الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل المصالحة الخليجية تصبّ في صالح الثورة السورية ولماذا؟ 

هل المصالحة الخليجية تصبّ في صالح الثورة السورية ولماذا؟ 

07.01.2021
عائشة صبري



آرام 
الاربعاء 6/1/2021 
تتباين توقعات السوريين حول انعكاس المصالحة الخليجية على واقع الثورة السورية، فمنهم من قلّل من أهميتها، ومنهم من استبشر خيراً بأنّها ستنعكس إيجاباً على الشأن السوري، ولكلٍّ منهم رؤيته. 
جوانب كثيرة يُناقشها السوريون، ومنهم من يرى أنَّ المصالحة على أقل تقدير ستساعد المعارضة المنقسمة بين السعودية من جهة، وقطر وتركيا من جهة أخرى، في التنسيق فيما بينهم، لا سيّما توقف المناكفات بين الطرفين بسبب الحرب الكلامية الشعواء الناتجة عن الانقسام الخليجي، كما أنَّها ضرورة ملّحة لمواجهة خطر إيران في المنطقة وخاصة سوريا. 
من وجهة نظر عضو الائتلاف الوطني المعارض د. زكريا ملاحفجي، لشبكة "آرام"، فإنَّ "المصالحة الخليجية تصب غالباً في مصلحة الثورة السورية"، مبيناً أنَّ لكلٍّ من قطر والسعودية موقفاً داعماً للحراك الثوري في سوريا. 
وهذا الموقف إن كان متوافقاً والعلاقة بينهما جيدة، فهو أفضل من كونه متبايناً ومتضاداً، لذلك المصالحة تصبّ في صالح السوريين، وبحسب د."ملاحفجي"، فإنَّ التهديدات التي تُحيط بدول الخليج فهي واحدة، وهي ذاتها في سوريا، وإذا حدث توافق سعودي – تركي فسيخدم الملف السوري بشكل أكبر. 
مؤشر جديد 
الحديث عن المصالحة الخليجية "يستوجب العودة إلى أسباب المقاطعة"، وهي اختلاف التوجهات العامة لدول مجلس التعاون الخليجي، وأبرزها السعودية والإمارات، عن توجه قطر من عدة قضايا إقليمية ومنها العلاقة مع إيران ومصر والملف السوري. 
وبناءً عليه، وفق الأكاديمي في العلوم السياسية محمد بقاعي، في تصريح لشبكة "آرام"، فإنَّ المصالحة الخليجية تعد "مؤشراً على توافقات إقليمية جديدة" قد يكون لها انعكاسات على القضايا في المنطقة. 
لكن البعض يُعلي بشكل كبير من تأثير هذه المصالحة على الموضوع السوري، وهذا الأمر يعود إلى مقاربة الوضع، وكأنَّنا ما زلنا ضمن الوضع الذي كان قائماً في عامي 2012 و2013 حيث كان الدور الخليجي مختلفاً تماماً عمّا آل إليه حالياً. 
ويضيف، "بشكل عام دول الخليج فقدت العديد من أدوات تأثيرها على الشأن السوري"، لذلك لا يمكننا القول بأنَّ هذه المصالحة سيكون لها انعكاسات كبيرة على الوضع في سوريا لا سيّما مع وجود دول عظمى مثل روسيا وأمريكا إضافة إلى تركيا وإيران. 
وباعتقاد د."بقاعي" أنَّ المصالحة الخليجية يمكن أن تلعب دوراً إيجابياً في سوريا، وخاصة في حال تبعها -وهو مؤشر قادم- تفاهم خليجي (سعودي) مع تركيا، باعتبار الأخيرة فاعل أساسي في سوريا. 
وفي ذلك الحين نستطيع القول بأنَّ "المصالحة صبّت في صالح الثورة السورية بشكل واضح"، وبالمجمل "لا يمكن لهذه المصالحة أن تغيّر واقع المعادلات الموجودة حالياً في سوريا". 
خطوة في الاتجاه الصحيح 
الكاتب الصحفي فراس علاوي، يرى أنَّ أيَّ تقاربٍ عربي – عربي، هو بالتأكيد يصبّ في مصلحة بقية الدول العربية، وأي دولة بمن فيها سوريا هي بحاجة للعمق العربي، وأيّ عمق آخر سيبقى قاصراً عن دعم الملف السوري، والدليل أنَّ تراجع الثورة سياسياً وعسكرياً جاء بعد الخلافات الخليجية. 
ويضيف لـ"آرام" أنَّ "المصالحة هي خطوة في الاتجاه الصحيح"، وفتح الحدود مع قطر هي عبارة عن "خطوة بناء ثقة" ستستكمل مع باقي الخطوات إلى ما كانت عليه من قبل، حيث خفضت دول الحصار شروطها لقطر من ثلاثة عشر شرطاً إلى ستة شروط. 
توقيت المصالحة جاء متأخراً بالنسبة للشأن السوري، لكنَّها بالمجمل ستفيد السوريين لا سيّما بالملف الإنساني والإغاثي، وخاصة عند التقارب السعودي - التركي، وفي حال التوصّل لحلّ سياسي في سوريا، فسيكون الدعم للاستثمار والاستقرار "جيد جداً"، إضافة إلى دعم الملف السوري في الأمم المتحدة، وبالتالي حصار نظام الأسد والوقوف في وجه إيران. 
منظور ضيّق 
التقارب السعودي - القطري "لا يعني تفكيك التحالف السعودي – الإماراتي، ولا التقارب المصري السعودي"، ولا يفيد كثيراً الثورة السورية، فهي تجاوزت التأثير الإقليمي. وفق رأي "علاوي". 
ولا يعتقد الصحفي محمد بيطار، بأنَّ يكون هناك تغيير حول مصير الثورة السورية، ومن يرى أنَّ المصالحة تصبّ في صالح المعارضة، فهو من "منظور ضيّق، ويفتقد النظرة الموضوعية لمجريات الأحداث في سوريا". 
ويقول في حديثه معنا: إنَّ الملفات في السياسة مستقلة عن بعضها، فإن تصالحت دول الخليج، "ليس بالضرورة أن يتفقوا في الملف السوري"، لافتاً إلى أنَّه بعد العام 2013 لم يعد لدول الخليج سلطة في سوريا، وذلك لكون المنطقة باتت تهمين عليها دول عظمى، وأهمها أمريكا التي لها سلطة على تلك الدول. 
ويرى البعض أنَّ المصالحة تصبّ في صالح الثورة السورية، لكن الأمور ليست بهذه البساطة فهناك ملفات متشابكة، وما يفيد الدول الخليجية أحياناً قد يضر بالثورة السورية بعض الشيء، فكل دولة تسعى لتحقيق أهدافها. 
يذكر أنَّ وزير الخارجية الكويتي، أحمد المبارك الصباح، أعلن مساء الاثنين، عن إتمام المصالحة الخليجية، وذلك عشية قمة مجلس التعاون الخليجي التي عقدت، الثلاثاء، في مدينة العلا السعودية. 
وأهم ما جاء في بيان القمة حول سوريا، أنَّ مجلس التعاون يتمسك بدعم الحل السياسي القائم على مبادئ اتفاقية "جنيف 1"، وقرار مجلس الأمن رقم "2254"، الذي ينص على تشكيل هيئة انتقالية للحكم تتولى إدارة شؤون البلاد. 
وبدوره الائتلاف الوطني، رحّب بنجاح المصالحة الخليجية والخطوات الإيجابية، موضحاً أنَّ التعاون الخليجي والعربي والإقليمي، ضرورة لا بديل عنها، ومدخلاً لمرحلة جديدة تفتح الباب أمام شعوب المنطقة وضمان استقرار وازدهار مجتمعاتها. 
وكانت السعودية والإمارات والبحرين إضافة إلى مصر، قطعت العلاقات مع قطر في 5/7/ 2017، بزعم دعمها لـ"الإرهاب"، وهو ما نفته الأخيرة واعتبرته محاولة للسيطرة على قرارها الوطني.