الرئيسة \  تقارير  \  فورين أفيرز: لا يمكن لواشنطن أن تركز على الصين بينما تستهين بقوة روسيا

فورين أفيرز: لا يمكن لواشنطن أن تركز على الصين بينما تستهين بقوة روسيا

24.10.2021
الجزيرة


الجزيرة
السبت 23/10/2021
كرس موقع مجلة فورين أفيرز الأميركية (Foreign Affairs) إحدى مقالاته ربع السنوية المطولة للسياسة الخارجية لإدارة الرئيس جو بايدن فيما يتصل بتقييم "الخطر" الذي تواجهه الولايات المتحدة من الصين وروسيا، قائلة إنه لا ينبغي لأميركا أن تتجاوز أسطورة أن روسيا قوة متدهورة، مؤكدة أن موسكو ستظل أحد مراكز القوة العالمية ولا يمكن لواشنطن أن تركز على الصين بينما تتجاهل روسيا.
وقال كاتبا المقال مايكل كوفمان وأندريا كيندال تايلور إن إدارة بايدن جاءت إلى السلطة مع أولوية واضحة لا لبس فيها في السياسة الخارجية: مواجهة الصين الصاعدة سيكون محور اهتمام واشنطن للأمن القومي، إلى جانب التهديدات العابرة للحدود الوطنية مثل تغير المناخ ووباء "كوفيد-19، أما قضية التعامل مع روسيا فلم تجد الاهتمام المناسب منها.
موسكو لا تزال قوة عالمية
وأوضح المقال أن بايدن ليس أول زعيم أميركي يفكر في هذا الاتجاه. فقد ظل السياسيون الأميركيون منذ نهاية الحرب الباردة يقولون إن أيام موسكو كقوة عظمى عالمية حقيقية أصبحت معدودة.
وفند الكاتبان بكثير من التفاصيل الحجة القائلة بالتراجع الروسي، مثل تقلص عدد سكان روسيا واقتصادها الراكد والمعتمد على الموارد الطبيعية، واستشراء الفساد في النظام بأكمله وهيمنة الشركات غير الفعالة المملوكة للدولة، والعقوبات الدولية التي تقيّد روسيا من الوصول إلى رأس المال والتكنولوجيا، والصعوبات التي تواجهها في تطوير المواهب العلمية والاحتفاظ بها وجذبها؛ وسوء الإدارة البيروقراطية.
وقالا إنه من الطبيعي، مع مثل هذه النظرة الكئيبة لروسيا أن نفترض أن قدرتها على التسبب في الاضطراب والعداء على المسرح الدولي سوف تتضاءل قريبا أيضا، وأن موارد الكرملين سوف تنفد بسبب سياستها الخارجية العدوانية، لكن هذه النظرة تتجاهل الصورة الأوسع، فهي تسلط الضوء على نقاط ضعف روسيا وتقلل من نقاط قوتها.
القوة العسكرية لموسكو
ومع موافقة الكاتبين إلى حد ما على نقاط الضعف الروسية التي ذُكرت، فإنهما ركزا على أن روسيا ستبقى قوة عسكرية لا يستهان بها، مشيرين إلى أن هذه القوة ظلت تعوّض عن اقتصاد البلاد غير المتنوع نسبيا، والتخلف التكنولوجي، والافتقار إلى الديناميكية السياسية.
وأشارا إلى أن روسيا ستظل النظير الأساسي للولايات المتحدة في مجال تكنولوجيا الأسلحة النووية، كما أنها تمتلك أقوى جيش تقليدي في أوروبا، والذي أعيد تشكيله بعد فترة من الإصلاحات العسكرية والاستثمارات منذ عام 2008، وقد تم تجاهل هذا التحول إلى حد كبير قبل عام 2014، وهو ما يفسر سبب أخذ التحركات العسكرية الروسية في أوكرانيا، ثم في سوريا لاحقا، العديد من المحللين الغربيين على حين غرة.
وجددا التأكيد على أن الجيش الروسي اليوم في أعلى مستوى من الجاهزية والتنقل والقدرة التقنية منذ عقود، في حين يظل الناتو متفوقا على الورق، بالإضافة إلى ذلك تمتلك روسيا أيضا مجموعة مرنة من القوات الخاصة والمرتزقة وعملاء المخابرات العسكرية، مع إضافة مكانتها كقوة رائدة في الفضاء أو قدراتها الواسعة في الحرب الإلكترونية، والتي تم إثباتها مؤخرا حيث اخترق المتسللون الروس العديد من الوكالات الحكومية الأميركية وتجسسوا عليها.
منافس طويل المدى
وقالا يجب أن تفكر الولايات المتحدة في روسيا ليس كقوة متدنية بل كقوة ثابتة ومستعدة وقادرة على تهديد مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة على مدى السنوات العشر إلى العشرين القادمة على الأقل، وحتى إذا أثبتت الصين أنها تمثل التهديد الأكثر أهمية على المدى الطويل، فإن روسيا ستظل أيضا منافسا طويل المدى، ولا يزال الفضاء السوفياتي السابق عبارة عن صندوق بارود.
وبغض النظر عن مدى رغبة واشنطن في التركيز على منطقة المحيطين الهندي والهادي، يجب أن تنظر في احتمال اندلاع حرب روسية أوكرانية أخرى، أو صراع عسكري ناتج عن الاضطرابات السياسية في بيلاروسيا، أو أزمات شبيهة بحرب ناغورنو قره باغ عام 2020.
وسلط الكاتبان الضوء على جانب آخر "يجب أن يثير قلق أميركا" وهو أن موسكو تجد بشكل متزايد قضية مشتركة مع بكين، إذ شكلت الحكومتان شراكة إستراتيجية، وتتبادلان الدعم الفني والمادي لموازنة الضغط الغربي، مع تركيز مواردهما على التنافس مع الولايات المتحدة بدلا من التنافس مع بعضهما البعض.
كما نما تعاونهما الدفاعي والعسكري، مشيرين إلى أن تأثير هذا التعاون سيكون أكبر من مجموع أجزائه، مما يضخم التحدي لمصالح الولايات المتحدة الذي تفرضه كل دولة على حدة، وبالتالي، لن يكون التحدي هو مجرد إعطاء الأولوية للصين وروسيا بشكل صحيح في إستراتيجية الولايات المتحدة، ولكن الاعتراف بأن المشاكل التي يطرحها البلدان ليست بالضرورة قابلة للفصل.
الدفاع عن الديمقراطية
وأخيرا، يقول الكاتبان يجب أن تكون واشنطن أكثر جرأة في جهودها للدفاع عن الديمقراطية ضد التخريب الخارجي، يجب عليها وعلى حلفائها وشركائها تكثيف ردودهم الجماعية على الحرب الإلكترونية لموسكو، والتدخل في الانتخابات، وغيرها من الإجراءات التي تهدد صحة أنظمتها السياسية والاقتصادية.
ويتطلب ذلك أيضا معالجة العمل مع شركاء ديمقراطيين متشابهين في التفكير في المنظمات الدولية، مثل الاتحاد الدولي للاتصالات، للتأكد من أن بكين وموسكو ليستا من يكتب القواعد والمعايير الرقمية للمستقبل.
وختما بالقول إن قوة الجاذبية للتهديد الذي تشكله الصين الصاعدة أمر مفهوم، لكن الولايات المتحدة قادرة على التعامل مع قوتين في آن واحد: الصين، تهديد يتطور، وروسيا، تهديد مستمر.
المصدر : فورين أفيرز