الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل تتخلى إيران عن الأسد؟

هل تتخلى إيران عن الأسد؟

20.12.2016
إسماعيل الجنابي


الشرق القطرية
الاثنين 19/12/2016
تعد طهران الحليف الأبرز لنظام بشار الأسد، إذ تتمسك ببقائه على سدة الحكم وتدعمه بالمال والسلاح والمقاتلين وقبل كل شيء دعمه على المستوى السياسي طيلة الفترة المنصرمة رغم المحاولات العربية والدولية للإطاحة به أو على أقل تقدير عزله عن العالم، والتي لم يكتب لها النجاح جميعا؛ لسبب بسيط هو التمسك الشديد ببشار حاكما لسوريا من قبل نظام الملالي في إيران، الذي بات يعاني مشكلة داخلية كبيرة نتيجة هذا الدعم الذي سيجعل عملية الانفصال بين إيران وسوريا صعبة جدًا ومكلفة لطهران، ولهذا تعمل إيران جاهدة على رمي كراتها في أكثر من ملعب والاستعاضة ببدائل تحقق لها الغاية المرجوة من تمسكها بنظام بشار، من خلال إيجاد بديل مستقبلي في حالة أطلقت رصاصة الرحمة على حصانها الذي سيفقد ساقه في قادم الأيام وهذا يعتمد على ما سينتج عن العلاقة الإستراتيجية بين موسكو ودمشق.
ونتيجة لتطورات الوضع المعقد في سوريا وكذلك الضغط الدولي على تدخل روسيا الذي بات محط انتقاد وإدانة كبيرة من قبل المجتمع العربي والغربي ومانتج عنه من سلوك سلبي، قد يرضخ الدب الروسي في تغيير أسلوبه البراغماتي في سوريا تجاه الشريك الأقوى (إيران) الذي يعمل إلى تحقيق غاياته وأطماعه خصوصا بعد أن أصبحت موسكو صاحبة النفوذ الأقوى في الملف السوري والتي تعدها طهران تمس بمصالحها على المستوى الإقليمي والمتمثل بعودة العلاقة التاريخية مع إسطنبول اللذين يشكلان رأس حربة رغم اختلاف بعض وجهات النظر الرئيسية خصوصا المتعلقة ببقاء نظام الأسد في سدة الحكم والذي يمثل آخر معاقل الاشتراكية لموسكو وهذا ما بدا واضحا وجليا بعد أحداث حلب الأخيرة التي قد تجعل لغة الحوار ممكنة في بلورة حل سياسي يفضي إلى وضع حد لهذه الخلافات.
إن الهوس المتنامي الذي ينتهجه النظام الإيراني بالتوسع في الشرق الأوسط لم يعد سرًا، لكن خطأ إيران القاتل أنها لا تدرك مدى خطر هذه الإستراتيجية التي ستوقعها في فخ الإنهاك، فضلا عن فشلها في إدراك أنها لا تحظى بترحيب الدول العربية خصوصا مع السعودية التي وصل التصادم معها بشكل علني، وهذا ما يؤشر إلى تذبذب العلاقة بين أمريكا وحلفائها الإستراتيجيين من العرب تجاه ما تفعله إيران من تفرد في سياستها الشرق أوسطية أمام الصمت الأمريكي.
وبغض النظر عن تاريخ العداوة المبطنة بالمواءمة بين أمريكا وإيران، إلا أن هناك توقعا سيحصل قريبا بينهما، يوصل إلى اتفاق مع واشنطن لتحقيق أحلامها في الشرق الأوسط، بتخلي طهران عن حليفها بشار الأسد مثلما تخلت عن حليفها في العراق نوري المالكي، مع الاحتفاظ بكامل مخططاتها وأطماعها في سوريا، من خلال البحث عن مرشح توافقي، يحظى بقبول معظم القوى العالمية، لأن إيران في نهاية المطاف ستركز على تعزيز علاقاتها مع الدولة العميقة، من خلال عملائها فيما تبقى من المؤسسة العسكرية والأمنية السورية.
وهذا ما سيدفع سياسة طهران إلى استخدام وكلائها وعملائها وضباط الجيش السوري الموالين لها، لتمديد سيطرتها على ساحل البحر المتوسط، لإحباط أي محاولات لتوحيد سوريا في ظل حكومة سنية معادية لإيران وهذا تجلى بوصول فصائل جديدة من الحرس الثوري الإيراني إلى طرطوس واللاذقية غرب سوريا، تهدف إلى إعادة صياغة مرحلة ما بعد سوريا في قالب يشبه الحالة اللبنانية والعراقية على حدٍ سواء.