الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل انهارت السياسة التركية في سورية؟

هل انهارت السياسة التركية في سورية؟

28.12.2016
عبدالله الشمري


اليوم السعودية
 الثلاثاء 27/12/2016
يمثل توقيع وزير الخارجية التركي مع نظيريه الروسي والإيراني على "إعلان اتفاقية موسكو" انعطافة كبيرة تُقارب الانهيار بالنسبة للسياسة الخارجية التركية إزاء سورية، والتى قامت طيلة ست سنوات على هدف أساسي يتمثل في رحيل الأسد، وإلى جانب موافقة "أنقرة" على أن "الأولوية في سورية ليس لإسقاط حكومة الأسد"، والاضطرار بقبول خيار الحل السياسي، فقد رضخت أنقرة أيضا للمشاركة في محادثات "استانة" والتى كانت أنقرة من أشد المعارضين لها لسنين طويلة. حيث سبق وأن منعت "أنقرة" فصائل المعارضة السورية والتي تدعمها من المشاركة في هذه المحادثات. بل وقامت "أنقرة" لاحقا بإعادة هيكلة الفصائل التركمانية السورية بعد أن شارك بعضها في هذه المحادثات دون إذن منها.
أهم ما جاء في بنود "إعلان موسكو" والذي وقع عليه وزير الخارجية التركي كان كالتالي:
1) تؤكد إيران وروسيا وتركيا مجددا على احترام سيادة واستقلال ووحدة الأراضي السورية كدولة ديمقراطية علمانية متعددة الأعراق والأديان.
2) لا وجود لحل عسكري للأزمة في سورية. وهم يؤيدون الدور الأساسي للأمم المتحدة لحل الأزمة وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254..
3) دعم الجهود المشتركة في شرق حلب التي تسمح بالإجلاء الطوعي للسكان المدنيين والخروج المنظم للمعارضة المسلحة. وتمديد وقف إطلاقالنار وإيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق وعلى حرية تنقل المدنيين داخل البلاد.
4) تؤكد إيران وروسيا وتركيا على استعدادهم للعب دور المسهل والضامن في مباحثات مستقبلية محتملة بين الحكومة السورية والمعارضة.
5) الوزراء الثلاثة على قناعة تامة بأن الاتفاقية المذكورة ستساعد في إعطاء الزخم اللازم لاستئناف العملية السياسية في سورية وفقا لقرار مجلس الأمن للأمم المتحدة رقم 2254.
6) يأخذ الوزراء بعين الاعتبار الدعوة الكريمة لرئيس كازاخستان لعقد الاجتماعات المناسبة في استانة.
7- تؤكد إيران وروسيا وتركيا عزمهم على المكافحة الجماعية لتنظيم "داعش" و"جبهةالنصرة"، وفصل المعارضة المسلحة عن هذين التنظيمين.
ظروف محلية واقليمية ودولية دفعت مُتخذ القرار التركي لاتخاذ قرار تاريخي ربما يهز صورة تركيا دوليا وإقليميا ويؤثر على صورة قيادتها شعبيا ليس في الداخل بل في الخارج أيضا، ولعل العذر الوحيد أن أنقرة تؤمن أن اللاعبين في المشهد السوري، استسلموا ولو مؤقتا- لهذا الوضع، بإرادتهم أو رغما عنهم.. فتركيا لم تعد لديها نفس الحماسة القديمة تجاه "حلب". والهدف الطموح الذي وضع قبل خمس سنوات، تم تقليصه مع الوقت ليقتصر على "منع الأكراد من تشكيل ممر حدودي جنوبها". ومهما كان الرئيس أردوغان على دراية تامة بكل ما يجري إلا أنه لا يريد أن يتخاصم مجددا مع روسيا بسبب سورية خاصة وأن روسيا وعلى لسان وزير دفاعها اعلنت أن "الولايات المتحدة وشركاءها فشلوا في الحل السياسي وأيضا في الميدان".
مستقبل العلاقات التركية - السورية سيكون صعبا، ولإعطاء مثال على ذلك فمدينة "حلب" والتى تبعد عن الحدود التركية مسافة 60 كلم، كانت تستضيف أربع قنصليات لكل من تركيا، وروسيا، وإيران، وأرمينيا، واذا كانت الدول الثلاث تستطيع إعادة فتح قنصلياتها في "حلب" من جديد- فور تحسن الوضع الأمني- فإن هذا الأمر قد يكون مستحيلا خلال العام القادم، ولن يكون سهلا بالنسبة لتركيا على الأقل لمدة غير قصيرة رغم ما تمثله حلب من وضع خاص في (الوجدان التركي التاريخي) وكذلك أهميتها الاقتصادية.
ليس هذا فحسب بل تحولت تركيا للمسارعة في بناء الجدران مع جارتها الجنوبية، وها هو رئيس شركة "توكي" التركية يُعلن في التاسع من ديسمبر أن تركيا ستنتهي من بناء جدار على طول حدودها مع سورية، والتي تمتد لمسافة 911 كيلومترا، بحلول أبريل 2017 وهذا ما يعني تحول تركيا من الهجوم للدفاع.