الرئيسة \  تقارير  \  واشنطن بوست: يجب ألا تعمينا معاداة زمور للإسلام عن سياسات ماكرون الإشكالية من المسلمين

واشنطن بوست: يجب ألا تعمينا معاداة زمور للإسلام عن سياسات ماكرون الإشكالية من المسلمين

22.01.2022
إبراهيم درويش


القدس العربي
الخميس 20/1/2022
لندن- “القدس العربي”: قالت الصحافية رقية ديالو في مقال لها نشرته صحيفة “واشنطن بوست”، إن اليمين المتطرف في فرنسا يعد تهديدا لكن علينا ألا نتجاهل سياسات إيمانويل ماكرون الإشكالية. وقالت إن اليمين المتطرف لم يكن أبدا قويا في الحملات الرئاسية مثل اليوم. وهو أمر يجب أن يثير خوف كل من يهمه مستقبل الحقوق والمساواة في فرنسا.
ويجب ألا يعتمد هذا على الطرق التي استهدفت فيها سياسات الحكومة المتطفلة الإسلام.
وبحسب آخر استطلاع فمن المتوقع أن يحصل مرشحو اليمين المتطرف على نسبة 30% من أصوات الناخبين في الجولة الأولى من الانتخابات. ولأول مرة سيكون أمام مرشحين من اليمين الفرصة للمشاركة في جولة ثانية في انتخابات نيسان/أبريل. وحصل أحدهما على اهتمام أوسع. واستطاع المعلق الإعلامي السابق إريك زمور الذي أعلن عن مشاركته في الانتخابات نهاية شهر تشرين الثاني/نوفمبر حجز مقعد له بين قادة المرشحين. وكان خطابه المعادي للمسلمين جذابا لعدد من الناخبين الفرنسيين وبخاصة مع إعلانه عن حزبه الذي يحمل اسما حربيا “استعادة”. وقام زمور الذي أدين عدة مرات لتحريضه على خطاب الكراهية، بتوسيع مساحة الكراهية خلال حملته حيث قام بتزييف التاريخ وقدم رواية محرفة عن دور فرنسا أثناء الهولوكوست.
وحتى المرشحة اليمينية المتطرفة الأخرى مارين لوبان، زعيمة التجمع الوطني أبعدت نفسها عن زمور قائلة إنها تشعر بالقلق من السخرية من حملتها نظرا “لتعليقاته المتطرفة جدا”. وقالت إنها تقاتل التشدد الإسلامي، وهو أيديولوجية. وهو تكيف في خطاب يبدو عقلانيا مع أن جوهر حزبها لا يزال وبشكل عميق يدعو للتفوق العرقي الأبيض ومعاد للمهاجرين. ومن هنا يظل زمور المرشح الأكثر شناعة ويجعل من أي مرشح آخر يبدو أحسن منه.
وترى ديالو أن الخطاب النابع من كل المرشحين يدعو إلى القلق، ولكن في العملية لا يبدو أن أحدا مهتما بالنهج الذي تنتهجه الحكومة بشأن الإسلام. وفي الأوقات الماضية عانت فرنسا من عدة هجمات إرهابية مروعة ارتكبها أشخاص باسم الإسلام، وعليه باتت الحاجة لحماية المواطنين ماسة. ولهذا فالقانون الذي دفعت به حكومة ماكرون ضد “الانفصالية” تم إعادة تسميته بـ “إعادة تقوية مبادئ الجمهورية جزءا من قوانين الحكومة الإشكالية. وبدا القانون في وقته وضروريا للكثيرين. ومع الكشف عن محتوياته والتي تم تبنيها في العام الماضي، عبرت منظمات حقوق إنسان عن احتجاجها. ويضم القانون إطارا قانونيا جديدا لمراقبة عملية التعليم في البيوت، ويخلق “عقد التزام بالجمهورية” تلتزم به المنظمات الساعية للحصول على التمويل. ويدعو كذلك للمراقبة على الجمعيات الدينية ويسمح بحل المنظمات الدينية وإغلاق أماكن العبادة. وانتقدت منظمات بما فيها مجلس حقوق الإنسان الملامح غير المتناسبة والمخاطر التي تمثلها الإجراءات في “نص التقسيم والتصعيد الأمني” والتي ستقسم المجتمع الفرنسي و “تلقي بظلال الشك على الناس المسلمين”. ووصف المجلس الأوروبي القانون بـ “الإشكالي في عدد من الملامح” و “يستهدف” و”يصم” المسلمين و “يقترح بطريقة غير مباشرة الرابطة بين الجماعة والتهديدات الإرهابية الأجنبية”. وعبرت المفوضية الوطنية الاستشارية لحقوق الإنسان عن غضبها من التعجل في كتابة النص وتحديد “القيود والعقوبات” ضد المنظمات الدينية والتعدي على الحريات الأساسية من خلال نشر “عدم الثقة”. وفي الوقت نفسه، وبعيدا عن مبدأ “اللائكية” في عام 1905 والذي يفرق بين الدين والدولة، أصبحت الحكومة أكثر تدخلا في الممارسات الإسلامية. فقد تم حل أو تفكيك عدد من المنظمات الإسلامية، واحدة منها لأنها تقوم بمكافحة معاداة الإسلام ولأنها “تزرع الشك من إسلاموفوبيا في المجتمع الفرنسي”. واتهمت أخرى بأنها لم تقم بإدارة قسم التعليقات على منصات التواصل بطريقة جيدة، وتم حلها أيضا. وأجبر ماكرون المجلس الفرنسي للدين الإسلامي على كتابة ميثاق يشرف على نشاطات الأئمة. ونشرت الوثيقة العام الماضي، ويمثل تعديا لا يصدق على حرية التعبير والتجمع. وينص واحد من بنوده على أن “شجب ما يطلق عليها العنصرية المدعومة من الدولة يعتبر تشهيرا”، وهو ما يمنع الأئمة من نقد العنصرية الممأسسة. وبهذه السياسات تتخلى الجمهورية الفرنسية عن عالميتها المزعومة وتعامل المسلمين كمجموعة غير ناضجة، أو مثل الأطفال. ورغم كل هذا يتم الإطراء على حكومة ماكرون حول العالم، ففي كانون الأول/ديسمبر كان وزير المالية الفرنسي برونو لومير ضيفا على “ديلي شو” الذي يقدمه نوح تريفور. وقدم على أنه ممثل لليمين المتطرف ويحمل قدر فرنسا ووحدتها بين يديه. وبدا وكأن حكومته لا تدعم سياسات إشكالية. وفي النهاية تمثل سياسات زمور تهديدا حقيقيا على ديمقراطية فرنسا وتغذي أكبر أشكال العنصرية تطرفا، ومن السهل اتخاذ موقف ضد أي من سياسات المرشحين بدون معالجة الواقع الحالي في فرنسا. وعلينا في النهاية ألا نتجاهل مخاطر المواقف والسياسات التي طبقت بنتائج قوية ويمارسها من هم في موقع السلطة الآن.