الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل تذهب إيران إلى المواجهة في الجولان؟

هل تذهب إيران إلى المواجهة في الجولان؟

02.04.2019
حسن فحص


القدس العربي
الاثنين 1/4/2019
على الرغم من وصف الرئيس الإيراني حسن روحاني قرار نظيره الأمريكي دونالد ترامب المتعلق بالسيادة الإسرائيلية على أراضي الجولان المحتل، بأنه قرار "استعماري"، إلا أنه يبقى الموقف الرسمي الإيراني الوحيد من أعلى مستوى إيراني، إلى جانب ما جاء على لسان المتحدث باسم الخارجية بهرام قاسمي، الذي اكتفى بالإدانة ورفض القرار المخالف للقوانين والقرارات الدولية.
اللافت في الموقف الإيراني، غياب موقف الجهة المعنية بما يجري على الساحة السورية والفلسطينية، وهي المؤسسة العسكرية، وتحديدا مؤسسة حرس الثورة الإسلامية، التي لم يصدر عن قادتها ومسؤوليها اي موقف واضح ومباشر حول القرار الأمريكي وتداعياته، والآلية التي ستعتمدها سياسيا وأمنيا وعسكريا للتعامل مع هذا التطور، خصوصا أن هذه المؤسسة جعلت من سوريا والدفاع عن بقاء النظام فيها خطا أولا في الدفاع عن بقاء واستمرار النظام في طهران، وحولت الساحة السورية إلى ساحة مواجهة مع ما تسميه المخططات الأمريكية والإسرائيلية والدول المعادية لإيران وحلفائها.
الإدارة السياسية لمؤسسة الحرس، اعتبرت أن قرار الإدارة الأمريكية حول الجولان، يشكل تمهيدا وأرضية للاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الاراضي المحتلة حتى في الضفة الغربية، وأن هذا الإجراء يقع في سياق سلسلة من الإجراءات التي تقوم بها هذه الإدارة للضغط على الدول العربية للتسريع في مسار "صفقة القرن"، وأن ما تريده واشنطن وتل أبيب هو القول بأنهما لا يعتبران العرب مانعا أمام تطبيق سياساتهما، وإذا كانت الدول العربية تريد أن لا تخرج من هذا المسار خالية الوفاض، فإن عليها المسارعة للقبول بما تريده إسرائيل. وأن قرار ترامب يأتي في إطار السياسة العامة التي اعتمدها هذا الرئيس منذ وصوله إلى البيت الأبيض، والتي بدأت مع إعلان نقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس التي اعلنها عاصمة للدولة الإسرائيلية.
على الرغم مما في هذين القرارين من تحد للقرارات الدولية والحقائق التاريخية، وما كان ليحصل لو لم تكن الظروف الموضوعية والميدانية مساعدة لاعتماد هذه المسارات المستفزة والمتعارضة مع كل مسارات العمل من اجل التوصل إلى عملية سلام عادل وشامل. إعلان القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة إليها، جاء تتويجا لحالة الجدل التي سادت المنطقة، خصوصا الدول الإسلامية والعربية المعنية بالقضية الفلسطينية بالدرجة الأولى، حول ما يسمى "صفقة القرن" غير المدونة، إنما هي مسار من القرارات والتطورات تصب في إطار إنهاء ما كان يعرف بالصراع العربي الإسرائيلي، وتلبي الطموح الإسرائيلي بحل هذه القضية على مبدأ السلام مقابل السلام، وليس السلام مقابل الأرض الذي أقرته القمة العربية في دورتها التي عقدت في بيروت عام 2002. وقد تزامن هذا الإعلان مع مرحلة تنشغل الدول المعنية، العربية وغير العربية، في المنطقة بخوض معارك كلا من منطلقاتها، إذ انشغل البعض في خوض معركة إنهاء النظام السوري، وإخراج رئيسه بشار الاسد من السلطة، وإقامة سلطة أو نظام يدور في فلك سياساتها، وذلك في أطار استراتيجية محاصرة النظام الإيراني، وإجباره على الخروج من الساحة السورية، التي تمهد لإجباره على تقديم تنازلات أوسع في ساحات اخرى، خصوصا على الساحتين اللبنانية والعراقية.
في المقابل، وظف الطرف الإيراني وحليفه اللبناني كل إمكاناتهما ومقدراتهما من أجل الدفاع عن النظام السوري، في إطار استراتيجية ترى في الحفاظ عليه مسألة وجودية، وتسمح في تعزيز مواقعهم على الخريطة الإقليمية والدولية وتمنحهم موقعا متقدما في مواجهة الخطط الأمريكية والاسرائيلية وحلفائهما في المنطقة، إضافة إلى دخول الطرف الإيراني والطرف العربي الاكبر والاكثر انخراطا في الازمات الاقليمية وصفقة القرن، أي السعودية، في حرب في اليمن تحولت إلى حرب عبثية ساهمت تداعياتها في استنزاف ما تبقى من مقدرات وقدرات عقّدت عملية التوصل إلى نظام مصلحة عربي واضح، قد يكون قادرا على مواجهة المشروع الإقليمي للاعب الإيراني وحلفائه.
وهنا تعتقد إدارة التوجيه السياسي في مؤسسة حرس الثورة، أن قرار الإدارة الأمريكية الاعتراف الرسمي بالسيادة الاسرائيلية على الجولان، وعلى الرغم من انه يبدو في ظاهره هجوميا وعدائيا، إلا أن الحقيقة فيه، تكمن في حجم الخوف من التطورات التي تشهدها سوريا، والتي ساهمت في رفع مستوى القلق الإسرائيلي، من إمكانية أن يكون هذا الكيان في مواجهة تحديات مصيرية ووجودية لم يحصل أن كان في مواجهتها منذ عام 1967، خصوصا ما يتعلق في استمرار احتلاله للاراضي العربية، خاصة مرتفعات الجولان الاستراتيجية والحساسة.
وتعتقد هذه الإدارة أن جرس الإنذار والخطر قد سمعه قادة تل أبيب عندما قامت القوة الصاروخية للنظام السوري باستهداف المواقع الإسرائيلية في هذه المرتفعات، ردا على قيام الطائرات الإسرائيلية باستهداف مواقع للجيش السوري وحرس الثورة داخل الاراضي السورية في العاشر من مايو 2018، وتعتبر هذه العملية الاولى ضد مواقع اسرائيلية منذ احتلال الجولان، ولم يحرص قادة الحرس في نفي الاتهامات التي وجهت لقواتهم المنتشرة في سوريا بالمسؤولية عن هذه العملية، مع تأكيدهم على أن الرد كان سوريا صرفا قام به النظام، الا أن الهدف الإيراني من ذلك كان محاولة تثبيت قواعد اشتباك جديدة بينهم وبين الجيش الإسرائيلي، الذي يقوم باستهداف المواقع والقواعد الإيرانية وتلك التابعة لحزب الله في سوريا، وذلك تمهيدا لفرض حقيقة عسكرية، أو أمر واقع عسكري يفتح إمكانية تحويل جبهة الجولان إلى جبهة تشبه إلى حد كبير الجبهة الجنوبية في لبنان، قبل القرار الدولي 1701.
الطرف الإيراني وحليفه اللبناني وظفا كل إمكاناتهما من أجل الدفاع عن النظام السوري لأن الحفاظ عليه مسألة وجودية
وهي ترى أن القرار الامريكي جاء لاستباق أي تغيير في المعادلات العسكرية على هذه الجبهة، إذ يساعد تحويل الجولان إلى السيادة الإسرائيلية في إخراجه من صفة المناطق المحتلة، التي تمنح شرعية لأي مقاومة، اعتمادا على القوانين الدولية، وتضعه تحت مظلة الاعتداء على سيادة بلد آخر تعترف بها فقط الولايات المتحدة. وبالتالي فإن أي اعتداء إيراني أو سوري على هذه المرتفعات سيضعهما في مواجهة مباشرة، مع إمكانية دخول أمريكي مباشر للرد عليه، ما قد يدفعهم لإعادة حساباتهم، بناء على اعتقاد واشنطن، قبل الإقدام على أي خطوة من هذا النوع.
تؤكد طهران أن الخطوة الأمريكية، جاءت بعد فشل كل الجهود التي بذلتها تل أبيب، عبر القناة الروسية، مع طهران لإجبارها أو إقناعها بسحب قواتها والقوات الحليفة لها عن حدود الجولان والجنوب السوري، إلا أن هذه الجهود السياسية وحتى العسكرية لم تصل إلى نتيجة، لذلك تسعى إسرائيل وبدعم أمريكي لخلق نوع من الضمانة والخط للدفاع عن نفسها، لكن هذه الجهود، وحسب الاعتقاد الإيراني، لن تثمر، لأن محور المقاومة من طهران إلى بيروت ومعهما النظام السوري مصممة على تحرير الجولان، على غرار ما حدث في الجنوب اللبناني عندما أجبرت إسرائيل على الانسحاب منه عام 2000 نتيجة المقاومة التي قادها حزب الله بدعم إيراني وسوري.
كاتب لبناني