الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل تكون سوريا منطلق الحرب الإسرائيلية – العربية ضد ايران؟ 

هل تكون سوريا منطلق الحرب الإسرائيلية – العربية ضد ايران؟ 

16.02.2021
علي حماده


النهار العربي 
الاثنين 15/2/2021 
تعود الساحة السورية إلى واجهة الصراع الإسرائيلي – الإيراني مع تأكد القرار الإستراتيجي الإسرائيلي بالعمل المنهجي لمنع تموضع الإيرانيين و ميليشياتهم في الجنوب السوري، وذلك مهما كلف الامر. فإسرائيل تعرف تماماً أن أي تقاعس في مواجهة التموضع الإيراني في الجنوب السوري، و لو لأسابيع معدودة، يمكن ان يخلق واقعاً جديداً سيكون من الصعب تغييره، نظراً لكون الإيرانيين يصرون على تغيير التوازن الدقيق في الجنوب السوري المحاذي لخطوط التماس بين سوريا و الإسرائيليين، ليتوسيع خط التماس الإيراني مع إسرائيل من رأس الناقورة على الساحل اللبناني الى خطوط وقف اطلاق النار في الجولان، وصولاً الى حدود بادية الشام و الحدود مع الأردن . 
 انها خطوط تماس طويلة لا يمكن لإسرائيل أن تتقبل فكرة ترسخها من دون أن تذهب بعيداً لمنع قيامها، نظراً للتهديد الاستراتيجي الكبير الذي تمثله تلك الخطوط. و لذلك يشهد الجنوب السوري في محافظتي درعا و السويداء تنامياً للعمليات الجوية الاسرلائيلية ويتوقع ان تشهد المنطقة تطورات عسكرية دراماتيكية في الأسابيع القليلة المقبلة، عندما ستكثف إسرائيل من قصفها الجوي لاهداف إيرانية في الجنوب السوري لمنع التوضع الذي في حال نجاحه سيربط بين جبهتي لبنان و سوريا، و يمنح ايران إما عبر تشكيلات "الحرس الثوري" أو عبر المليشيات التابعة مثل "حزب الله"، وضعية متقدمة نوعيا . 
القرار الإسرائيلي لا يتوقف على بقاء رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو في موقعه، بعد الانتخابات المقبلة، بل انه قرار يتعلق بالامن القومي الإسرائيلي الذي يتقدم على التشكيلات السياسية الحاكمة، لا سيما ان كل التقارير الدولية تشير الى أن ايران استغلت مرحلة العقوبات القصوى الأميركية للتحلل من التزاماتها في ما يتعلق بالاتفاق النووي، وقامت بتكثيف جهودها لانتاج السلاح النووي انطلاقا من مواقع نووية سرية خاضعة للبرنامج السري الذي كان يديره العالم النووي محسن فخري زاده الذي لقب قبل تصفيته في شهر تشرين الثاني ( نوفمبر) الماضي ب"أبي القنبلة النووية الإيرانية" . 
اذاً وفيما يتابع الإسرائيليون ضرباتهم الجوية على كامل المسرح السوري، من الجنوب، الى محيط العاصمة و مطار دمشق، وصولاً الى الحدود البرية مع العراق، من دير الزور الى معبر البوكمال الذي تسيطر عليه قوات من "الحرس الثوري " الايراني ومعها مليشيات تابعة له، و ابعد من ذلك الى محيط مدينة حلب في الشمال، تتوالى المواقف الدولية من خرق طهران لالتزاماتها المتعلقة بالاتفاق النووي، و قد أصدر  الثلاثي الأوروبي، فرنسا – المانيا – بريطانيا أكثر من موقف يحذر طهران من مواصلة خرق الاتفاق النووي. اما الاميركيين الذي كان ينتظر منهم مع وصول الرئيس جو بايدن الى سدة الرئاسة ان يسارعوا الى اعلان عودة اتوماتيكية الى الاتفاق، فإنهم يلاحظون ان الإيرانيين يصعدون مواقفهم في ما يتعلق بمسار العودة الى الاتفا ، و الشروط الأميركية التي يرفضونها سلفاً من اجل كسب مزيد من الوقت لفرض واقع "نووي " جديد يقرب ايران أكثر من حيازة القنبلة النووية. 
و الحال أن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الذي كان يدعو الى عودة أميركية تلقائية الى الاتفاق النوي، تبدا بتوقيع الرئيس بايدن سلسلة قرارات إدارية تلغي مفعول قرارات الرئيس السابق دونالد ترامب، يكتشف أن العودة لن تكون تلقائية، بل ان طهران مدعوة الى العودة الى الالتزام بالاتفاق النووي الذي لم ينسحب منه بقية الشركاء( ٤الاثنين 15/2/2021١)، و ان الملفات الاخرى العالقة المرتبطة ببرنامج الصواريخ الباليستية، و السياسية التوسعية الإيرانية في منطقة الشرق الأوسط لا يمكن اغفالها، وتجاوزها، لان في هذه الحالة يمكن أن يؤدي الامر الى نشوب حرب إقليمية كبيرة بين تحالف عربي – إسرائيلي، و ايران تمتد من لبنان الى سوريا و العراق وصولا الى قلب ايران نفسها. 
فالمنطقة في حاجة الى وضع الملفات المهددة للتوازن الاستراتيجي في المنطقة على طاولة المفاوضات، لتجنب انزلاق الأطراف الإقليميين نحو حرب، و لا سيما أن ايران تجاوزت كل الخطوط الحمر خليجياً، و إسرائيليا، و ما عادت فكرة الحرب مستبعدة في المدى المتوسط لوقف الزحف الإيراني المضطرد . 
في  مقابل هذه الوقائع، يستمر التصعيد الإيراني على أعلى المتسويات، فالمرشد الأعلى علي خامنئي يرفض أي حوار وأي تفاوض قبل الغاء جميع العقوبات التي فرضها ترامب، و يصر على عودة الولايات المتحدة السابقة لعودة ايران للالتزام بالاتفاق بعد فرة "تمهل" في العودة لحين التأكد من من تطبيق الولايات المتحدة  وأوروبا رفع العقوبات من الناحية العملية. كل هذا و المجتمع الدولي يترقب موعد الحادي و العشرين من شباط ( فبراير) الحالي موعد بدء طهران رفع معدلات تخصيب اليورانيوم وفقا لـ"قانون استراتيجية رفع العقوبات" الذي اقره البرلمان الإيراني في شهر تشرين الثاني ( نوفمبر) الماضي ، عندما صوت على تصعيد المواجهة مع اميركا و المجتمع الدولي من خلال تطبيق برنامج تحلل تدريجي من الالتزامات المرتبطة بالاتفابق النووي . 
اذاً نحن امام مرحلة تصعيد قصوى في المواقف، و على مسارح العمليات، واهمها اليوم سوريا التي يمكن ان تتحول على حين غرة الى منطلق حرب إسرائيلية – إيرانية- عربية، من لبنان الى العراق وإيران نفسها !