الرئيسة \  تقارير  \  هل يجدر بأمريكا الاختباء وراء الستار الإسرائيلي في سياستها مع إيران؟

هل يجدر بأمريكا الاختباء وراء الستار الإسرائيلي في سياستها مع إيران؟

28.06.2022
إيال زيسر


القدس العربي
بقلم: أيال زيسر
 
إسرائيل اليوم 26/6/2022
الاثنين 27/6/2022

في واشنطن أناس يخشون إيران. لا، لا يمكن أن نفهم لماذا يسارع مسؤولون مجهولو الاسم في واشنطن للتسريب بأن الولايات المتحدة لم تكن ضالعة بالفعلة في كل مرة يقع فيها انفجار خفي في إحدى منشآت النووي في إيران، أو يلقى مسؤول في الحرس الثوري حتفه في مدخل بيته في قلب طهران، ثم يجب -ضمناً- توجيه المسؤولية والذنب نحو إسرائيل.
هكذا حصل غير مرة في السنوات الأخيرة، بعد أن تعرضت أهداف للاعتداء تابعة لميليشيات شيعية مؤيدة لإيران في العراق، تساعد طهران في كفاحها لتحقيق سيطرة في الدولة، مثلما في جهودها لتوفير معبر بري إلى البحر المتوسط، ابتداء من طهران عبر بغداد وانتهاء بدمشق وبيروت.
ثمة مسؤولون أمريكيون، ممن تخوفوا من مجيء أحد ما من العراق أو إيران ليحاسبهم ويهاجم قواتهم المرابطة في العراق – وهو أمر يفعله الإيرانيون على أي حال دون حاجة للبحث عن سبب – سارعوا للتسريب بأن إسرائيل هي التي تقف خلف هذه الهجمات. هكذا حصل أيضاً في الأسبوع الماضي عندما روى مسؤولون في البنتاغون – وبالطبع دون ذكر أسمائهم – بأن إسرائيل رفعت المنسوب في أعمالها ضد إيران، وأنها تنفذ أعمالاً بحجم استثنائي ضد أهداف إيرانية، وذلك دون أن تطلب الإذن أو حتى دون أن تكلف نفسها بتبليغ الولايات المتحدة بنشاطها هذا.خرج الأمريكيون عن عادتهم مرة واحدة فقط، عندما صفوا في كانون الثاني 2020 “رأس الأفعى”، قاسم سليماني، القوة المحركة من خلف خطوة التوسع الإيراني في منطقتنا. وقد توجت التصفية بنجاح إذ إنها أوقفت الإيرانيين الذين امتنعوا حتى عن الرد على التصفية برد حقيقي. وتجدر الإشارة إلى أن السلوك الأمريكي حيال إيران يتميز بتردد وتنازل. وعندما هاجم الإيرانيون ناقلات ومنشآت نفط في السعودية والإمارات في صيف 2019، لم يرد الأمريكيون، ورغم أن الحديث يدور عن حلفاء قريبين منهم، وكذا عندما تعرضت قواعد أمريكية للاعتداء من فروع طهران في المنطقة، كان الرد الأمريكي طفيفاً.
الولايات المتحدة هي الحليف المهم لإسرائيل، ولا ينبغي التشكيك بالود والالتزام الأمريكي بأمن إسرائيل بسبب بضعة مسؤولين مجهولين في الساحة الأمريكية. فبعد كل شيء، لسنا في العام 1948، حين تجند البنتاغون ووزارة الخارجية في واشنطن لكفاح مشترك لمنع قيام دولة إسرائيل؛ خوفاً من أن تصبح هذه جريرة لموسكو، وبسبب التقدير بأن إسرائيل لن تنجو في حرب مع العرب، وأن الأمريكيين سيضطرون للتدخل ولإرسال قواتهم إلى المنطقة لمنع “كارثة” إضافية.
ومع ذلك، ثمة شيء ما غير نزيه أو صحي في هذا النمط المتكرر من التسريبات التي تدحرج المسؤولية عن التوتر في المنطقة إلى عتبة إسرائيل.
أولاً، كما قال مناحم بيغن الراحل، إسرائيل ليست دولة تابعة للولايات المتحدة، وعلى أي حال لا تحتاج للإذن بكل خطوة لها. لها مصالح خاصة بها، لا تتطابق دوماً مئة في المئة مع المصالح الأمريكية، وبالتالي عليها أن تحسب خطاها. ثانياً، التخوف الأمريكي من إيران ليس مفهوماً وليس مبرراً. إيران دولة كبيرة ومهمة ولا يجب إغضابها، وبالتأكيد عدم الانجرار إلى حرب زائدة معها. لكن في الوقت نفسه، لا حاجة للمبالغة بقوتها. فبعد كل شيء، هي تعيش أزمة اقتصادية عسرة، وجيشها ليس قوياً مثلما تعتقد طهران.
لقد أثبتت إسرائيل في العقد الأخير أنه يمكن وضع خطوط حمراء لإيران كما يمكن صدها، وأن قدرات ردها محدودة وتخشى المواجهة. صحيح أنه موقف يخضع للاختبار هذه الأيام في ضوء ما يبدو كارتفاع درجة في النشاطات المنسوبة لإسرائيل على الأراضي الإيرانية، ومع ذلك نحن نعيش في الشرق الأوسط، حيث من يدير خده الثاني يتلقى ضربة أخرى. يفهم الإيرانيون لغة القوة، وعليه لا ينبغي التخوف والتردد حيالهم. ليس جديراً أن يسعى المسؤولون في واشنطن إلى الاختباء من خلف الستار الإسرائيلي، ويدحرجوا المسؤولية إلينا، ما كان هذا ليحصل لبوتين.