الرئيسة \  تقارير  \  هل تتوجه واشنطن وموسكو نحو الكارثة بعد الفشل الدبلوماسي؟

هل تتوجه واشنطن وموسكو نحو الكارثة بعد الفشل الدبلوماسي؟

17.01.2022
ام اس ان


ام اس ان
الاحد 16/1/2022
أدى فشل المفاوضات التي أجريت بخصوص الملف الأوكراني بين روسيا من جهة، وحلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة من جهة ثانية، إلى وضع الطرفين في وضع ضبابي، لم تشهده العلاقات يوماً بعد الحرب الباردة، وهو وضع يطرح تحديات كبيرة على الجميع لناحية تفادي الانزلاق إلى مواجهة، محتملة، ستكون كارثية.
وتقول وكالة أسوشييتد برس إنه بعكس الخلافات السابقة بين موسكو وواشنطن منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، تنطوي الأزمة الحالية بشأن أوكرانيا على مخاطر تتمثل بحرب اقتصادية مؤذية ومواجهة عسكرية، تعززهما الحسابات الخطائة وردّات الفعل المبالغ بها.
بالنسبة إلى الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، وغيرهما من الحلفاء الغربيين، إن الأمر الوحيد الذي قد يثبت وجود نية حقيقية لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للتفاوض، يتمثل بانسحاب شامل لنحو 100.000 جندي روسي منتشرين حالياً بالقرب من الحدود الأوكرانية. بالنسبة إلى روسيا، إن الرفض الغربي القاطع للنظر في حظر توسع الناتو، وانسحاب القوات الغربية من أوروبا الشرقية، يمثل الدليل على الغدر.
التنازل المستحيل؟
تصعب التنازلات الممكنة التي يمكن أن يقدمها الطرفين، كثيراً، في ظل عدم رغبة بوتين، والرئيس الأميركي، جو بايدن، في إظهار شيء من "التراجع" أمام شعبيْهما أولاً، والعالم والحلفاء ثانياً. وبذلك، فإن رفض كلّ طرف من الاثنين تقديم تنازلات والقبول بـ"مطالب غير واقعية ومتطرفة"، أدى إلى فشل المحاولات الدبلوماسية. من جهة، تتهم واشنطن وحلفاؤها موسكو بإذكاء التوترات دون سبب وجيه، فيما يشكو الروس من الأميركيين ويقولون إنهم "المُعتدون".
ويرى بعض الخبراء أن الوضع لا بدّ أن يصبح أخطر، قبل إيجاد مخرج من الأزمة. فيودور لوكيانوف على سبيل المثال، وهو مدير مجلس السياسات الأجنبية والدفاعية، ومقره موسكو، يقول إن "الهوة في التصورات كبيرة بين الطرفين إلى درجة أنه قد يكون من الإجباري حصول تصعيد جديد وخطير يدفع الطرفين إلى توسيع آفاقيهما والبحث عن توافقات".
ويقول بعض الخبراء الغربيين إن على بوتين أن يقبل بالتسويات في حال فعلاً أراد تجنب النزاع. ويرى البعض أن تركيز بوتين لسنوات على حلف شمال الأطلسي، قد يكون انعكس سلباً، وأعطى الحلف سبباً آخر للحياة والبقاء.
ويصف جيف راذكي، وهو خبير أميركي في الشؤون الأوروبية ودبلوماسي سابق، الوضع بالـ"ضبابي والمتوتر" للغاية ولا طريقَ واضحاً للخروج منه، إلا في حال تراجع بوتين. ويقول راذكي إن بوتين أظهر أنه مستعد للبدء بألعاب خطيرة عبر حشده قوة عسكرية كبيرة، ورغم أنه نجح في الحصول على اهتمام الجميع، إلا أنه لم ينجح في تغيير رأي أحدهم.
الكرة في ملعب من؟
قال مسؤولو الإدارة الأميركية، بدءاً من وزير الخارجية أنتوني بلينكن، ومروراً بالمستشار الأمني جايك سوليفان ووصولاً إلى المفوضة ويندي شيرمان، إن القرار بيد روسيا. وهدّد البيت الأبيض الكرملين: فإما التهدئة والتراجع، وإما فرض العقوبات الاقتصادية وحضور أكبر للناتو في أوروبا الشرقية، وتسليح أكثر للجيش الأوكراني.
مع ذلك، يقول المسؤولون الروس إنهم طرحوا مطالبهم على الغرب كمطالب "حتمية ومطلقة"، مجادلين بأن فشل واشنطن وبروكسل في تلبيتها يجعل من المحادثات حول قضايا أخرى من دون فائدة. وقال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن روسيا حاولت عبثاً خلال سنوات إقناع الأميركيين وحلفائهم بالبدء بمفاوضات بخصوص عدم نشر صواريخ متوسطة وبعيدة المدى في أوروبا.. من أجل تفادي المواجهات الخطيرة بين السفن الحربية والطائرات للطرفين".
وأضاف لافروف أنه الولايات المتحدة والناتو لم تقبلا إلا بحلول الأسبوع الأخير الدخول في هذه المفاوضات، ولكنه أضاف أن القبول يعود إلى رغبة واشنطن في تحويل الانتباه بعيداً من المطالب الرئيسية لروسيا، التي تتمثل بعدم توسّع الناتو أكثر.
كيف ستكون ردّة فعل روسيا؟
يقول أندرو فيس، نائب مدير مؤسسة كارنغي للسلام الدولي ومقرها في واشنطن، إن الغرب بذل دائماً جهوداً دبلوماسية للتوصل إلى تهدئة مع الروس ولكن المشكلة تكمن في أن الروس استخدموا القوة في 2014 (القرم) وفي 2008 (جورجيا)، وأنهم "كانوا مستعدين دائماً للذهاب إلى الحرب من أجل الحصول على ما يريدونه، بعكس القوى الغربية".
وكان نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريباكوف، قال سابقاً إنه في حال رفضت القوى الغربية المطالب الروسية، قد تردّ موسكو خارج أوروبا وذلك عبر نشر محتمل لقوات عسكرية تابعة لها في كوبا وفنزويلا، الأمر الذي اعتبرته الولايات المتحدة تهديداً، وقالت إنها ستردّ عليه بشكل حاسم.
وكتب ديمتر ترنين، مدير مركز كارنغي في موسكو أن غياب الحلول الدبلوماسية تؤدي منطقياً إلى اشتداد الأزمة، متوقعاً أن تنفذ موسكو ما وعد به بوتين، أي باتخاذ سلسلة من التدابير العسكرية-التقنية في حال رُفضت طلباتها. ومن بين تلك التدابير هناك نشر منظومات عسكرية في مناطق مختلفة من العالم وتعزيز العلاقات العسكرية مع بيلاروس وتنسيق أوسع مع الصين.