الرئيسة \  تقارير  \  واشنطن بوست : من نصير لفلسطين إلى التماهي مع إسرائيل .. كيف تغير الموقف الهندي من الشرق الأوسط؟

واشنطن بوست : من نصير لفلسطين إلى التماهي مع إسرائيل .. كيف تغير الموقف الهندي من الشرق الأوسط؟

21.11.2023
إبراهيم درويش




واشنطن بوست : من نصير لفلسطين إلى التماهي مع إسرائيل .. كيف تغير الموقف الهندي من الشرق الأوسط؟
إبراهيم درويش
لندن- “القدس العربي”:
الاثنين 20/11/2023
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا أعدته كاريشما ميهروتا، عن التغير في السياسة الهندية من فلسطين والشرق الأوسط، فمن نصير مهم للقضية الفلسطينية، إلى علاقة حب بين رئيس الوزراء ناريندرا مودي، والإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وقالت الكاتبة إن تبني نيودلهي الموقفَ الإسرائيلي من حماس، يظهر الكثير مما تغير في السياسة الخارجية الهندية تجاه فلسطين. وتكشف المواقف الأخيرة عن تطور العلاقة الثنائية بين الهند وإسرائيل بعد بداية باردة.
ومنذ استقلال الهند، لم تُقم علاقة مع إسرائيل. وقبل 40 عاما، أصدرت نيودلهي طابعا حمل العلم الفلسطيني مرفرفا إلى جانب “التضامن مع الشعب الفلسطيني”. أما اليوم، فالعلم الهندي يرفرف إلى جانب العلم الإسرائيلي في التظاهرات التضامنية مع إسرائيل منذ هجوم حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
وأقام البلدان علاقة عسكرية مهمة، ويحمل مودي ونتنياهو نفس الرؤية بشأن الدور المهيمن لليهودية والهندوسية في بلديهما. ويصف الإعلام في الهند وإسرائيل، العلاقة بين الزعيمين بالإشارة إلى “علاقة الحب مودي- بيبي”.
وكان مودي من أوائل الذين شجبوا هجوم حماس، وكرر موقفه بأن “الشعب الهندي يقف بقوة مع إسرائيل في ساعتها الصعبة”.
ويعكس هذا الإعلان، التغير الكبير في نهج نيودلهي من الشرق الأوسط. ولم تعد الهند تخفي علاقاتها مع إسرائيل، بل وتعمل للترويج لسياسات خارجية حازمة وقوية على الطريقة الإسرائيلية.
ويقول نيكولاس بيلرل، الذي درس علاقة الهند بالشرق الأوسط، ويحاضر في جامعة لايدن: “الاعتراف العام” هو تعبير عن انجذاب الهند للنموذج الإسرائيلي.
وبعد عام من نشوء إسرائيل عام 1948، شعر المهاتما غاندي، ومعه أول رئيس وزراء للهند بعد الاستقلال، بالحزن لانفصال باكستان عن شبه القارة الهندية، وقيام دولة للمسلمين فيها، وأصرّا على أن تكون الهند علمانية، وترددا في دعم الحملة الصهيونية لإنشاء دولة أخرى في الشرق الأوسط تقوم على اليهودية.
وكانت الهند أول دولة غير عربية تعترف في ثمانينات القرن الماضي بالدولة الفلسطينية، وكان هذا تعبيرا عن قلق من الأقلية الكبيرة للمسلمين الهنود، حسب دبلوماسيين سابقين. وعندما حصلت إسرائيل على اعتراف الهند في 1992، نُظر إليه كجائزة، وفتح المجال أمامها لاعتراف عالم الجنوب بها.
وكانت الهند آخر دولة غير عربية وغير مسلمة تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. وقال السفير الهندي السابق في الولايات المتحدة وإسرائيل، نافتيج: “ارتبط الخلاف مع أفكار تصفية الاستعمار ومكافحة الإمبريالية”، و”لكن مع بداية تطلع الهند باتجاه الغرب مع نهاية الحرب الباردة، فقد أخذت تتظر إلى إسرائيل بطريقة مختلفة، ولكننا طورنا تلك العلاقة بهدوء”.
ولأن الهند خاضت نزاعات مع باكستان والصين، فإنها باتت تنظر بإعجاب إلى السلاح الإسرائيلي الجيد، وكذا “هوسها بالتكنولوجيا”، كما يقول بليرل، الذي يتابع: “بوضوح، هناك اهتمام بما يقوم به الموساد والخدمات الاستخباراتية لحماية أراضي إسرائيل” وفق تعبيره.
ووجدت  إسرائيل في الوقت نفسه، الهند زبونا عسكريا يُعتمد عليه لشراء الأسلحة ومعدات الرقابة. ويقول بليرل إن الولايات المتحدة كانت قلقة من علاقات إسرائيل العسكرية مع الصين، وضغطت عليها لتحويل اهتمامها إلى دول أخرى. وأكد: “شعرت الولايات المتحدة بالسعادة لدخول الهند على الخط”، حيث تطورت العلاقة العسكرية بحيث أصبحت الهند أهم مشتر للسلاح الإسرائيلي.
ويقول أرون كي سينغ، السفير الهندي السابق في إسرائيل: “الحقيقة هي أن الهند وجدت صعوبة في التعامل مع  المؤسسة الإسرائيلية منذ بدايتها” و”لكن العلاقات بنيت على علاقات أخرى وعلى مدى حكومات متعاقبة واستمرت بهذا المسار”.
وبعد وصول مودي إلى السلطة عام 2014، كشف عن المستور، كما قال عدد من الدبلوماسيين السابقين. وبحسب دبلوماسي سابق رفض الكشف عن هويته، قال: “حتى مودي، كانت المؤسسة السياسية حذرة نوعا ما، ولكنها أصبحت الآن واضحة في اعترافها بطبيعة العلاقات”.
وقال إن الكثير تغير لأن القيادة الجديدة لم تعد مهتمة بإرضاء المشاعر على اليسار أو المجتمع المسلم. وعندما قامت قوات كوماندوز في 2016 بعملية داخل كشمير الخاضعة لحكم باكستان، لوّح مودي بهذا قائلا: “في الماضي، كنا نسمع أن إسرائيل فعلت أمرا مثل هذا، ولكن البلد شاهد أن الجيش الهندي ليس أقل من أي جيش آخر”.
وكان مودي أول رئيس وزراء هندي يزور إسرائيل عام 2017، وكان قد زارها قبل ذلك عندما كان رئيس وزراء ولاية كوجرات، وزار قبر تيودر هيرتسل، مؤسس الصهيونية. كما تمشى على شاطئ البحر مع نتنياهو حيث التقطت الكاميرات صورا لهما.
ومنذ ذلك الوقت، تطورت العلاقات الاقتصادية بشكل أكبر. ووقّع رئيسا وزراء البلدين في قمة دول العشرين التي عقدت في نيودلهي بأيلول/سبتمبر، على “ممر اقتصادي” يربط الهند مع إسرائيل بسكك حديدية وأنابيب وشبكة بيانات. واشترت مجموعة غوتام أداني، المقرب من مودي ميناء حيفا.
ورغم استمرار الهند بدعم اللاجئين الفلسطينيين، إلا أن صوتها في الأمم المتحدة لم يعد مضمونا لهم، كما يقول بليرل، حيث “تبدو الهند وكأنها دولة شاذة في عالم الجنوب عندما تريد الحديث عن المعايير المزدوجة للغرب”.
ومن المفارقة كما يقول بليرل، أن مفكري القومية الهندوسية تأثروا بالأيديولوجية النازية، أما الداعمون الحاليون للقومية الهندوسية، فيمجدون الصهيونية في طموحها لإقامة دولة يهودية وديمقراطية في الوقت نفسه.