الرئيسة \  تقارير  \  هل يؤدي رهان البنوك العالمية على “الانفجار الكبير” في الصين ثماره؟

هل يؤدي رهان البنوك العالمية على “الانفجار الكبير” في الصين ثماره؟

29.11.2021
تابي كندر


 تابي كندر من هونج كونج
الاحد 28/11/2021
بعد أيام فقط من توجهه إلى هونج كونج في زيارة سريعة ومفاجئة، كان جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك جي بي مورجان تشيس، يحاول بجهد لإصلاح تبجحه بأن البنك الأمريكي قد يفوق الحزب الشيوعي الصيني في القدرة على الاستمرار.
إضافة إلى التعتيم على زيارة الأسبوع الماضي، أكد الاعتذار العلني الأربعاء أن البنك - ومنافسيه الرئيسين في وول ستريت وأوروبا - يعتقدون أن هناك جائزة كبيرة تستحق السعي وراءها في الصين.
بالنسبة إلى البنوك الغربية، ثبت أن هذه الجائزة ضرب من الوهم حتى الآن. مبتلى بالنكسات التشغيلية واللوائح التنظيمية التي حدت من الاستثمار، انطوت جهود بنك جي بي مورجان في مجال الخدمات المصرفية الاستثمارية في الصين على تكاليف كبيرة مقابل عوائد هزيلة.
على الرغم من استثمار ملايين الدولارات وتوظيف العشرات من المصرفيين، أبلغت الشركة عن تكبدها خسارة إجمالية قدرها 40 مليون دولار "255.5 مليون رنمينبي" على مدى العامين الماضيين، وفقا للأرقام التي أبلغت بها الهيئات التنظيمية الصينية واطلعت عليها صحيفة "فاينانشال تايمز".
البنوك حريصة على وصف خسائرها في البر الصيني كثمن ضروري لمستقبل مربح. كما تشير أيضا إلى الرسوم التي تم جنيها بالفعل من تقديم المشورة للشركات الصينية بشأن الإدراجات في نيويورك وهونج كونج - وهي مكافآت سيكون من الصعب على البنوك تأمينها دون وجود قاعدة لها في البر الرئيس.
لكن مع تهديد بكين بوضع حد لمصدر الإيرادات هذا مع فتح البر الرئيس في الوقت نفسه، تأمل وول ستريت أن يؤتي رهانها الأكبر ثماره وتتمكن أخيرا من جني بعض الأموال الحقيقية في الصين نفسها.
قال فيليبو جوري، الرئيس التنفيذي لبنك جي بي مورجان لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ، لصحيفة "فاينانشال تايمز"، "إننا نبني للمستقبل. لا نشعر بالقلق إذا استغرقنا الأمر عاما أو 25 عاما".
إن بنك جي بي مورجان ليس الوحيد الذي فشل في الاستفادة من استثماراته في الصين. حيث حقق بنك مورجان ستانلي الاستثماري في البر الرئيس أرباحا بلغت 160 ألف دولار فقط في الصين العام الماضي وخسائر مجمعة بلغت 33 مليون دولار في العامين السابقين.
وفي الوقت نفسه، حقق بنك جولدمان ساكس - الذي يزيد عمر بنكه الاستثماري في البر الصيني 15 عاما على بنك جي بي مورجان – أرباحا إجمالية تبلغ ما يقارب 30 مليون دولار منذ 2018.
في الواقع، من بين البنوك العالمية السبعة التي تمتلك عمليات مصرفية استثمارية في البر الصيني، حققت ثلاثة بنوك فقط - جولدمان ويو بي إس ودويتشه بنك - أرباحا في الأعوام الثلاثة الماضية. الشركات التي تسيطر عليها بنوك جي بي مورجان ومورجان ستانلي وكريدي سويس وإتش إس بي سي جميعها تنفق أكثر مما تربح.
حققت العمليات الصينية للبنوك السبعة عائدات مجمعة بقيمة 140 مليون دولار من الخدمات المصرفية الاستثمارية في 2020، وفقا للأرقام التي تم الإبلاغ عنها للجهات التنظيمية. وأسهم بنك جي بي مورجان بما يقارب 600 ألف دولار من ذلك المبلغ.
يسارع جميع المقرضين إلى الإشارة إلى أن الإيرادات المحلية المبلغ عنها لبنوكها الاستثمارية لا تمثل بشكل كامل أعمالها المصرفية الأوسع نطاقا في الصين، مثل ضمان السندات والعمل الاستشاري الذي يتم حجزه من خلال كيانات محلية مختلفة، في هونج كونج أو في أي مكان آخر. ولم يكشف أي من هذه البنوك عن إجمالي الإيرادات في البر الرئيس للصين.
لكن بغض النظر عن المحاذير، توضح الأرقام أنه - حتى بعد عقود في الصين - ما زال أمام البنوك العالمية مشوار طويل للاستحواذ على شريحة كبيرة من سوق الصفقات المحلية الهائلة.
كانت هذه مشكلة أقل عندما كان بإمكانهم الإشارة إلى ما يقارب 460 مليون دولار من الرسوم التي تم تحصيلها في النصف الأول من هذا العام من مساعدة الشركات الصينية على الإدراج في هونج كونج ونيويورك، المحجوزة في تلك الولايات القضائية.
قال الرئيس الإقليمي لأسواق رأس المال في أحد بنوك وول ستريت في آسيا، "قبل الآن، لم يكن أحد مجبرا على القيام بأكثر من الاكتتابات العامة الأولية للشركات الصينية ليقول إن لديه عملا ناجحا في الصين".
أدت الحملة الصارمة التي شنتها الصين على الإدراجات الخارجية لشركاتها الكبرى بسبب مخاوف تتعلق بأمن البيانات، بعد الإدراج الكارثي لتطبيق ديدي لطلب سيارات الأجرة في حزيران (يونيو)، إلى اضطرار البنوك العالمية إلى إيجاد طريقة أخرى لإثبات أن استثمارها في الصين - في الأغلب وسط توترات جيوسياسية - سيكون ذا قيمة.
لكن هناك سببا للشعور بالأمل. في "الانفجار الكبير" التنظيمي في العامين الماضيين، فتحت الصين أسواقها المالية للمنافسة الأجنبية. في كانون الثاني (يناير) 2020، كجزء من صفقة تجارية مع الولايات المتحدة، سمحت الصين للبنوك العالمية بالاستحواذ على المشاريع المشتركة التي أجبرت من خلالها على هيكلة أعمالها، ما أتاح لها الوصول الكامل إلى أسواقها المالية التي تبلغ قيمتها 31 تريليون دولار التي لا تزال تنمو بشكل سريع.
قال مسؤول تنفيذي في أحد البنوك، "الحقيقة أنه لا يوجد بنك دولي له تأثير ملموس في الداخل في الصين حتى الآن... لكن النقطة ليست بهذه الأهمية. في ضوء الانفتاح المستمر ونضج السوق ومزيد من التدفقات الداخلية، تظهر الفرصة الآن بالفعل".
استجابة لذلك، كشفت البنوك عن خطط طموحة للتوسع، حيث تهدف في بعض الحالات إلى مضاعفة عدد الموظفين والإيرادات. وقد حصل بنك جي بي مورجان وبنك جولدمان ساكس على موافقة الجهات التنظيمية للسيطرة الكاملة على بنوكهما الاستثمار الصينية ويقومان بتنمية أعمالهما الاستشارية وإدارة الثروات والأصول بشكل سريع.
قال جوري، "تتمثل الاستراتيجية أولا في الحصول على جميع التراخيص والضوابط، ثم إنشاء منصة وستأتي الإيرادات. إنك تتقبل أنه سيكون هناك تقلبات ورياح معاكسة وتتبع العملاء".
تعتمد وول ستريت على قدرتها على بيع حجمها الدولي وحجمها وقدراتها الفنية إلى أسرع الشركات الصينية نموا، حتى مع إجبار الحكومة كثيرا منها على كبح استراتيجياتها الخارجية.
بالنسبة إلى بنك جي بي مورجان، تظل الأولوية للعملاء العالميين الذين يجرون صفقات عابرة للحدود في الصين. قال جوري، "إنه المكان الذي نتمتع فيه بميزة مقارنة بمنافسينا المحليين... الجانب المحلي هو أمر نبني عليه".
قال مسؤول تنفيذي مقرب من بنك جولدمان ساكس إن الحصول على عمل محلي في البر الرئيس كان جزءا مهما بشكل متزايد من استراتيجيته. "حجم أعمال الاكتتاب المحلية هائل. لكن الأمر معقد ومنظم للغاية ويحتاج إلى تخصيص كثير من الموارد للعمل".
تواجه البنوك معركة شاقة، حيث تعمل على تطبيق معايير الاكتتاب العالمية للجودة والاستقلالية في سوق أقل تطورا وأسرع حركة.
تصطدم طموحاتها أيضا بعمالقة البنوك الوطنية مثل سيتيك لتداول الأوراق المالية وشركة الصين الدولية لرأس المال، اللتين تدر أعمالهما المصرفية الاستثمارية أكثر من مليار دولار سنويا. وعلى الرغم من الهيمنة على جداول التصنيف للشركات الصينية التي تعقد صفقات في الخارج، إلا أن حصة البنوك العالمية في أسواق رأس المال الصينية ظلت ثابتة.
قال أحد المديرين التنفيذيين السابقين الذي انسحب من منصب كبير في بنك عالمي في الصين، "اعتادت البنوك في أوروبا والولايات المتحدة على نوع من صنع القرار المركزي بناء على أعلى المعايير التنظيمية على مستوى العالم".
"هذا يتعارض مع الممارسات الحالية في الصين، حيث في بعض الأحيان لا يكون لديك حتى قواعد مكتوبة. لم أشعر أننا يمكن أن نتطور بسرعة كافية لاغتنام الفرص. في النهاية يعود هذا إلى صراع الفلسفات بين حضارتين".
تاريخ متقلب للشراكات المصرفية في الصين
1995
أخذ بنك مورجان ستانلي زمام المبادرة في وقت مبكر في السباق ليصبح بنك الاستثمار العالمي الصيني، وشكل أول مشروع محلي مشترك في صفقة تاريخية مع شركة الصين الدولية لرأس المال. ولكن في 2010، باع بنك مورجان ستانلي حصته في المشروع المشترك، بعد أن تخلى عن السيطرة الإدارية قبل عقد من الزمن. ودخل في شراكة أخرى مع شركة هوا شين للأوراق المالية في 2011.
2004
دخل بنك جولدمان ساكس في مشروع مشترك مع شركة جاو هوا للأوراق المالية. تم منحه الموافقة على السيطرة 100 في المائة في تشرين الأول (أكتوبر) 2021. ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من الانفصال بحلول نهاية 2022.
2006
أنقذ بنك يو بي إس شركة بكين للأوراق المالية، مكتسبا سيطرة إدارية مبكرة على الشركة. وأصبح أول بنك يسيطر على حصة أغلبية 51 في المائة في كانون الأول (ديسمبر) 2018، عندما سمحت الصين للبنوك الأجنبية بالاستحواذ على حصص كبيرة في مشاريعها المشتركة. ورفعت حصتها إلى 67 في المائة هذا العام، لكنه قال إنه لن يسعى إلى السيطرة الكاملة.
2008
أطلق بنك كريدي سويس مشروعا مشتركا مع شركة فاوندر للأوراق المالية، لكنه لم يستحوذ على حصة الأغلبية في الشركة حتى 2020. وفي 2021، عين جانيس هو، حفيدة زعيم الحزب الشيوعي هو ياوبانغ، كرئيسة للشركة.
2009
دخل دويتشه بنك في شراكة مع شركة شانشي للأوراق المالية لتشكيل تشونغ دي للأوراق المالية، لكنه لم يعلن منذ ذلك الحين أي خطط جديدة للشركة.
2010
أسس بنك جي بي مورجان مشروعا مشتركا مع فيرست كابيتال للأوراق المالية، حيث يمتلك نحو ثلث الشركة. وبعد ستة أعوام، انسحب من الشراكة عندما بدت السيطرة الكاملة غير قابلة للتحقيق. بعد ذلك بعامين، عاد إلى السوق بحصة 51 في المائة في شريك محلي جديد. وكان أول بنك يمنح سيطرة 100 في المائة على مشروعه المشترك في آب (أغسطس) في 2021.
2012
دخل سيتي بنك في مشروع مشترك مع أورينت للأوراق المالية، حيث حصل على حصة 49 في المائة كحد أقصى. لكنه انسحب من الشركة في 2019 في محاولة لإنشاء شركة وساطة خاصة بها بعد رفع القيود التنظيمية على الملكية. لم يدخل السوق مرة أخرى بعد.
2017
بعد عامين من الانتظار للحصول على موافقة الجهات التنظيمية - بعد أن أعلن الشراكة في 2015 - قام بنك إتش إس بي سي أخيرا بتأسيس شراكته مع شيانهاي للمقتنيات المالية لتقديم خدمات مصرفية استثمارية، وحصل على سيطرة 51 في المائة.