الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل سينقذ الكرملين الاقتصاد السوري من تداعيات قانون قيصر؟

هل سينقذ الكرملين الاقتصاد السوري من تداعيات قانون قيصر؟

15.06.2020
فالح الحمراني



القدس العربي
الاحد 14/6/2020
على خلفية اقتراب دخول العقوبات الأمريكية على سوريا المسماة بـ”قانون قيصر” حيز التطبيق، ومؤشرات تداعياتها، حتى قبل أن تكون سارية المفعول على اقتصاد البلاد، عرضت روسيا على واشنطن الدخول في حوار موضوعي حول الأزمة السورية، ولمحت إلى مخاطر الإرهاب التي ما زالت قائمة واحتمالات تهديدها للغرب. ومن المرتقب أن تطال العقوبات مصالح الدول التي تتعاون مع سوريا، وترتبط بها بعلاقات اقتصادية، وستكون من بينها روسيا، فضلا عن إيران ولبنان.
ولفت تقرير لمؤسسة “باري” الإخبارية أن سوريا الحليف الرئيسي لروسيا في الشرق الأوسط، تشهد أزمة عملة. منوها بأنه حتى الشركات الروسية بدأت بسبب العقوبات ترفض الصفقات في سوريا. وانخفضت تدفقات العملات الأجنبية إلى البلاد بشكل حاد في أوائل حزيران/يونيو. والمشكلة الهامة في سوريا، كما يرى التقرير، هي استيراد الحاجات الأساسية. فسوريا تستورد حتى الأرز والمعكرونة والعدس. وتأمل الولايات المتحدة في أن تتسبب الأزمة الاقتصادية في اضطرابات اجتماعية وبالتالي رحيل بشار الأسد. ومن غير المرجح أن تساعد الدول العربية والإسلامية سوريا. فتركيا والمملكة العربية السعودية ضمن أعداء الحكومة السورية الحالية. وأضاف التقرير: يبقى الكرملين، لا أحد يعرف ما هو القرار الذي سيتخذه فلاديمير بوتين.
ووفقا لنائب وزير خارجية الاتحاد الروسي سيرجي ريابكوف أثناء مناقشة نظمها “مجلس الشؤون الخارجية” عبر الإنترنت في التاسع من الشهر الجاري بصدد العلاقات الروسية ـ الأمريكية، فإن روسيا تجري حوارا مهنيا ومكثفا مع الولايات المتحدة بشأن سوريا، ويتم من خلال القنوات العسكرية تشغيل آلية حل النزاعات، وهذه تجربة جيدة جدا لروسيا، ويمكن استخدامها لاحقا في حالات أخرى. وقال ريابكوف: “نؤكد من جديد اهتمامنا بتحسين الاتفاقية الثنائية مع الولايات المتحدة بشأن منع الأنشطة العسكرية واتفاق تجنب الحوادث العسكرية الخطيرة، وسيكون من المفيد أيضا استخدام التجربة السورية”. وعلق الدبلوماسي على العلاقات الحالية بين روسيا والولايات المتحدة في سوريا، وأبدى استعداده للحوار، قائلا: “سنبذل قصارى جهدنا لضمان فهم الولايات المتحدة بشكل صحيح لماذا وماذا نفعل هناك”. مؤكدا “سوف نوسع الحوار مع الولايات المتحدة إذا ردت بالمثل، وإذا أرادت ذلك. من جانبنا نحن مستعدون لذلك”. وسيتم عرض مبادرة الحوار في الأيام المقبلة، قبل دخول العقوبات الجديدة على سوريا حيز التنفيذ.
وعلى حد تقييم وكالة أنباء “نوفوستي” الرسمية فإن الوضع الاقتصادي في سوريا أصبح معقدا بشكل حاد مع اقتراب العقوبات الأمريكية الجديدة الذي يؤثر على جميع مجالات الاقتصاد السوري تقريبا. وستنطبق العقوبات أيضا على الشركات والأفراد الأجانب الذين يتعاونون مع الحكومة السورية. وهناك العديد من الشركات والمشاريع الروسية التي ستشملها العقوبات.
ولا تستبعد بعض التقارير أن تكون روسيا قد اتخذت تدابير لدعم الليرة السورية التي أظهرت مؤخرا انخفاضا سريعا بسبب حزمة العقوبات الأمريكية الجديدة، التي وصفتها الحكومة السورية بأنها حرب اقتصادية. ومن المحتمل أن تضطر موسكو إلى إعادة تنسيق تفاعلها مع دمشق ومساعدتها على تجنب المخاطر.
ولفت المحللون الانتباه إلى أن العملة السورية، بعد انخفاض حاد تمكنت قليلا من التعافي، وارتفعت الليرة بنسبة 20 في المئة تقريبًا مقابل الدولار. ودفعهم ذلك إلى الذهاب بأن الجانب الروسي استخدم أدوات لتحقيق الاستقرار، على سبيل المثال، ضخ العملة الصعبة في البنك المركزي السوري. وإذا صح هذا فإن موسكو تحاول إعادة النظر في سياستها بموجب “قانون قيصر” والذي على الرغم من أنه لم يدخل حيز التنفيذ، فقد أصبح بالفعل أحد العوامل في انخفاض قيمة الليرة الحالي إلى جانب إجراءات المضاربة من قبل الصيارفة المحليين. وضمن هذا السياق ربطت بعض التقارير قرار إقالة الرئيس بشار الأسد عماد محمد خميس من منصبه كرئيس لمجلس الوزراء الخميس 11 حزيران/يونيو الجاري. وذكرت بوابة “نيوز. رو” الإخبارية أن القانون ينص على عقوبات ضد القوات السورية وغيرها من المسؤولين المتورطين وفقا للرؤية الأمريكية بارتكاب فظائع خلال الحرب الأهلية السورية، فضلا عن تمويل التحقيقات والملاحقات القضائية في جرائم الحرب. ويفرض أيضا عقوبات على أولئك الذين يدعمون “الجهود العسكرية لنظام الأسد” في الحرب، ويخول وزير الخارجية الأمريكي دعم منظمات جمع الأدلة بشأن أولئك الذين ارتكبوا جرائم حرب في سوريا. والعقوبات الجديدة تسمح أيضا بمقاضاة الشركات الأجنبية إذا اتضح أنها تدعم القمع. وتقف روسيا في صف الدول التي تدعم الأسد عسكريا. ويعتقد الخبراء أن اعتماد القانون يمنح الولايات المتحدة طريقة أخرى لمعاقبة بشار الأسد وحلفائه.
 وذكروا أيضا بأن مشروع القانون سيدفع سوريا وروسيا للتوقف عن استخدام المجال الجوي لضرب المدنيين، وتوفير ضمانات وصول البعثات الإنسانية إلى المناطق “المحاصرة من قبل الحكومة السورية” والإفراج عن السجناء السياسيين وضمان التحقيق في الجرائم في هذه المنطقة.
والأكثر إثارة للاهتمام في مشروع القانون كما يراه محللون روس هي التدابير ضد الدول، حيث يعاقب قانون قيصر التعاون مع نظام الأسد في عدد من المجالات، وليس فقط المشاركة في العمليات العسكرية، ولكن أيضا في سياقات أخرى. لذا فإن الدول والمنظمات الأجنبية مهددة بالعقوبات للمشاركة في إعمار البنية التحتية في سوريا.
ويزعم أن تشديد العقوبات سيحرم نظام الأسد من الأموال، بما في ذلك من المستثمرين الأجانب، ولن يسمح له بالاستفادة من مشاريع البناء. بالإضافة إلى ذلك فإن استعادة المرافق الاجتماعية والحياة السلمية في المناطق المحررة عامل مهم في نتائج الصراع السياسي.
وكتبت صحيفة “روسيسكايا غازيتا”: أن القانون الموجه للحماية المدنية لعام 2019 المعروف باسم قانون قيصر، والذي سيدخل حيز التنفيذ في 17 حزيران/يونيو، وفقًا للوثيقة، التي تلقت دعمًا من الحزبين في الكونغرس الأمريكي، فإن العقوبات لن تنطبق فقط على الحكومة السورية والجيش السوري، وحسب ولكن أيضا على أي دولة تدعم النظام السوري”. ووضع هذا القانون لبنان في موقف صعب.
وترى الصحيفة ان الإجراءات التي ينص عليها قانون قيصر، بفرض القيود على الأطراف المتعاونة مع النظام السوري أثارت قلقا شديدا لدى لبنان، الذي يحتاج حاليًا إلى مساعدة جادة من صندوق النقد الدولي. وأضافت: سيجبر قانون قيصر بيروت على تنفيذ سلسلة من الإصلاحات لتحسين النظام الأمني ​​على الحدود مع سوريا.