اخر تحديث
الخميس-02/05/2024
موقف
زهيرفيسبوك
رؤية
دراسات
مشاركات
صحافةعالمية
قطوف
جديد
مصطلحات
رسائل طائرة
الثورة السورية
حراك الثورة السورية
حدث في سورية
نساء الثورة السورية
اطفال الثورة السورية
المجتمع السوري المدمر
شعارات الثورة السورية
ثلاث سنوات على الثورة
أيام الثورة السورية
المواقف من الثورة السورية
وثائقيات الثورة السورية
أخبار سورية
ملفات المركز
مستضعفين
تقارير
كتب
واحة اللقاء
برق الشرق
وداع الراحلين
الرئيسة
\
مشاركات
\ هل المجنون أقدر، على انتزاع حريته ، من العاقل !؟
هل المجنون أقدر، على انتزاع حريته ، من العاقل !؟
16.11.2017
عبدالله عيسى السلامة
ربّما .. أحياناً .. بشروط .. من أهمّها :
*) ألاّ يكون جنونه مطبقاً ! فصاحب هذا الجنون حرّ في كل الأحوال ، لأنه لايشعر أصلاً ، بأيّ قيد يقيّد حريته عن فعل أيّ شيء !
*) أن يكون جنونه من النوع الخفيف ، والمتقطّع غير المستمرّ طوال الوقت ..
*) ألاّ يكون جنونه بسبب خلل عقلي ، أو عصبي ، لديه .. بل بسبب هوَسه بحبّ الحرية ، وهيامه بالقيم الرائعة السامية ، التي تجسّدها إنسانية الإنسان الحقّ !
*) أن يشعر أن له حريّة مسلوبة ، وأن مِن حقّه انتزاعها !
*) أن يشعر ألاّ شيء لديه يخسره ، إذا قتِل أو سجِن .. لأن فقد الحريّة ، يعني فقد الإنسانية ذاتها ! وليس ثمّة شيء أقدس منها لدى الإنسان ، حتى الدين ! لأن الدين إنما أنزل لمصلحة الإنسان ، ولجعله إنساناً سامياً كريماً فاضلاً ! فإذا فقد إنسانيته ، كان الدين بالنسبة له - هو شخصياً - مجرّد نافلة ، قد يعجز عن مجرّد التفكير بها، بلهَ الإفادة منها !
*) أن تكون لديه همّة تدفعه إلى الفعل ، وجرأة أو شجاعة ، تقيه من الخوف ، وتصميم يحول بينه وبين التردّد ، ويمنعه من التخاذل ، أو التراجع !
*) أن يكون قد اطّلع ، على قولة ذلك العالم الجليل الزاهد ، الذي قال في مواجهة أعدائه : ماذا يفعل بي أعدائي !؟ قتلي شهادة ، وحبسي خلوة ، ونفيي سياحة !
*) أن تكون في صدره نفس حرّة حقاً ! تتسامى نحو الآفاق الأرحب ، من الحياة الإنسانية الكريمة النبيلة .. لانفس دنيئة تحاول التفلّت ، من قيود المجتمع الإنساني ، وأخلاقياته وآدابه ، ونظامه العامّ..وتعدّها قيوداً، تَحدّ من اندفاعها، لارتكاب الجرائم، المؤذية للمجتمع عامّة ، وللأفراد الذين يعيشون فيه ! وهذا النوع من النفوس ، لا يعَدّ مجنوناً أصلاً ، بهذا الهوس في تشهّي الجرائم .. بل لا يعَدّ حرّاً ، بالمفهوم الصحيح للحريّة.. إنما هو عبد لشهوات ، يسعى إلى إشباعها ، فإذا حيل بينه وبينها ، وعرف كلفة التمرّد ، على القوانين الضابطة لنزعات التفلّت ، خنَع واستكان ، ورضي بالأمر الواقع ، الذي تؤثره نفسه المستعبَدة لشهواتها .. تؤثره على العقوبات المؤلمة ، المترتّبة على مخالفة القوانين ! أمّا حقّ الإنسان في أن يقول : نعمْ لكذا .. ولا لكذا.. فهذا هو جوهر الحرّية وأساسها !
*) أن يكون له من الوعي الفطري أو المكتسب ، مايجعله يتمثل معانى أبيات المتنبي ، حتى لو لم يكن قد سمع بها ، وهي :
ـ وإذا لم يكن من الموت بدّ فمِن العجز أن تموت جبانا
وليس ثمّة موت ، أبشع من موت الإنسان ، الذي يعيش بلا حرية !
ـ ذلَّ مَن يَغبط الذليلَ بعيشٍ ربَّ عيش أخفّ منه الحِمام
وليس شيء في الدنيا ، يعدل في نفس الحرّ ، إحساسه بالذلّ والهوان !
ـ ليس مَن مات فاستراح بميْتٍإنّما الميْت ميّت الأحياءِ
فالحياة بلا حرية هي ، بالضرورة ، ذلّ وقهر، وإحساس قاتل بالضآلة والمهانة ! وهذه كلها موت مع العناء ، أصعب بمئات المرّات ، من الموت الذي يَفنى فيه الجسد ، وترتاح النفس ، من شقائها وآلامها !
*) أن يكون الموت بحدّ ذاته ، حريّة قائمة بذاتها ، يحصل عليها ، إذا عجزعن انتزاع حريته في الحياة !
*) أن يكون قادراً ـ بما لديه من الصفات المذكورة ، أعلاه ـ على إقناع سالبي حريته ، بأن استمرارهم في ، سلب حريته ، يكلفهم ثمناً ، هو أكبر بكثير، من الفائدة التي يجنونها ، من سلب هذه الحرية !
*) ويبقى السؤال الأخير، الذي يحقّ للقارئ أن يسأله ..هو :
هل الصفات المذكورة هنا ، هي صفات إنسان مجنون !؟
والجواب هنا ، أيضا : ربّما .. أحياناً !