الرئيسة \  تقارير  \  واشنطن بوست :بنهاية عام على حكمه.. كيف نجح بايدن في التواري بعيدا عن الإعلام؟

واشنطن بوست :بنهاية عام على حكمه.. كيف نجح بايدن في التواري بعيدا عن الإعلام؟

19.01.2022
محمد المنشاوي


محمد المنشاوي                 
الجزيرة
الثلاثاء 18/1/2022
واشنطن – فاجأ كاتب الرأي بصحيفة "واشنطن بوست" (Washington Post)، دانا ميلبانك، قرّاءه في الثالث من ديسمبر/كانون الأول الماضي بمقال رآه كثير من المعلقين غريبا، وحمل عنوان "بايدن يُعامل الإعلام بشكل سيئ مثل ترامب أو بصورة أكثر سوءا، وهنا الدليل".
واستعان ميلبانك بدراسات قائمة على عمليات الذكاء الاصطناعي حللت أكثر من 200 ألف قصة صحفية، وعشرات الملايين من الكلمات، جُمعت من 65 موقعا إخباريا (صحف، ووكالات أنباء، وبرامج تلفزيونية، ونشرات أخبار، وبرامج إذاعية).
وباستخدام أحد برامج الخوارزميات المتقدمة، أكد أن "التغطية الصحفية التي تلقاها بايدن في الأشهر الـ11 الأولى من عام 2021 أكثر سوءا من التغطية التي حصل عليها سابقه دونالد ترامب في الفترة نفسها من عام 2020".
وفاجأت النتيجة كثيرا من المتابعين الذين شهدوا على علاقة شديدة الاضطراب بين ترامب والإعلام، في حين أن بايدن قليل التحدث للإعلام ولم يشتبك في معارك مع صحفيين أو شبكات الأخبار كما فعل سلفه.
وبينما سيطرت أخبار وتصريحات ترامب على وسائل الإعلام منذ ظهوره السياسي حتى آخر الدقائق في فترة حكمه، تميز بايدن بالهدوء في علاقته بالإعلام، الذي يراه البعض مملا.
ومع تفشي فيروس كورونا، سيطر ترامب على الإفادة اليومية بالبيت الأبيض، وأصبح مؤتمره الصحفي اليومي مادة مهمة للسخرية والتهكّم على الرئيس الذي بدوره لم يتوقف عن هجومه على الصحفيين.
واتخذ ترامب موقفا عدائيا من الإعلام، ولم يترك فرصة إلا اتّهم فيها الصحافة "بتزوير الحقائق"، وأن الصحافة "عدوة الشعب". وعلى النقيض، يُلقي الإعلاميون باللوم على الرئيس بايدن بسبب تواريه الزائد بعيدا عن منصات الإعلام، خاصة غيابه عن إطلاع الأميركيين على تطورات تفشي "كوفيد-19".
الأقل مشاركة                 
ومع اقتراب حكم الرئيس جو بايدن من نهاية عامه الأول، هناك حقيقة مؤكدة مفادها أن بايدن أقل مشاركة من ترامب وبقية أسلافه بالمؤتمرات الصحفية أو المقابلات مع وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة.
ووفقا لمشروع الرئاسة الأميركية في جامعة كاليفورنيا بمدينة سانتا باربرا، لم يعقد بايدن سوى 9 مؤتمرات صحفية حتى الآن، وهذا أقل من نصف العدد الذي عقده دونالد ترامب ويبلغ 22 مؤتمرا صحفيا في عامه الأول في الحكم.
وفي تفاعله مع الإعلام، أجرى بايدن 22 مقابلة صحفية فقط منذ توليه منصبه حتى 31 ديسمبر/كانون الأول، وفي الوقت ذاته كان ترامب قد أجرى 92 مقابلة.
وتفوّق بايدن على ترامب في تلقّي الأسئلة والرد عليها أثناء سيره أو على هامش تحركه في صور غير رسمية، فقد تحدث 216 مرة إلى الصحفيين، مقابل 120 مرة تحدث فيها ترامب و46 فقط لأوباما.
ويفضل بايدن الرد على أسئلة في نهاية إلقائه الخطابات، أو قبل ركوب الطائرة الرئاسية من البيت الأبيض أو إليه.
ويُرجع البعض هذه التناقض إلى بطء بايدن في السير، وأنه أقل رسمية، وهذا يعني أنه ليس من المستغرب أن يفضل حالات الأسئلة والأجوبة المرتجلة مع الصحفيين بدلا من الظهور الصحفي المقرر. وهذا أيضا من بقايا العقود الثلاثة التي قضاها سيناتورا في أروقة الكونغرس، حيث معظم التفاعلات مع الصحفيين غير رسمية وسريعة على حد سواء.
تجنب أخطاء بايدن وسهواته
وجّه كثير من الصحفيين أسئلة لجين ساكي، المتحدثة الرسمية باسم البيت الأبيض، عن قلة مشاركة بايدن الواضحة مع الإعلام، فردّت أن بايدن "جاء للرئاسة خلال أزمتين تاريخيتين: وباء كورونا الذي لم تشهد له البلاد مثيلا من قبل، وأزمة اقتصادية طاحنة بسبب تداعيات الوباء، وهو ما ترك 10 ملايين شخص من دون عمل".
ويُرجع بعض المحللين قلة عقد بايدن مؤتمرات صحفية يرد فيها مباشرة وبسرعة على أسئلة الصحفيين إلى خوف مستشاريه من مغبة وقوعه في أخطاء كبيرة بسبب فقدانه التركيز بالنظر إلى سنّه المتقدم.
وفي العام الماضي ارتكب بايدن خطأين من العيار الثقيل أثناء مقابلات صحفية، وهو ما دفع البيت الأبيض إلى التدخل لتصحيح موقف الإدارة الأميركية في الحالتين.
ففي حوار تلفزيوني في مارس/آذار الماضي مع شبكة "إيه بي سي" (ABC)، أشار بايدن إلى أنه يعدّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "قاتلا". وبعد بضعة أشهر، وفي لقاء مع شبكة "سي إن إن" (CNN)، وردا على سؤال عما إذا ما كانت بلاده ستتدخل عسكريا إذا شنّت الصين هجوما على تايوان، رد بايدن بالقول "نعم، لدينا التزام بالقيام بذلك، وسنتدخل عسكريا وندافع عن تايوان".
ودفع ذلك البيت البيض إلى إصدار بيان يؤكد عدم حدوث أي تغيير في سياسة واشنطن التي تعدّ تايوان جزاء من الصين، مع رفضها أي خطوات عسكرية تقوم بها بكين لضم الجزيرة.
تغطية سياسات بايدن
أعاد رئيس موظفي البيت الأبيض، رون كلاين، التغريد بمقال ميلبانك، وشاركه فيه انتقاد بعض تغطية وسائل الإعلام لبايدن.
وردّ العديد من الإعلاميين، خاصة المقربين من الحزب الجمهوري، بالقول إن من الصعب جدا عدم مهاجمة سياسة بايدن وموقفه من الانسحاب الفوضوي من أفغانستان، كما أن من الصعب تجاهل وصول نسب التضخم إلى أعلى معدلاتها خلال 40 عاما، خاصة بعد إنفاق بايدن تريليونات الدولارات في محاولات للحد من التضخم.
ووفقا لدراسة لمركز "بيو" للأبحاث، حصل ترامب على تغطية إيجابية بنسبة 5% فقط من وسائل الإعلام الرئيسية، في حين بلغت نسب التغطية المحايدة 33%، وبلغت التغطية الإيجابية أو المحايدة التي حصل عليها بايدن 68%.
وتتخذ وسائل الإعلام مواقف واضحة من بايدن، كما اتخذت مواقف مماثلة تجاه ترامب، ففي الوقت الذي تتساهل فيه "سي إن إن"، وشبكة "إم إس إن بي سي" (MSNBC) مع بايدن، تترصد شبكة "فوكس" (FOX) للرئيس بايدن، في حين انعكس الوضع في عهد الرئيس ترامب الذي تساهلت معه شبة فوكس وتعرض لهجمات لا تتوقف من الشبكات الأخرى.
تقليدية بايدن الإعلامية وإرث ترامب
ينتقد كثير من الإعلاميين تعامل إدارة بايدن التقليدي مع وسائل الإعلام، ففي حين سمح ترامب لجميع الصحفيين، حتى العاملين مع وسائل إعلام صغيرة وأجنبية، بالسؤال، تتلقى إدارة بايدن سواء في الإفادات اليومية للمتحدثة ساكي، أو في مناسبات ظهور بايدن القليلة أسئلة معظمها من وسائل الإعلام وشبكات التلفزيون الأميركية الرئيسية فقط.
ويشتكي ممثلو وسائل الإعلام الأجنبية في العاصمة الأميركية من محدودية الوصول إلى الرئيس، وبطء الاستجابة لإجراء المقابلات والرد على الأسئلة الصحفية، فضلا عن القيود المفروضة على تغطية قضية الهجرة عند الحدود الأميركية المكسيكية.
وترد جين ساكي على الشكاوى بالقول إنها عندما تولت وظيفتها متحدثة رسمية للبيت الأبيض كان الاحترام في التعامل مع الصحفيين أهم أهدافها، وقالت "إن هدفنا هو استعادة الحياة الطبيعية والمشاركة التقليدية مع الصحفيين".