الرئيسة \  واحة اللقاء  \  واشنطن تعقد أرفع اجتماع لجنرالاتها مع قوات "قسد" على الحدود السورية التركية

واشنطن تعقد أرفع اجتماع لجنرالاتها مع قوات "قسد" على الحدود السورية التركية

25.07.2019
هبة محمد


القدس العربي
الاربعاء 24/7/2019
دمشق – "القدس العربي": تطورات متلاحقة حيال المنطقة الآمنة على ضفة الفرات، شمال شرقي سوريا، وزيارات مكوكية يجريها المسؤولون الأمريكيون إلى حلفائهم المحليين والإستراتيجيين، تشي بالاقتراب من إمساك خيوط الحل المتشابك حيال إنشاء المنطقة المزمعة، وآلية إدارتها وهوية القوى التي ستشرف عليها عسكرياً ومدنياً، وفق خطة تحقق الحفاظ الأمريكي على الشريك الكردي، وإرضاء الحليف التركي، مع المحافظة على الورقة الأمريكية في مستقبل سوريا، خاصة في المنطقة المعروفة بغناها بالبترول والغاز والقمح.
وزارة الدفاع التركية أعلنت عن تفاهمات بين وزير الدفاع التركي، خلوصي أقار ،والمبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري، أثمرت بلقاءات، يوم الثلاثاء، بين هيئتين عسكريتين من تركيا وأمريكا لبحث تشكيل منطقة آمنة في شمالي سوريا بشكل مشترك، على أن تستمر هذه اللقاءات خلال الأيام المقبلة.
وسبق هذا الإعلان، أرفع زيارة لمسؤول أمريكي إلى شرق سوريا، عقد خلالها قائد المنطقة الوسطى في القيادة المركزية للتحالف الدولي، الجنرال كينيث ماكينزي، اجتماعاً على الحدود السورية التركية، مع القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، ومسؤولين لدى قسد، تزامن مع لقاء جمع مبعوث واشنطن إلى سوريا، جيمس جيفري، بوزير الخارجية التركي ومسؤولين في أنقرة لبحث المنطقة الآمنة.
واختتم جيفري، مع وفده المرافق، الإثنين، مباحثاته بالشأن السوري، عقدها مع مسؤولين أتراك بمقر الخارجية التركية في العاصمة أنقرة، وقالت مصادر دبلوماسية تركية لـ "الأناضول" إن الاجتماع الذي استمر 3 ساعات، ناقش أوضاع الشمال السوري في إدلب والمنطقة الآمنة شرقي نهر الفرات ومسار تشكيل لجنة لصياغة دستور جديد للبلاد.
وحسب بيان لوزارة الدفاع التركية، فإن تركيا شددت على ضرورة إقامة المنطقة الآمنة بالتنسيق مع الولايات المتحدة، واتفقا على مواصلة الأعمال المشتركة في مقر الوزارة، للعمل على إخراج عناصر التنظيمات الكردية المسلحة "ي ب ك/ بي كا كا"، وسحب أسلحتهم الثقيلة من تلك المنطقة.
ولكن، من الضروري معرفة جميع حيثيات المنطقة الآمنة من حيث التواجد العسكري والذي سيكون له حدود مباشرة مع النظام السوري، وكذلك معرفة شكل إدارتها، هل ستديرها مجالس محلية منتخبة ام إدارة معينة تمثل شخصيات من تكنوقراط المنطقة؟ أم إدارة جهوية تمثل عشائر وشخصيات مجتمعية وغيرها؟. الزيارات الأمريكية، بحسب رؤية الباحث لدى مركز عمران للدراسات والمختص بشرق سوريا، بدر ملا رشيد، تأتي في سياق تحقق الرؤية الأمريكية في المسار الإقليمي الذي أنجز جزءٌ منه مع الوصول لتوافق مع دول خليجية أهمها السعودية، وبقيت تركيا كأهم فاعل إقليمي يجب أن يتم إرضاؤها عبر الأخذ بالاعتبار حساسياتها وتطلعاتها فيما يخص شكل وأدوار الفاعلين في المنطقة الآمنة، وهو امرٌ لم ترفضه واشنطن مع ضرورة تحقيقه عبر القوة الناعمة. ورغم أن الاتفاق لا يبدو بأنه قد تحقق بشكلٍ كامل بين واشنطن وأنقرة، إلا أن أحداثاً أخرى تشير إلى قربه، منها ما يحدث من مجازر مستمرة يرتكبها نظام الأسد وبوتين في مناطق إدلب وحماة، وهي من أدوات الضغط على الولايات المتحدة، وتركيا بشكلٍ خاص، ومن رسائل روسيا هنا، بأنها وإن فشلت في اقتحام إدلب مع الأسد فإنه بمقدورها الضغط على أمريكا وتركيا عبر دفع الأخيرة بالقبول بمخرجات "أستانة "، وإعاقة أي اتفاق أمريكي تركي شرق الفرات والذي سيقوي الموقف التركي غرب الفرات وفي إدلب بشكلٍ أكبر، وربما ينتهي بصيغة إدارية شاملة لشرق وغرب النهر.
وحسب رؤية الباحث السياسي، فقد شعرت الإدارة الأمريكية عقب تغريدة ترامب حول الانسحاب، ولاحقاً التراجع عنها، بضرورة القيام بخطوات تكفل للانسحاب الأمريكي " النجاح المؤسساتي، والمحافظة على الحلفاء"، فالانسحاب بالشكل الذي أشارت إليه تغريدة الرئيس الأمريكي كان من شأنه أن يوجه ضرراً كبيراً للتموضع الأمريكي في خارطة الشرق الأوسط، وفي إمكانية كسب صداقة فواعل ما دون دول (مثل حالة قوات سوريا الديمقراطية) في أماكن أخرى من العالم.
وانطلاقاً من هذه الأسباب وأخرى تتعلق بإبقاء الحصار على إيران، وعدم السماح للنظام بالسيطرة على مساحات وموارد مالية أخرى، عادت الولايات المتحدة لترسم خطة جديدة تستطيع بموجبها تحقيق الأهداف السابقة، وأهمها: الحفاظ على الشريك المحلي، وإرضاء الحليف الاستراتيجي المتمثل بتركيا، والمحافظة على الحصة الأمريكية في المستقبل السوري.
ولتحقيق هذه الأهداف، عملت الماكينة الدبلوماسية الأمريكية على ثلاثة مسارات، وهي بحسب المتحدث "الإقليمي، والمحلي والدولي" ما يمكننا لدرجة ما أن نقول بأنها حققت نجاحاً "في الدولي عبر تأمين جنودٍ إضافيين من بريطانيا وفرنسا ودول أخرى. ومحلياً عبر قبول قسد بخطة المنطقة الآمنة، وهذا ما أشار إليه قادة من قسد عبر استعدادهم لسحب وحدات حماية الشعب لأكثر من 20 كم جنوباً، بالإضافة إلى تسليم المناطق الحدودية لمجالس عسكرية محلية، واحترامٍ أكبر لحساسيات تركيا وفق ما أراد زعيم حزب العمال الكُردستاني في رسالته لمناصريه في حزب الاتحاد الديمقراطي". ويقول مراقبون إنه إذا ما تحقق مشروع شرق الفرات في المنطقة الآمنة التي نادت بها تركيا، فإن ذلك يعني تحديد الكثير من معالم الحل السياسي في سوريا، وسيضع أوراقاً قوية بيدها على طاولة الحل، كون المنطقة معروفة بأنها سلة سوريا الغنية. وفي وقتٍ تحاول فيه واشنطن تضييق الخناق على إيران، تتعرض أمريكا لضغطٍ كبير من تركيا، اذ يواصل المسؤولون الأتراك تهديداتهم بشن عمليات شمال سوريا تستهدف بالأساس المسلحين الأكراد المدعومين من الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك تزامناً مع تواصل خرق الاتفاق المتعلق بخفض التوتر مع روسيا.
وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، الإثنين، إن عملية عسكرية ستبدأ شرقي نهر الفرات إذا لم تتأسس منطقة آمنة مزمعة في شمال سوريا وإذا استمرت التهديدات التي تواجهها بلاده في إشارة إلى قوات قسد الكردية.