الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل هي "سايكس- بيكو" جديدة؟

هل هي "سايكس- بيكو" جديدة؟

01.04.2015
د. طيب تيزيني



الاتحاد
الثلاثاء 31-3-2015
تتوالى الهزات الكبرى في العالم العربي، مُراداً لها أن تفضي إلى تفتيته وإعادة بنائه وفق التوازنات الجديدة؟ أو يراد لها أن تكون ذلك. وإذا كان هنالك اختلاف في التعبير الاصطلاحي عن واقع الحال هذا، فإن الأمر يمكن أن يكتسب تعبيرات جديدة وفق الوقائع المشخصة، وفي ضوء هذا يمكن أن يعاد النظر في "مصطلح" سايكس- بيكو، بحيث يمكن أن يصبح "الشرق الأوسط الجديد"؛ هذا مع الإشارة إلى أن المصطلحين المذكورين غير متطابقين بطبيعة الحال، وذلك بسبب دلالات وخصوصات كل منهما. وفي المقابل، فإن المصطلحات الأخرى المعبرة عن واقع الحال العربي الجديد هي أيضاً خاضعة للتغير وفق التغيرات والتحولات الحاصلة.
ها هنا، قد نستطيع ضبط ذلك بمصطلحين اثنين آخرين أو أكثر، وفق الإنتاج الفكري الشغال في هذا الحقل، ومعروف أن السادات استخدم مصطلحاً تحقيرياً للتعبير عن الانتفاضة، التي اندلعت في عهده بمصر، وهو المعروف بـ"انتفاضة الحرامية".
أما الجديد على الصعيد الأول فقد اكتسب اصطلاحين اثنين آخرين، هما "الربيع العربي" و"الثورة"، وربما كذلك "الانتفاضة".
وقد يضاف إليه مصطلح آخر أو أكثر في قادم الأيام؛ مع الإشارة إلى أن هذه التعبيرات أو المصطلحات يتشابك بعضها ببعض. بالاعتبار الدلالي والإشاري والمعنوي، وها هنا يتعين على البحث العلمي السوسيولوجي والتاريخي أن يدلي بدلوه.
وإذا كانت تونس وسوريا وليبيا واليمن قد عرفت تغيرات، بحسب ذلك الاعتبار، فإننا نرى أن تونس دخلت مرحلة استقرار أولي نسبي، لتظل البلدان العربية الأخرى سائرة باتجاه مثل تلك المرحلة. أما الحدث الكبير الذي لا نراه مفاجئاً، فهو ذلك الذي اندلع كالحريق في الهشيم باليمن. ولابد من الإشارة إلى عاملين اثنين كانا من وراء ذلك. يكمن أولهما في كون اليمن بلداً يعج بالثروات والمصالح الاستراتيجية، القابلة للتفعيل من منطقة أو أخرى. وفي هذا الموقع تأتي إيران في مقدمة البلدان، التي تسعى إلى إحياء مشاريع وأحلام قديمة بالتوافق مع ما يمكن استثماره من اليمن: إنه المشروع الفارسي، الذي تحدث عنه إيرانيون رسميون بوضوح وبالعلن. أما بعض أدوات ذلك فهي موجودة في داخل البلد ذاته، كما في خارجه. ولكن الإيجابي هو محاولة السعودية إحياء مشروع الأمن العربي والدفاع عنه؛ وليس هنالك خيار آخر.
من هنا، جاء اليمن -في مواصفاته الراهنة- ليقوم بهذا الدور، ليس هي سايكس- بيكو، كما كان، وإنما هي حال قد نحدده بكونها جديداً جدة الأحداث والسياقات، مع الإشارة إلى أن من كان وراء هذه السايكس- بيكو، يكتسب الآن وظيفة قد تكون جديدة قديمة وفق واقع الحال، لكن الجديد هو، على الأقل، متابعة التطلع للمشروع العربي التوحيدي النهضوي.