 7 كم من نقطة عين حور.
وفي سياق منفصل، يبدو أن أزمة النازحين في شمال سوريا واحدة من أوراق الضغط التركية على روسيا، من أجل وقف الهجوم والمعارك في إدلب. وتدغدغ فكرة عودة اللاجئين الكرملين على اعتبار أنها المشروع الهام للرئيس بوتين الذي بادر لعودة اللاجئين واعطاهم مشروعه ضمانات أمنية بعدم التعرض والاعتقال، إلا أنها اصطدمت برفض كبير من النظام الذي فضل اعتقال العائدين وابتزازهم أو فرض تسويات أمنية تؤدي إلى سوقهم إلى جيشه.
إلا أن قضية إعادة اللاجئين لا تؤرق موسكو، فروسيا تركز استراتيجيتها على استعادة السيطرة على كامل مناطق المعارضة وتنظر إلى أن كسب الأرض هو نزع أوراق القوة من المعارضة وبالتالي تجاوز مرجعية جنيف والقرارات الأممية، كون المنتصر من سيفرض شروطه في مستقبل الحل السياسي لسوريا. ولكن موسكو، تفضل منح الوقت لتركيا من أجل استيعاب نزوح أكثر من مليون مدني، 300 ألف منهم تقريبا وصلوا إلى مناطق السيطرة التركية في عفرين وريف حلب الشمالي ومن ثم البدء بعملية قضم جديدة.
ويتعلق السوريون بقشة عودتهم إلى قراهم التي هجروا منها، رغم تراجع الرئيس التركي عن طرح إعادة النظام إلى ما بعد نقاط المراقبة التركية من خلال توقيعه على اتفاق موسكو في 5 آذار/مارس الجاري. ومن غير المفهوم أن ما تم طيه وتجاوزه في صلب الاتفاق كيف ستفسره معايير فتح الممر الأمني، ويشيع البعض مسألة انسحاب النظام من قرى وبلدات طريق M5 من أجل عودتهم مع بقائها تحت النفوذ الروسي.
إن الصمت الروسي، حول اتفاق الوفدين العسكريين في أنقرة، لا يطمئن من اكتوى بنيران التفسيرات الروسية لكل الاتفاقات بين الجانبين، ما دامت شماعة التنظيمات الجهادية موجودة بشكل دائم لدى الروس.
ويبقى اتفاق فتح الطريق، هشا للغاية، مع عدم وجود تفاصيل واضحة، وتبقى المعايير المتفق عليها في أنقرة مجرد اتفاق سيناريو الروس للالتفاف عليه أضف أن فكرة تسيير الدوريات الروسية على الطريق مع وجود فصائل المعارضة، هو أمر لن تتقبله روسيا، فهو يضع جنودها تحت التهديد المباشر، بل ستكون أي عملية ضد الدورية الروسية بمثابة إعلان حرب على ما تبقى من مناطق إدلب.