الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل اقتص الروس لأسلافهم في أفغانستان من حلب؟

هل اقتص الروس لأسلافهم في أفغانستان من حلب؟

29.12.2016
اليوم السعودية


كلمة اليوم
الاربعاء 28/12/2016
خرج الاتحاد السوفييتي من أفغانستان عام 1989م يجر أذيال الخيبة، وكانت تلك الهزيمة إحدى أكبر الأسافين التي دُقت في نعش القوة العالمية الثانية ليتفكك تماما في ديسمبر عام 1991م، وقد بقيت هزيمة السوفييت في أفغانستان كالغصة في حلوق القيادات الروسية وتحديدا قيادات الكي جي بي، التي أخذت مواقع قيادية في النظام الجديد، فيما ظلت تفتش عما يُمكن تسميته بمعركة استرداد الهيبة عبر وريثها الشرعي المتمثل في نظام روسيا الاتحادية، ففتشت عن هيبتها في جورجيا وفي أبخازيا وغيرها، لكنها لم تعثر عليها حتى في أوكرانيا عندما دفعت بقواتها لاحتلال القرم، حيث وجدت نفسها في مواجهة صريحة مع دول الاتحاد الأوروبي التي فرضت عليها سلسلة من الحصارات الاقتصادية والعسكرية، لكن تلك الغصة لم تشأ أن تزول من حلق الدب الذي ظل على مدى الفترتين الرئاسيتين لفلاديمير بوتين يبحث عن معركة استرداد الكرامة، والتي يلزم أول ما يلزم أن تتجه إلى المكون السني المحارب الشرس الذي أخرج سلفها من كابل، فكان أن وجدت ضالتها في حلب، حيث المسرح المكشوف، والذي نزعت عنه الولايات المتحدة بقيادة إدارة أوباما الستارة، فلا هي قامت بدورها فيه، ولا هي تركته لأهله ليقرروا السيناريو والنص، ويحددوا الأدوار، مما أتاح الفرصة للسيد بوتين الذي كان يعاني من تدني شعبيته في الأوساط الروسية ليستثمر ذلك الفراغ، للاقتصاص لهزيمة السوفييت في أفغانستان من حلب وأهلها السنة، وليس من أجل سواد عيون نظام الأسد، وهذا ما تؤكده القوة المفرطة التي استخدمها الروس في معارك حلب، والتي رفعت أسهم بوتين في بلاده لتتجاوز ال 80% في استطلاعات الرأي العام هناك في سابقة لم تحدث على مدى فترتي رئاسته، ما يؤكد أنه استثمر في عقدة الهيبة التي طالما أقضت مضاجع الروس وأسلافهم.
توسيع قاعدة حميميم في جبلة في ضواحي اللاذقية لتكون أكبر قاعدة روسية خارج روسيا، ثم شراسة الروس في ضرب أحياء حلب الشرقية، وكأنما هم يحاربون دولة عظمى، كل هذا يُشير إلى أنهم كانوا يرون معركة حلب كمعركة مصير، أو على الأقل على أساس أنها ذلك المصل الشافي الذي يعولون عليه في شفاء الجسد الروسي من علة فقدان الهيبة، وبالتالي فهم ليسوا معنيين إطلاقا بنظام الأسد أكثر من كونه حاجة مرحلة، وإلا لما سمحوا للطيران الإسرائيلي أن يعبر ليضرب مصالح النظام من تحت عدسات راداراتهم، وأمام أعينهم، بمعنى أنهم جاؤوا لاسترداد هيبتهم باستغلال هذه الساحة المفتوحة التي هيأتها إدارة أوباما لتكون الحلبة المثالية لالتقاء عدة إرادات في مكان واحد، الإرادة الروسية التي تبحث عن استرداد هيبتها كقوة عظمى، والإرادة الإيرانية التي استثمرت الغطاء الروسي على وقع أحلام الامبراطورية الساسانية، وحزب الله والأحزاب العراقية الطائفية التي تحارب بإرادة ثارات الحسين تحت مظلة الاثنتين، وأخيرا إرادة نظام بشار المتهالك الذي كان قاب قوسين أو أكثر من أن تخور قواه، لو لم يوهم نفسه برفع رايات تحرير حلب تحت رايات المحتلين الجدد من الروس والإيرانيين، حيث يقف الآن بعد هذه المعركة دون أن تكون بيده أي بوصلة، فلا هو استرد سلطته، وليس هنالك أي أفق لانتهاء الثورة، لأن ما تحقق كان بإرادة غيره ولغايات لا علاقة لها بسلطته ولا بنظامه.