الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل سنشهد انفراجات في العام الجديد؟ 

هل سنشهد انفراجات في العام الجديد؟ 

03.01.2021
رأي القدس
رأي القدس



القدس العربي 
السبت 2/1/2020 
دفعت أحداث السنة الماضية، مع انتشار كوفيد 19، وتداعياته الصحّية والاقتصادية المدمرة، الكثير من شعوب العالم نحو أوضاع صعبة حتى في بلدان تعتبر من الأغنى والأقوى والأكثر ازدهارا في العالم، غير أن تلك الأحداث وتداعياتها، تضافرت، في كثير من البلدان العربية، وكذلك في أنحاء العالم، التي تعاني شعوبها من حروب داخلية، أو انهيارات أمنية، أو أشكال جماعية من الاضطهاد القومي والديني، لتؤدي إلى أحوال كارثية تشارك فيها انتشار الوباء مع الإبادة والقصف والقمع السياسي والتهجير القسري والتعذيب، كما وظّفت بعض السلطات السياسية والأمنيّة هذه الأوضاع الصحّية الاستثنائية لفرض مزيد من الإجراءات القاسية والتدابير وملاحقة الخصوم السياسيين والمعارضين. 
كان لوجود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في "البيت الأبيض" دور إضافيّ في تغيير الأوضاع السياسية العربية نحو الأسوأ، مع تبنّيه أجندة دعم هائل لليمين المتطرف الإسرائيلي، عبر إصداره مجموعة من القرارات الكارثية على الشعب الفلسطيني، من إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، إلى إيكاله ما سمي بـ"صفقة القرن" إلى صهره ومستشاره جاريد كوشنر، وصولا إلى رعايته شؤون التطبيع مع الدول العربية، سواء مع الدول الراغبة والمتحمسة، كالإمارات والبحرين، أو بممارسة ضغوط كبيرة واستغلال قضايا شائكة وحساسة وابتزاز حكومات، كما حصل في السودان، التي كانت رازحة تحت قائمة الإرهاب الأمريكية، أو المغرب، التي تسعى منذ عقود للحصول على إقرار أمريكي ودولي بسيادتها على الصحراء الغربية. 
ما زال العالم يعاني من وباء كورونا، ويتحسّب من انتشار سلالة متحوّرة منه، لكنّ هذا لا يمنع من رؤيتنا لنافذة أمل مفتوحة، مع بدء مجمل دول العالم بتحصين مواطنيها عبر تلقيحهم بأنواع اللقاحات التي تم اكتشافها، ومع اكتساب البشرية خبرة كافية للتعامل مع هذا الشكل المخيف والعام الانتشار من الأوبئة. وإذا كانت بعض الأنظمة والاتجاهات السياسية قد وظفته باتجاه معاداة الأجانب واللاجئين، فإن انتشاره الكبير في أمريكا وأوروبا كشف تناقضات الدعايات اليمينية والعنصرية، وأظهر صدوعا كبيرة في الأنظمة الصحية للدول المتطورة اقتصاديا وسياسيا، كما أظهر ضرورة اتحاد قدرات البشرية العلمية والسياسية والاقتصادية لمجابهة عدو واحد. 
على المستوى العربي شهدنا تقدما في بعض البلدان، فقد أدى تراجع نفوذ الجنرال خليفة حفتر في ليبيا إلى تقدم المسار السياسي، حيث اجتمعت الأطراف الليبية مرات عديدة، تحت إشراف الأمم المتحدة، وتوصلت إلى بعض الاتفاقات الممكن تحويلها إلى واقع على الأرض، كما أن الحكومة اليمنية، التي عادت إلى عدن وواجهت انفجارا لإيقاف مسارها، تمكنت من الوصول إلى موقعها وبدء العمل لتغيير الظروف المأساوية التي يعاني منها اليمنيون، كما قامت حكومة مصطفى الكاظمي في العراق، وهي تحاول إدارة الدفة ضمن مصاعب عديدة، فيما ينتظر اللبنانيون، نهاية لمشاكلهم السياسية والاقتصادية العالقة، والتي أجلت إعلان حكومة جديدة، بعد تكليف سعد الحريري، ويتابع التونسيون تجربتهم الديمقراطية الفريدة، ليس من دون صعوبات، ويسعى الموريتانيون للتقدم في محاسبة الفساد وتحقيق مزيد من الديمقراطية. 
يترقب الخليجيون، والعرب، أيضا لقاء القمة الخليجية الذي سيعقد في مدينة العلا بعد أيام قليلة، والتي يعتبر انعقادها بحد ذاته، بوجود تميم بن حمد آل ثاني، أمير قطر، في السعودية، وهي أحد أطراف الحصار ضدها، مع البحرين والإمارات ومصر، نوعا من التقدم باتجاه المصالحة الخليجية، التي تسعى الكويت، والولايات المتحدة الأمريكية، إلى إنجازها، ويفترض أن تنعكس أي تطورات إيجابية في الخليج والعالم العربي على الأزمات المفتوحة فيه، بما فيها الصراع المستمر في سوريا، وصراع الفلسطينيين والعرب مع إسرائيل.