الرئيسة \  رؤية  \  وجيز التفسير : ( وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ )

وجيز التفسير : ( وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ )

10.07.2019
زهير سالم




أبلغ آية في القرآن الكريم نرد بها على مدرسة الذين يثرّبون على الثوار المجاهدين ، باشتراطات يرون أنها لم تتحقق فيهم هي قوله تعالى ( وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ ) فالمظلوم المستضعف الذي يحاول أن يدفع عن نفسه الظلم من موقع الضعف لا تشترط عليه الشروط الكمالية . ولذا وكما قالوا يُرد الصائل بما يرتد به . فقيدوا أن الصائل الذي يرده الصوت لا يرد بالسوط ، والذي يرده السوط لا يرد بالسيف . ولكنهم قالوا أيضا " ويَرد الصائلَ بما يصل إلى يده " ولاسيما حين يكون صيال الصائل متعلقا بنفس أو بعرض . والمستهدف بالصيال ليس دائما في موقع يحسن فيه تقدير الموقف ومعرفة مدى الشرّة في نفس الشرير .
فهؤلاء "القوبة" من ملتحفي عباءات العلماء الذين يقولون للمستضعفين المظلومين ليس لكم أن تثوروا حتى .. وحتى .. وحتى ..، ينحازون في موقفهم هذا مع الظالم المستبد القاتل المفسد للأرض ، وبدلا من أن يوجهوا النقد إليه يدافعون عنه ، ويردون على الله سبحانه وتعالى قوله في حق المظلومين المنتصرين (فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ) .
وفي موطن آخر من القرآن الكريم يقول الله تعالى : ( وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا )
وفي قوله تعالى ( فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ ) فقه آخر ينبغي لمن وقع القتل على وليه أن يلتزم به . ويتوقف عنده . حيث يمتلك السلطان على قاعدة القصاص . بقضاء قاض ما وُجد القاضي . وأن لا يتعدى القصاص القاتل الذي تثبت عليه الجناية إلى أهله وعشيرته ..
" فأولئك ما عليهم من سبيل " تسقط تعلات ومقولات كل الذين ثربوا وما يزالون يثربون على الثورة والثوار في أصل ثورتهم . أما حين يتحول البعض من مقام المنتصر من ظلم إلى مقام ظالم آخر،  فالمنتصر من ذلك أيضا ما عليه من سبيل . وكثيرا ما يكون الإنسان على جادة من الحق والصواب ثم يتخوض فيقوده تخوضه إلى سبل الباطل التي تفرق به عن سبيل الله ..
 
لندن : 6 ذو القعدة / 1440
9/7/ 2019
____________
*مدير مركز الشرق العربي