الرئيسة \  واحة اللقاء  \  وفد روسي “بثقل دولة” يزور دمشق… أهداف عديدة على رأسها دعم النظام السوري 

وفد روسي “بثقل دولة” يزور دمشق… أهداف عديدة على رأسها دعم النظام السوري 

08.09.2020
هبة محمد



القدس العربي 
الاثنين  7/9/2020 
دمشق – "القدس العربي" : تتجه الأنظار إلى العاصمة السورية دمشق، حيث يزورها اليوم الاثنين، وفد روسي على رأسه نائب رئيس الوزراء الروسي يوري بوريسوف، ووزير الخارجية سيرغي لافروف، في اجتماعات تأخذ طابعاً اقتصادياً وسياسياً، وتحمل أوجهاً عدة ، منها ما يتعلق بالتأكيد على الدعم الروسي العسكري والسياسي لنظام الأسد، إضافة إلى مناقشة الملفات السورية المحلية، وكيفية إدارة العالق منها، فضلاً عن البحث عن حلول لمواجهة "قانون قيصر"، وإدارة ملف العقوبات الأمريكية على النظام السوري، بدون أن يخلو الحديث عن قضايا الوجود الروسي العسكري في سوريا وكيفية زيادة الاستثمار فيه محلياً وإقليمياً. 
دعم روسي 
وتستمر زيارة الوفد الروسي، ساعات عدة، ومن المقرر أن تنتهي بمؤتمر صحافي يعقد بمشاركة الوزيرين وزير خارجية النظام وليد المعلم ونظيره لافروف، حيث ذكرت صحيفة "الوطن" شبه الرسمية "أن وفداً روسياً رفيع المستوى برئاسة نائب رئيس الوزراء الروسي يوري بوريسوف سيصل دمشق في زيارة عمل تستمر ساعات عدة يلتقي خلالها الرئيس بشار الأسد وعدداً من كبار المسؤولين السوريين، وسيرافق بوريسوف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ومعاونه ميخائيل بوغدانوف". 
بعد غياب 8 سنوات عنها… هذه أبعاد زيارة لافروف للعاصمة السورية 
ونقلت الصحيفة عن مصدر دبلوماسي غربي، "أن الزيارة تأخذ طابعاً اقتصادياً وسياسياً، إذ ترفض موسكو العقوبات أحادية الجانب المفروضة على الشعب السوري، وتعمل مع شركائها الدوليين على إلغائها أو التخفيف منها من خلال مساعدات واتفاقيات توقعها مع الجانب السوري". 
وتأتي زيارة الوفد الروسي، الذي يضم وزير الخارجية لافروف بعد غياب 8 سنوات عن دمشق، وذلك في أعقاب اجتماعات جمعته بالمبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون ناقشوا خلالها موقف موسكو من مفاوضات اللجنة الدستورية في جنيف. 
أستاذ علم الاجتماع السياسي الدكتور مهند الضاهر يقول "يبدو أن ثمة حلولاً تلوح في الأفق، زيارة لافروف ستعطي دفعة معنوية ودفعة إيجابية ربما للضغط على التركي وغيره للقبول بحلول ترضي الجميع، وأظن مجيء لافروف سيأتي في إطار جولة زيارة للمنطقة لا تخلو من اتفاقات ما مع الأمريكي الذي يريد بعض الحلول التي ترضيه خاصة بشأن قضية "قسد". 
"لافروف يأتي بثقل دولة عظمى"، حسب وصف الضاهر لوكالات إعلام روسية وذلك "للضغط على جميع الأطراف وأولها التركي وهذا الضغط ربما سيؤدي إلى الحل السياسي، زيارة لافروف لن تقف عند سوريا بل تتعداها إلى تركيا وهذا يعني أنني أتحدث عن الملف الليبي وما يفعله التركي في ليبيا وموضوع لبنان سيكون أيضاً في الأولويات الروسية كما هو أولوية صينية وأمريكية. هذه المشاريع لا بد أن تتقاطع بشكل من الأشكال ومن مصلحة الجميع تحقيق الهدوء والاستقرار في سوريا". 
وتحدث الضاهر عن رغبة الجانب الروسي بإيجاد حل للملف الكردي، على أن يكون هناك تصالح مقابل إخراج "الأمريكي من سوريا، بالإضافة لتنسيق عمل عسكري في إدلب". 
الخبير السياسي رشيد الحوراني اعتبر أن زيارة لافروف إلى دمشق، تأتي في إطار التأكيد على الدعم الروسي لنظام الأسد "العسكري والسياسي" وذلك حسب التصريحات الصادرة عن وسائل إعلام روسية والتي ذكرت أن الزيارة ستناقش الجوانب السياسية والاقتصادية بين الطرفين، ولا شك أنها ستناقش الجوانب العسكرية الميدانية. 
وقال الحوراني لـ"القدس العربي"، الزيارة الروسية تأتي في ضوء التطورات الأخيرة، ووصول روسيا إلى أفق مسدود، إذ يبدو أن الأجندة ستناقش ملفات عدة أولها "خلط الأوراق في شمال غربي سوريا بعدة أساليب منها الادعاء بهجمات لفصائل متطرفة وهمية أنتجتها ماكينة الحرب النفسية الروسية ككتائب خطاب الشيشاني، لتقول روسيا للرأي العام العالمي إن متطرفين من الشيشان يحاربونها في سوريا ولا بد من التخلص منهم، وخلق المبرر وتأليب الرأي العام لدعم عملياتها، أو من خلال استهداف الجيش التركي وإطلاق النار على عناصره من خلال تجندهم في المنطقة المحررة مستغلة ضعف الجانب الأمني فيها". 
وركّز المتحدث على ملف شمال شرقي سوريا، الذي لن يكون بمعزل عما يدور في الزيارة وذلك "من خلال كسب ود العشائر ووضعها لمواجهة الغزو أو الاحتلال الأمريكي، ووضع الجيش الامريكي في حالة مشابهة لحالته في العراق والاستهداف المستمر مما دفع به إلى الانسحاب من العراق، ومناقشة روسيا هذا السيناريو مع النظام". 
فضلاً عن الجانب الاقتصادي الذي سيكون حاضراً بقوة "خاصة عن توسع الاستثمار الروسي في منطقة الساحل التي بات أشبه بمستعمرة روسية، كما ستكون مناقشة الوجود الإيراني وتحركاته في جنوب سوريا حاضرة في اللقاءات، ولا أستبعد أنه بعد انتهاء الزيارة للوفد الروسي ستكون هناك زيارة لمسؤولين إيرانيين قد تكون معلنة أو غير معلنة للوقوف على زيارة الوفد الروسي والتنسيق مع النظام بخصوصها لأن النظام بات أميل إلى الجانب الإيراني منه إلى الجانب الروسي، وذلك بسبب مضي الأخير في مشروعه إلى النهاية مهما كانت النتائج". 
أما الحديث عن محادثات تخص العملية السياسية وفق المرجعيات الدولية، فرأى الخبير السياسي أنها بعيدة عن ذلك، أو قد تكون في إطار التخطيط لها وفق المناورة الروسية التي باتت مكشوفة. 
أهمية سوريا 
وبرأي خبراء لـ"القدس العربي"، فإن الزيارة الروسية مهمة لدمشق لعدة أسباب، تحدث عنها الباحث السياسي لدى مركز “عمران للدراسات”، بدر ملا رشيد والذي اعتبر أن الاجتماعات تحمل أهمية بالغة للنظام السوري، لعوامل عدة منها تتعلق بشخصية لافروف ودوره المحوري سواءً في السياسة الروسية الخارجية بشكلٍ عام، والملف السوري بشكلٍ خاص. 
وقال رشيد لـ"القدس العربي"، "من المعروف أن لافروف يدير الملف بوصفه وزير الخارجية، بالإضافة إلى ما يظهر من تكليفٍ كامل له من قبل الرئيس الروسي، بحيث يستطيع لافروف تجهيز الاتفاقيات مع الدول الفاعلة في الملف السوري، ولتكون الكلمة الأخيرة فيه لبوتين". 
أيضاً هناك عوامل تتعلق بالملف السوري وتطوراته، "وما صدر من تصريحات حول وجود "أجواء إيجابية" تخللت اجتماعات اللجنة الدستورية وما تفرضه هذه الإيجابية من التزاماتٍ على موسكو حليفة النظام فيما يخص ملف المعتقلين وإطلاق سراحهم، والعودة الآمنة للنازحين والمهجرين، وهي الملفات التي تمثل شروط المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة للقبول بتخفيف الضغوط على حكومة دمشق، والبحث لاحقاً في ملف إعادة الإعمار في حال تم تنفيذها". 
وتحدث الخبير السياسي عن أهمية الحديث عن الرعاية الروسية غير الرسمية التي شهدها توقيع اتفاق بين "مجلس سوريا الديمقراطية وحزب الإرادة الشعبية العضو المؤسس والرئيسي في منصة موسكو، ولقاء الطرفين بلافروف، الذي قام بدوره بتسليم ورقة المبادئ الموقعة بينهم لبيدرسون. هذا من جهة ومن جهة أخرى يزداد الحراك السياسي في سوريا وبالأخص شرق الفرات فبالإضافة للاتفاق بين مسد وحزب الإرادة، هناك تفاعلات مجتمعية سياسية في محافظة دير الزور ومحيطها، بالإضافة للحوارات الكُردية وما يمكن أن ينتج عنها".وبرأي المتحدث فإنه من الوارد مناقشة "الملف الأكثر تحديثاً وقابلاً لإحداث تغييرات جذرية في المنطقة، وهو التوتر الحاصل شرق البحر المتوسط، وما سيعنيه زيادة تواجد موسكو في اللاذقية وطرطوس من لعب دورٍ في ملف الغاز، بالإضافة إلى الملف الليبي الذي تشرف روسيا على نقل عناصر تابعة للنظام، لتقاتل إلى جانب قوات خليفة حفتر في ليبيا ". 
لذا فإن الزيارة، من وجهة نظره تحمل أوجهاً عدة، منها ما يتعلق بالملفات السورية المحلية، وكيفية إدارة الملفات العالقة، سواء ما يخص إدلب، وبقية المناطقة الواقعة تحت السيطرة التركية، أو مناطق الإدارة الذاتية وما تشهده من تفاعلات محلية وإقليمية، بالإضافة إلى ملفات تتعلق بإدارة التواجد الروسي في سوريا وآلية زيادة الاستثمار فيه.