الرئيسة \  تقارير  \  وسط خلاف دولي.. ما بدائل غوتيريش لاختيار مبعوثه إلى ليبيا؟ (تحليل)

وسط خلاف دولي.. ما بدائل غوتيريش لاختيار مبعوثه إلى ليبيا؟ (تحليل)

09.12.2021
الأناضول


إسطنبول / الأناضول
الاربعاء 8/12/2021
الجمعة المقبلة، ستصبح استقالة السلوفاكي يان كوبيتش، من منصب المبعوث الأممي إلى ليبيا، سارية المفعول، ما قد يجعل المنصب شاغرا، في ظل خلاف دولي حول اسم الشخصية التي ستخلفه، قبيل أسبوعين من موعد الانتخابات الرئاسية.
وتداولت وسائل إعلام عربية وغربية عدة أسماء لخلافة كوبيتش، بينها الدبلوماسي البريطاني نيكولاس كاي، ومنسق البعثة الأممية في ليبيا، الزيمبابوي ريزدون زنينغا، وكذلك الأمريكية ستيفاني ويليامز، المبعوثة الأممية السابقة بالإنابة لليبيا.
ويذكرنا التنازع بين الأطراف الدولية حول تسمية مبعوث الأمين العام الأممي إلى ليبيا، بما جرى في مارس/ آذار 2020، عندما استقال اللبناني غسان سلامة من هذا المنصب، ولم يتم حسم اسم خليفته إلا بعد 10 أشهر، رغم تداول عدة أسماء رفضت جميعها، من هذا الطرف أو ذاك.
ويتكرر نفس المشهد حاليا بعد استقالة كوبيتش، لكن ليبيا ليست في سعة من الوقت لانتظار أشهر طويلة لاختيار مبعوث أممي جديد، خاصة أنها تعيش مخاضا سياسيا عسيرا لتنظيم انتخابات مصيرية، إما ستؤدي لإنهاء أزمة الشرعية في البلاد، أو ستدخلها في مستنقع جديد من العنف المدمر.
إلا أن الأمم المتحدة، تدرك أن أي فراغ في منصب بعثتها بليبيا سيترك آثارا سلبية على المشهد الليبي، والانقسام الدولي بشأن الشخصية التي ستخلف كوبيتش، يضاعف من تباعد وتشظي المواقف بين مختلف الفاعلين السياسيين والعسكريين في البلاد.
وهذا ما دفع المتحدث الأممي ستيفان دوجاريك، للتوضيح بأن "الأمين العام (غوتيريش) يعمل لإيجاد البديل المناسب. نحن على دراية كاملة بمواعيد الانتخابات، ونتحرك بأسرع ما يمكن لضمان استمرارية القيادة".
وفي تصريح أدلى به في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني المنصرم، قال دوجاريك: "أوضح كوبيتش أنه لن يغادر اليوم (...) هو أكثر حرصا من أي شخص آخر على عدم اختلال المهمة بأي شكل أو بأي صورة".
وقدم كوبيتش، استقالته في 17 نوفمبر، بحسب ما أعلن في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن، وقبلها غوتيريش في 23 من الشهر ذاته، على أن تسري في 10 ديسمبر/ كانون الأول الجاري (الجمعة).
** واشنطن وموسكو والكتلة الإفريقية
وتتصارع على تسمية مبعوث أممي إلى ليبيا ثلاث كتل رئيسية، الأولى تتزعمها الولايات المتحدة وخلفها كل من بريطانيا وفرنسا، دائمتي العضوية، إضافة إلى دول أوروبية غير دائمة العضوية، والتي عارضت بشدة تسمية شخصية إفريقية لهذا المنصب، وتفضل أن يكون المبعوث الأممي أمريكيا أو أوروبيا.
أما الكتلة الثانية فتقودها روسيا وتدعمها الصين، وعارضت عدة مرات ترشيح الولايات المتحدة أسماء أوروبية، أو حتى التمديد للأمريكية ويليامز، ولو بالإنابة على رأس البعثة الأممية، وتفضل بالمقابل أن يتولى هذا المنصب شخصية عربية إفريقية.
وتتقارب مواقف روسيا مع الكتلة الإفريقية، التي لا تملك أي من دولها مقعدا دائما في مجلس الأمن، لكنها تحوز مقعدين غير دائمين إلى ثلاثة مقاعد في المجلس (النيجر وكينيا تمثلان حاليا الكتلة الإفريقية، إلى جانب تونس التي تمثل الكتلة العربية).
وتطالب الكتلة الإفريقية أن يكون المبعوث الأممي إلى ليبيا من القارة السمراء، خاصة وأنها بلد إفريقي، ومع ذلك لم يعين حتى الآن أي مبعوث أممي إليها من إحدى دول الاتحاد الإفريقي، وهو ما تعتبره تهميشا لها في أحد الملفات التي تعنيها بشكل مباشر.
** كاي.. البريطاني الذي اعترضت عليه روسيا
تم تداول اسم الدبلوماسي البريطاني كاي، الذي عمل ممثلا خاصا للأمم المتحدة في الصومال منذ الأيام الأولى لاستقالة كوبيتش، وكان من المتوقع أن لا تعترض واشنطن عليه مثلما فعلت مع عدة أسماء في 2020، إلا أن الاعتراض جاء من روسيا.
وبحسب صحيفة فورين بوليسي الأمريكية، واستنادا إلى مصدرين دبلوماسيين، فإن روسيا منعت تعيين كاي، الممثل الأممي الخاص للصومال سابقا، مبعوثا للأمم المتحدة إلى ليبيا.
ولفتت الصحيفة، إلى أن ذلك جاء في سياق توترات مستمرة بين بريطانيا وروسيا، حيث منعت موسكو في السابق تجديد تعيينات العديد من خبراء لجان العقوبات التابعين للأمم المتحدة.
واحتجت موسكو على ما تعتبره انتشارا للمواطنين البريطانيين، وكثير منهم يحملون جنسية مزدوجة، وحصلوا على وظائف مؤثرة في الأمم المتحدة، وفق الصحيفة الأمريكية.
** زنينغا.. مرشح إفريقي على خطى ويليامز
يحظى الزيمبابوي زنينغا، بدعم إفريقي لخلافة كوبيتش، في ظل عدم اتفاق أعضاء مجلس الأمن الدولي على أي من الأسماء المطروحة لتولي منصب مبعوث أممي إلى ليبيا.
ومنصبه منسقا للبعثة الأممية في ليبيا، يجعله الأقرب إلى أن يخلف كوبيتش، ولو بالنيابة، على غرار ويليامز، مساعدة المبعوث الأممي السابق غسان سلامة، التي تولت هذا المنصب بالنيابة طوال 10 أشهر.
ولأن موعد الانتخابات الليبية لم يبق له سوى أيام وليس أسابيع، فإن غوتيريش، الذي يبحث عن "بديل أسرع"، قد يلجأ إلى زنينغا، بوصفه خيارا مؤقتا إلى حين اجتياز مرحلة الانتخابات، والتوافق على مرشح آخر لقيادة البعثة الأممية.
إلا أن الولايات المتحدة قد تقف ضد هذا الخيار مثلما فعلت مع مرشحين أفارقة آخرين في 2020، خاصة أن زنينغا لم يقدم منذ تعيينه منسقا للبعثة الأممية بطرابلس في يناير/ كانون الثاني الماضي، إضافة بارزة للحل في ليبيا يمكن الإشادة بها.
** كوبيتش قد يخلف نفسه
حالة الانسداد متعددة الأوجه أمام الأمين العام الأممي لاختيار بديل سريع لكوبيتش، قبل أن تنهار العملية الانتخابية في ليبيا، قد تدفعه لطلب تأجيل قبول استقالة الأخير إلى ما بعد الاستحقاق، مقابل عمله من جنيف بدل الذهاب إلى طرابلس.
فكوبيتش نفسه أعرب عن استعداده "لمواصلة عمله مبعوثا خاصا، لفترة انتقالية، تشمل فترة الانتخابات، وتضمن استمرار العمل".
واشترط كوبيتش، أن "يكون هذا الخيار قابلا للتنفيذ"، في إشارة إلى ضرورة أن يواصل عمله من جنيف بدل طرابلس.
حيث برر استقالته، خلال إحاطته أمام مجلس الأمن بأن "هناك حاجة لأن يكون رئيس البعثة السياسية للأمم المتحدة موجودا في طرابلس" وأنه استقال "لتهيئة الأجواء لتحقيق ذلك".
وفي حالة داهم الوقت غوتيريش، وقوضت الخلافات الدولية خططه لتسمية مبعوث جديد، فقد يرضخ مؤقتا لشرط كوبيتش بالعمل من جنيف بدل طرابلس، لإنقاذ مسار الانتخابات الليبية من الانهيار.
** ويليامز.. هل تكمل ما تركته خلفها؟
في ظل صعوبة توافق أعضاء مجلس الأمن على شخصية بعينها، في أسرع وقت، لجأ غوتيريش إلى خيار ذكي، حيث عين الاثنين الأمريكية ويليامز، مستشارة خاصة له في ليبيا، بدل اقتراحها رئيسة للبعثة الأممية في البلاد.
ولجأ غوتيريش إلى هذا الخيار "لتجنب إجراء تصويت آخر مثير للجدل في مجلس الأمن"، بحسب مقال "فورين بوليسي"، نقلا عن دبلوماسيين.
فويليامز، تعرف جيدا تفاصيل الملف الليبي، وكان لها الفضل في توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين الأطراف الليبية بجنيف، في 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2020.
كما أشرفت على اختيار ملتقى الحوار السياسي بتونس، الذي انتخب فيما بعد أعضاء المجلس الرئاسي ورئيس حكومة الوحدة الوطنية، وحدد تاريخ الانتخابات في 24 ديسمبر.
ولم يكن بالإمكان تعيين ويليامز، مبعوثة أممية إلى ليبيا، لأن مثل هذه الخطوة ستجد دون شك رفضا قاطعا من موسكو، في إطار الصراع بين الكتلتين الروسية والأمريكية داخل مجلس الأمن.
إذ سبق لموسكو أن أوقفت في 2020 "خطة غوتيريش لجعل ويليامز ممثلته الخاصة رسميا، واعترضت على خطته الطارئة لتمديد تفويضها رئيسة للبعثة بالإنابة".
فعودة ويليامز إلى ليبيا ولو بجبة مستشارة غوتيريش الخاصة من شأنها ضبط بعض التفاصيل التي فلتت من أيدي كوبيتش، واستكمال ما بدأته منذ مارس 2020.
أما اختيار المبعوث الأممي الجديد فقد يترك لينضج على نار هادئة، لأشهر أخرى.