الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل جمع حلف الثورات المضادة حفتر والأسد ضد تركيا؟

هل جمع حلف الثورات المضادة حفتر والأسد ضد تركيا؟

05.03.2020
الخليج أونلاين


لندن - الخليج أونلاين (خاص)
الاربعاء 4/3/2020
منذ اندلاع ثورات الربيع العربي بدأ تشكل ما يسمى حلف "الثورات المضادة"، والذي ساهم إلى حد بعيد في دعم الانقلابات العسكرية وإفشال تحركات الشعوب الباحثة عن الديمقراطية والعدالة الاجتماعية بعيداً عن الاستبداد والحكم العسكري الذي عانت منه معظم الجمهوريات العربية على مدار نصف القرن المنصرم.
ومنذ إسقاط الحكم المدني في مصر عام 2013، ودعم انقلاب عبد الفتاح السيسي ضد حكم الرئيس الراحل محمد مرسي، أول رئيس منتخب ديمقراطياً في تاريخ البلاد، برزت الدول الداعمة للثورات المضادة، مثل الإمارات والسعودية، ومن خلفهم روسيا، بدعم الأنظمة العميقة السابقة في سوريا وليبيا واليمن ومصر وحاولوا جهدهم في تونس إلا أنهم فشلوا في تحقيق ذلك حتى الآن.
يضاف كل هذا إلى تأثير تلك الدول في الحراكات الشعبية التي خرجت عام 2019، وهنا يدور الحديث حول السودان والجزائر.
ومع دعم الإمارات والسعودية ومصر وروسيا لمليشيا اللواء المتقاعد خليفة حفتر (تدعمه فرنسا أيضاً)، يتكشف يوماً بعد يوم أن الأخير له صلات مع نظام بشار الأسد في سوريا والذي ينال دعماً هائلاً من روسيا وإيران، ما يعني أن هناك تنسيقاً واسعاً بين تلك الأنظمة بما يضمن مصالحها على حساب الشعوب العربية.
الأمر الذي يظهر وكأنه تحالفات "غير رسمية" في إعادة إنتاج الأنظمة المستبدة والتي خرجت ضدها ثورات عارمة، في مقابل إفشال التجارب الديمقراطية التي تدعمها تركيا، حيث يتوافق ذلك مع مبادئ حكومتها ونظامها السياسي الحالي الذي يرفض منطق الانقلابات العسكرية رفضاً قاطعاً.
مصالح حفتر والأسد
وتجتمع مصالح حفتر والأسد في الكثير من النقاط، حيث قامت في سوريا وليبيا ثورات شعبية عارمة، تحولت بسبب القمع الكبير إلى ثورات مسلحة، استطاعت خلع نظام معمر القذافي، إلا أنها لم تستطع استكمال مرحلتها الانتقالية لبناء دستور جديد وتأسيس نظام ديمقراطي مناسب بسبب الثورة المضادة التي قادها حفتر.
كما أن الثورة السورية العسكرية لم تنجح بإسقاط نظام الأسد في دمشق، بسبب الدعم العسكري المهول الذي حصل عليه من روسيا وإيران، وعدم جدية المجتمع الدولي في إسقاطه.
كما يلتقي الجانبان فيما يعتبرانه "عدواً مشتركاً" يعمل ضدهما عبر وجود قواته بطلب شعبي من طرف، ولأن مثل هذه الأنظمة العسكرية تهدد الديمقراطية التركية التي نجت من انقلاب فاشل في يوليو 2015.
وتدعم القوات التركية حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً كممثل للشعب الليبي بموجب اتفاقات أمنية (وقعها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس حكومة الوفاق فايز السراج أواخر عام 2019) سمحت لقوات عسكرية تركية بالتواجد في العاصمة طرابلس.
وفي مقابل ذلك توجد القوات التركية في مناطق متفرقة من الشمال السوري بموجب اتفاقية "أضنة" الموقعة عام 1999 بين أنقرة ونظام الرئيس السابق حافظ الأسد، حيث تسمح لها الاتفاقية بنشر قوات عسكرية لعدة كيلومترات من الحدود إذا ما تعرض أمنها القومي للتهديد، حيث سعت عدة دول كبرى (الولايات المتحدة) وعربية (السعودية والإمارات) لدعم مليشيات انفصالية كردية (منذ عام 2014) تهدد وحدة سوريا وأمن تركيا.
وينال بشار الأسد وخليفة حفتر دعماً روسياً سياسياً قوياً في المحافل الدولية بمحاولة لإضفاء الشرعية "الساقطة" عليهما، وعسكرياً ولوجستياً لمنع سقوط أي منهما، حيث تدخلت موسكو في سوريا منذ عام 2015 بثقل عسكري وجوي كبير، وبنت عدة قواعد عسكرية في الأراضي السورية، وانتشرت شرطتها في العاصمة والمدن الكبرى، وتسبب طيرانها بقتل وجرح عشرات آلاف السوريين، وتهجير ونزوح الملايين.
كما أن لروسيا مرتزقة حاربت وما زالت تحارب في سوريا، وهي ذاتها التي تدعم مليشيات حفتر في معركتها قرب العاصمة طرابلس منذ أبريل 2019.
وتختلف تركيا وروسيا في الملفين السوري والليبي، حيث تصر موسكو على دعم نظام الأسد ومليشيا حفتر رغم تورطهما في جرائم حرب، فيما تتشبث أنقرة بضرورة التوصل إلى حل سياسي بكلا البلدين ينتهي بإجراء انتخابات ديمقراطية ومحاكمة مجرمي الحرب.
ولا ينتهي الأمر هنا، فقد كشف تحقيق صحفي في مايو 2019، عن نشاط طائرات شحن عسكري وتجسس إماراتية في الأجواء الليبية تقدم دعماً لخليفة حفتر، سبق أن قدمت دعماً لنظام الأسد.
وذكر التحقيق، الذي أعدته قناة "الجزيرة"، أنّ قوات حفتر تستعين بطائرتي شحن عسكري من طراز "يوشن 76"، تتبعان لشركة "ريم ترافيل" الإماراتية - الكازخية.
وأضاف التحقيق أن طائرتي شحن "يوشن 76" تقومان برحلات شبه منتظمة بين مصر و"إسرائيل" والأردن وليبيا، مشيرة إلى أنّ إحدى الطائرتين التابعتين للشركة الإماراتية قدمت دعماً عسكرياً لقوات الأسد في عام 2015.
وأوضح التحقيق أن طائرتي استطلاع تستأجرهما الاستخبارات الفرنسية نفذتا طلعات تزامناً مع هجوم حفتر على طرابلس.
ولفت إلى أن طائرات النقل العسكري التي تدعم قوات حفتر تغلق أجهزة التتبع من حين لآخر لإخفاء نفسها أثناء وجودها في ليبيا.
وتأكيداً لما سبق، فقد قالت مجلة "نيوريببلك" الأمريكية، في مايو 2019 أيضاً، إنّ "الإمارات تدعم قيام أنظمة استبدادية في المنطقة؛ لأنها تخشى من الإسلام السياسي والديمقراطية، لذا فإنها تدعم خليفة حفتر".
تطبيع العلاقات
وبعد ثماني سنوات على الانقطاع الدبلوماسي المعلن بين نظام الأسد والنظام العميق في ليبيا، أعاد حفتر افتتاح السفارة الليبية في دمشق بحضور وفد ليبي رفيع المستوى تابع له، الثلاثاء (3 مارس 2020).
وذكرت وكالة "سانا" التابعة لنظام الأسد أنه تم تسليم السفارة الليبية "للحكومة" المؤقتة التابعة لحفتر (غير معترف بها دولياً)، بعد أن وقّع الطرفان في دمشق مذكرة تفاهم لإعادة افتتاح السفارات في كلا البلدين.
ومع توقيع المذكرة أصبح النظام السوري أول من يعترف بحكومة حفتر، غير الشرعية في ليبيا.
وفي إطار ذلك قال فيصل المقداد، نائب وزير الخارجية التابعة للنظام السوري، خلال مراسم إعادة افتتاح السفارة رسمياً، إن "عودة العلم الليبي مرفرفاً في سماء سوريا مقدمة طبيعية لعودة أعلام أخرى".
وأردف المقداد أن "العلم السوري سيرتفع قريباً في سماء ليبيا"، معتبراً أن "السيناريو السوري لا يختلف عن الليبي إلا في التفاصيل".
وشدّد على أن "القرار السوري هو تحرير كل ذرة تراب من الأرض السورية"، لافتاً إلى أن "قرار سوريا أيضاً هو دعم الأشقاء الليبيين؛ لتحرير الأرض الليبية من مغتصبي الأرض، فالعدو واحد فإذا انهزمت تركيا في طرابلس فهي هزيمة لها في سوريا، وإذا انهزمت في سوريا فهي هزيمة لها في طرابلس".
وأكمل: "ثقة سوريا كاملة بالأصدقاء الروس، وهي غير قابلة للتشكيك، وهم يعملون مع سوريا في إطار القانون الدولي وتنفيذ الشرعية الدولية وفي إطار تنفيذ قرارات أستانة ومعركتنا واحدة ضد الإرهاب، وهذا يشكل الأبعاد التي ستجري عليها أي مباحثات قادمة بين الأصدقاء الروس والطرف الآخر".
ويتكشف من تصريحات المقداد أن تشبيك العلاقات مع حفتر هي في إطار رسالة إلى أنقرة، بأن الجبهة ضدها هي واحدة، سواء بإدلب شمالي سوريا أو في طرابلس، وأن التنسيق الدبلوماسي بين موسكو وهذه الأنظمة هو أساس التحرك.
وخطوة حفتر ونظام الأسد تنال دعماً إماراتياً، إذ أعادت أبوظبي، أواخر 2018، تفعيل سفارتها في دمشق، وسط إعادة للتطبيع العلني الكامل مع نظام الأسد الذي أوغل في دماء السوريين وأشعل حرباً تسببت بمقتل وتهجير ولجوء الملايين.
وقبل افتتاح السفارة بيوم استقبل رأس النظام السوري بشار الأسد وفداً ليبيا برئاسة نائب حكومة حفتر (غير معترف بها) عبد الرحمن الأحيرش، ووزير الخارجية والتعاون الدولي عبد الهادي الحويج.
وقالت وكالة "سانا" إنّه "تم التأكيد في اللقاء على أنّ ما يحدث في سوريا وليبيا واحد، وأن الحرب ضد الإرهاب ليست معركة البلدين فقط، خاصة أنها ستحدد مصير المنطقة في مواجهة المشاريع التي تحاول بعض الدول فرضها عليها عبر أدواتها، وعلى رأسها نظام أردوغان الذي باتت سياساته القائمة على استخدام الإرهاب لتحقيق مصالح سياسية هي العامل الأساس في زعزعة استقرار المنطقة ككل".