الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل تسير إدلب على طريق الجنوب بعد انتزاع النظام السوري للطرق الدولية؟

هل تسير إدلب على طريق الجنوب بعد انتزاع النظام السوري للطرق الدولية؟

24.09.2019
هبة محمد


القدس العربي
الاثنين 23/9/2019
دمشق – "القدس العربي" : تستعد هيئة تحرير الشام التي تقودها "جبهة النصرة" لمواجهة سيناريوهات هي الأصعب، شمال غربي سوريا مع مضي تركيا بخطوات أكثر تسارعاً باتجاه محاصرة الهيئة والتنظيمات القاعدية، بعدما فشلت الأخيرة في إثبات نفسها كرقم صعب لا يمكن لتركيا تجاوزه بهدف إجبارها على الاعتماد عليها في إدارة ملف إدلب.
وانطلاقاً من رغبة القيادة التركية في الحفاظ على استقرار مناطق نفوذها شمال سوريا، عند حدودها الجنوبية، وحماية بلادها من مجموعة مخاوف، على رأسها توقع موجات نزوح هي الأضخم منذ سنوات، انذرت هيئة تحرير الشام من خوض معركة في إدلب، على غرار ما خاضته قبلها قوات سوريا الديمقراطية في عفرين، وذلك على لسان مستشار الرئيس التركي ياسين أقطاي الذي قال ان بلاده تبذل كل جهدها لإقامة الاستقرار في منطقة إدلب، وهدد في مقابلة أجراها معه تلفزيون "حلب اليوم" ان تركيا لن تصبر حتى النهاية، مرجحاً "أن يتكرر سيناريو عفرين في إدلب، لان هيئة تحرير الشام هي ذريعة لروسيا والنظام من أجل قصف منطقة إدلب". وقال انهم متمسكون بنقاط المراقبة في المنطقة "ولن نتخلى عنها لأن وجودها لتنظيم الوضع الديموغرافي".
مستشار الرئيس التركي يحذر "تحرير الشام" في إدلب من مصير "قسد" في عفرين
وقال المستشار التركي ان "تحرير الشام تدعي أنها تحافظ على إدلب ولكنها ذريعة لجلب القصف والقتل والتدمير والنتيجة تهجير أهالي المنطقة، ويجب تنبيه عناصر تحرير الشام وتحذيرهم من أجل فهم اللعبة التي هم فيها لكي لا يكونوا ذريعة لهدر دم الناس"، معتبراً ان بلاده لا تستطيع أن تحافظ على إدلب بوجود ذريعة هيئة تحرير الشام، وقال ان "الجهاد هو أن تحافظ على الأطفال والمنطقة وليس جلب القتل والتدمير إلى إدلب".
رسالة تركية
ووجه أقطاي رسالة لعناصر "هيئة تحرير الشام" قال فيها "من يريد أن يجاهد فليذهب إلى حمص أو الشام أو الرقة وغيرها من المناطق لا أن يتحصن في إدلب" معتبراً ان النظام السوري ضعيف وغير قادر على السيطرة على مناطق جديدة وما أحرزه سابقاً كان بدعم روسي وإيراني.
وبيّن مستشار الرئيس التركي ان حكومة بلاده متوافقة على ما تم التوصل إليه مع روسيا في "سوتشي" و"أستانة"، لافتاً إلى ان "تركيا ليست مع تقسيم سوريا واتفقنا في سوتشي وأستانة على انسحاب كل العناصر الأجنبية من حزب الله وإيران وأمريكا وتركيا".
ويعتقد مراقبون ان "الهيئة"، كانت تحاول أن تثبت جدارتها لتركيا كطرف لا بد من الحديث معه والاعتماد عليه في إدارة إدلب ومحيطها بعد انتشارها وسيطرتها على المنطقة، وذلك بناء على حاجة تركيا لوجود محافظة إدلب خارج سيطرة النظام وحلفائه، ريثما يتم الوصول إلى ضفة العملية السياسية، لكن التصعيد العسكري الأخير وأزمة النازحين غير المسبوقة، حسب رؤية الخبير السياسي ومدير مركز عمران للدارسات الاستراتيجية منير الفقير، أثبتت فشلاً ذريعاً للهيئة في إدارة الملفات الخدمية وإدارة أزمة النازحين، كما أن الهيئة لم تثبت وجودها عسكرياً على جبهات القتال نسبة لضعف مشاركتها في التصدي للحملة الأخيرة، معتبراً أن هذه العوامل وغيرها شجعت تركيا على المضي قدماً في محاصرة الهيئة بخطوات أكثر تسارعاً.
وأوضح لـ "القدس العربي" أن ما يجري العمل عليه الآن في ادلب، هو التطبيق الفعلي لاتفاق "سوتشي" مع بعض التفاصيل أو التأويلات للاتفاق التي فرضتها روسيا بالقوة على الأرض ومن ذلك وضع ملامح التعاطي مع نقاط المراقبة التركية المتاخمة أو المحاطة بقوات الأسد مثل نقطة مورك وأيضاً شكل وتموضع الفصائل وسلاحها الثقيل، ومسألة التلكؤ في التعاطي مع ملف هيئة تحرير الشام.
وبعبارة أخرى، فإن الاتفاق بين ضامني محور "أستانة" يبدو قائماً، بإجماع المراقبين، اما ما فرضته روسيا أخيراً فيصب في تنفيذ التفاصيل والمسائل الجزئية المختلف حولها عبر الحسم العسكري على الأرض، وربما يوظف هذا السلاح لحسم نقاط جزئية مختلف عليها في المسار السياسي أيضاً "اللجنة الدستورية".
وتسير محافظة إدلب في رأي المتحدث في مسارات مشابهة لمسار المنطقة الجنوبية من سوريا، حيث تم بالتعاون مع المملكة الأردنية وبرضى إسرائيلي للسيطرة على طريق عمان – دمشق القديم وتأمين الطريق الجديد مع معبر نصيب وبذلك انكشف ظهر الفصائل على جانبي الطريقين، فيما يبقى هنا فارق أساسي أن مشكلة النازحين معضلة كبرى لن يكون من السهل حلها، والفارق الآخر أن ثمة نمطاً إدارياً موالياً لتركيا ستنجح تركيا في فرضه في المنطقة (من خلال الحكومة المؤقتة إن صح التسريب) وليس عودة فعلية لمؤسسات النظام كما جرى في درعا، في مقابل تسريع تركيا خطواتها في محاصرة الهيئة وتأمين مرور لمصالح النظام على الطرق الدولية وشراكة معه ومع الإدارات المحلية في إدارة المعابر أو تقاسم مواردها على الأقل.
يمضي قدماً
ويبدو، ان تنفيذ الاتفاق يمضي قدماً إذ ان السيطرة على الطرق الدولية ام4 وام5 ستكشف ظهر الفصائل ولن يكون هناك معنى حقيقي بعد ذلك للفعل العسكري التقليدي المضاد للنظام وحلفائه، وسيصبح الدعم التركي للفصائل مرتبطاً بحاجة تركيا لمجابهة الفرض الروسي لرؤية القيادة الروسية لبعض تفاصيل تنفيذ الاتفاق، حسب رؤية الخبير السياسي الذي تحدث في ما يخص "ضمان مصالح تركيا فيما يتعلق بملف النازحين وبقائهم في أمان ضمن مناطق تواجدهم الحالية وعودة النازحين الجدد إلى المناطق التي هجروا منها في المعركة الأخيرة، وتوازن الحضور والدور الأمني والإداري (من خلال تهيئة الظروف المؤقتة لاستلام ملف إدارة هذه المناطق) بين شرق نهر الفرات وغربه، أي توازن العلاقة التركية مع كل من أمريكا وروسيا ريثما تستقر ملامح الحل في عموم الشمال السوري".