الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هدنة سوريا وتهاوي الهلال الإيراني

هدنة سوريا وتهاوي الهلال الإيراني

09.01.2017
أحمد الحوسني


الاتحاد
 الاحد 8/1/2017
في 29 ديسمبر 2016 تم التوقيع على وقف إطلاق النار في أنقرة، بين الحكومة السورية وفصائل المعارضة السورية بضمانة روسية - تركية. وقف إطلاق النار يواجه خروقات جمة، من النظام السوري وإيران. ست سنوات من الحرب وصراع مناطق النفوذ بين الأطراف، لن تسيّر الهدنة بهدوء، خصوصاً أن هناك أطرافاً تراهن على فشلها، فعلى فصائل المعارضة أن تعي اللعبة جيداً.
موسكو استخدمت لغة خشنة مع الأسد بفرضها الاتفاق ومنعت الأسد من زيارة حلب لإلقاء خطاب الانتصار، تجنباً لاستفزاز أنقرة. لم تكن إيران تتوقع سرعة فرض اتفاق وقف إطلاق النار. فيما تروّج، لما بعد حلب، بينما الرئيس الأسد استعار انتصار روسيا ليهنئ إيران أنه "لولاكم لما كان الانتصار"، وتشي مصادر بأنه لولا اتفاق الرئيس بوتين مع الأتراك لما تحقق الانتصار، أمر لا يمكن لإيران تقديمه للروس. الانتصار حاجة روسية ماسّة، وهذا الانتصار سيُمكّن بوتين من الجلوس على طاولة المقايضات الدولية.
أهداف إيران في سوريا ترمي إلى تشييع الأرض والناس طائفياً وفتح طريق سريع بين بغداد ودمشق إلى بيروت، لاستكمال مشروع "الهلال الإيراني لولاية الفقيه". وموسكو صاحبة القرار في سوريا، بدأت تعزز وجودها عسكرياً في حلب، إضافة إلى قواعدها البحرية والجوية. فلا يمكن أن تترك ايران تعبث في الشأن السوري بما تشاء، ووجودها سابق على إيران. وأن الخروقات من جانب النظام وإيران، هي محاولات لتوسيع النفوذ. فعشية رأس السنة الجديدة كانت إيران تبشر ب"ولادة شرق أوسط جديد"، وفقاً للتوقيت الإيراني، تلك دعاية لانتخاباتها المقبلة، وهي تتوقع أن بوابات سوريا لن تبقى مشرّعة لها. وربما تستحضر مقولة المرحوم سعيد الصحاف "أنه كلما تمددت الأفعى، سَهُل تقطيعها".
لا مندوحة لنا، أن نصف الهدنة بهوانها كبيت العنكبوت، لها إرهاصات مستقبلية أن"هلال ولاية الفقيه"، الذي تبشر به إيران، أصابه "محاق"، ولن يظهر في العواصم العربية الأربع، بل، قريباً سيهوي، بائساً، كالعرجون القديم، ويُسهل كسره!
وموسكو، تعُدّ سوريا محوراً حيوياً في قضايا الشرق الأوسط، لا سيما جارة لإسرائيل، ولذلك أنقذت النظام وتحملت موسكو -في سبيل تحقيق ذلك- متاعب مالية وسياسية، وأسقطت 15 مليار دولار من الديون السورية، وتتطلع لإقامة علاقات مع دول مجلس التعاون، وهو تحول جديد بعد تقلص الدور الأميركي في المنطقة.
لا أرى أن تترك موسكو إيران تعبث في الشأن السوري، والأسد يدرك أن غطاء الشرعية بيد الروس وليس إيران. وروسيا تهتم بالدولة، وإن سلمت للأسد كصديق، مرحلياً، وليس لديها ما تراعيه تجاه إيران، داخلياً. وما يساعد أن أميركا رحبت بالهدنة ووصفتها ب"خطوة إيجابية".
الصورة على المسرح السوري تضيق شيئاً فشيئاً، لتنتهي بيد اللاعبَين الكبيرين، بوتين وترامب، ويصبح لتركيا وإيران دور ثانوي. والرئيس بوتين على عجلة لتجهيز المسرح، كأمر واقع، يستقبل به الرئيس ترامب.
أعتقد أن الرئيس بوتين، لن يبدد انتصاره في سوريا. ولن يمضي في تجاهل مشاعر الأغلبية السُّنية في المنطقة. وأخذت روسيا دروساً من الشيشان وأفغانستان والعراق وليبيا، ولا تريد أن تنزلق في أوحال سوريا أكثر، وترنو إلى أن تتصالح مع الشعب السوري من خلال تسوية سياسية ورحيل الأسد مستقبلاً. ويعلم بوتين أن مشروع هدنة في سوريا بعد ست سنوات حرب تدميرية ومآسٍ إنسانية ليست مغامرة سياسية، وأن سقوط الهدنة، سقوط لمصداقية روسيا التي باتت تعهداتها على المحكّ، إزاء المجتمع الدولي.