الرئيسة \  تقارير  \  نيويورك تايمز: خروج ترامب من الاتفاقية النووية كان كارثة على أمريكا وإسرائيل وخلف أوراقا ضعيفة لبايد

نيويورك تايمز: خروج ترامب من الاتفاقية النووية كان كارثة على أمريكا وإسرائيل وخلف أوراقا ضعيفة لبايد

04.12.2021
سما

واشنطن /سما/
الخميس 2/12/2021
 قيم المعلق في صحيفة “نيويورك تايمز” توماس فريدمان، الآثار الكارثية التي تركها قرار الرئيس دونالد ترامب في 2018 الخروج من الاتفاقية النووية، أو خطة العمل الشاملة المشتركة التي وقعتها إدارة باراك أوباما عام 2015، قائلا إنه كان خطوة كارثية على الولايات المتحدة وإسرائيل. وأشار إلى أن الخطوة التي قام بها ترامب، بتشجيع من وزير خارجيته مايك بومبيو ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “كان الأغبى، والأسوأ تقديرا وترك أكبر نتائج عكسية من بين قرارات الأمن القومي الأمريكي في حقبة ما بعد الحرب الباردة.. وهذا ليس رأيي فقط”.
وقال في معرض حديثه إن وزير الدفاع الإسرائيلي في حينه موشيه يعلون عارض الاتفاق النووي وبشدة. لكنه قال في مؤتمر الأسبوع الماضي، وفقا لما نشرته صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية: “على الرغم من سوء هذه الصفقة، فإن قرار ترامب الانسحاب منها – بتشجيع من نتنياهو – كان أسوأ”. مضيفا أنه كان “خطأ رئيسيا شهده العقد الماضي” فيما يتعلق بالسياسة من إيران.
وبعد أيام عبر غادي ايزنكوت، الذي كان رئيسا لهيئة الأركان المشتركة وقت تمزيق ترامب الاتفاقية عن نفس المشاعر مشيرا إلى سلبية الخروج وأنه “حرر إيران من جميع القيود ودفع برنامجها النووي إلى موقف أكثر تقدما”. وهذا هو بالتأكيد ما حدث، فبحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الفترة الأخيرة فقد جمعت مخزونا من سداسي فلوريد اليورانيوم المخصب الذي يعتقد خبراء نوويون مستقلون أنه يكفي لإنتاج يورانيوم مخصب لصنع قنبلة نووية واحدة في أقل من 3 أسابيع “فشكرا دونالد ترامب، لقد فتحت لهم الطريق!”.
ويقول إن إيران قبل خروج ترامب من الاتفاقية النووية التي التزمت بها حسب المفتشين الدوليين، كان الوقت المتبقي لها لإنتاج ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع سلاح نووي هو عام واحد، ووافقت إيران على الإبقاء على ذلك العازل لمدة 15 عاما، واليوم أصبحت المسألة هي أسابيع. ويعتقد المسؤولون الأمريكيون أن تصنيع رأس حربي يمكن إطلاقه سيستغرق إيران عاما ونصف أو عامين، لكن هذا لا يبعث على الارتياح حسبما يقول.
ويضيف أن المفاوضات التي توقفت منذ 5 أشهر، استؤنفت في فيينا يوم الاثنين بين إيران والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا وبريطانيا – مع أمريكا. المشاركة من غرفة أخرى لأنها لم تعد طرفا في الاتفاق، على أمل إقناع طهران العودة إلى الاتفاقية النووية.
معلقا أن التشاؤم هو سيد الموقف. فحكومة إيران الجديدة المتشددة تطالب أمريكا والاتحاد الأوروبي برفع جميع العقوبات المالية عن إيران، وليس فقط تلك المتعلقة بأنشطتها النووية ولكن أيضا تلك المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان والمغامرات الإقليمية الخبيثة. كما تريد تأكيدات بأنها إذا عادت إلى الاتفاقية وتخلت عن المواد الانشطارية التي جمعتها منذ أن مزق ترامب الصفقة، فإن الرئيس الجمهوري المقبل لأمريكا لن يمزقها مرة أخرى. وهذه مطالب لا يمكن تلبيتها.
وتساءل الكاتب هنا عما سيحدث بعد؟ لا أحد يعلم، ذلك أن المفاوضات باتت لعبة بوكر ضخمة، يتطلع فيها اللاعبون وهم كثر، بمن فيهم إسرائيل – إلى أوراق القمار التي يملكها كل طرف ومعرفة من هو المخادع ومن هو على استعداد أن يراهن بكل ما لديه ويكشف خداع الآخر و “كل ما يمكنني فعله من أجلكم اليوم هو الالتفاف حول الطاولة ومحاولة قراءة عيون الجميع”.
ويقول إن المفاوضين الإيرانيين يريدون إثبات قدرتهم على الحصول على صفقة أفضل مما حصل عليها أسلافهم الذين يعتبرونهم ضعافا. ولديهم بالتأكيد المزيد من الأوراق، على شكل مواد انشطارية، ليلعبوا بها الآن بعد أن أصبحت إيران على مدى أسابيع فقط من أن تصبح دولة على عتبة تطوير أسلحة نووية – فقط بضع خطوات من امتلاك قنبلة متى أرادت واحدة، ولكن من الناحية الفنية ليست قوة نووية.
ومع ذلك فاللاعب الإيراني سيواجه معضلة، إن لم يحصل على شيء في النهاية، فماذا سيقول الشعب الإيراني إذا أخبرهم النظام أنه بعد3 سنوات من العيش تحت كل ضغوط العقوبات المشددة والوباء، يمكنهم التطلع إلى عقوبات لا نهاية لها ومتحور اوميكرون أيضا.
وبالتأكيد، ستشتري الصين بعضا من نفط إيران حتى تتمكن الحكومة من إبقاء الأضواء مضاءة. لكن مع مواجهة إيران نقصا هائلا في المياه بسبب تغير المناخ، فلو لم يتفاوض النظام على إنهاء العقوبات، فقد ينفجر الشارع الإيراني في أي وقت. ومن هنا فقوة الرهان الإيراني أضعف مما يبدو.
أما اللاعب الإسرائيلي فقد كشر عن أنيابه وأمسك بأوراقه بقوة، وتلاعب في الوقت نفسه بأوراقه من طراز إف-35 وغواصاته من طراز دولفين المزودة بصواريخ كروز الحاملة لرؤوس نووية وأبحرت في الخليج. وتدير إسرائيل نظرها بين إيران وبايدن ومن تخاف منه أكثر.
وقد سمع الإسرائيليون منذ سنوات الرؤساء الأمريكيين يقولون إنهم لن يسمحوا لإيران بامتلاك قنبلة. في البداية، احتفلوا بانسحاب ترامب من الصفقة وإعادة فرض العقوبات. لم لا؟ لقد اعتقدوا أن ذلك سيضعف جهود إيران في الحصول على قنبلة ومحاولاتها دفع صواريخ دقيقة التوجيه تستهدف إسرائيل لحلفائها من حزب الله في لبنان وسوريا. لكن هذا ليس ما حدث.
فقد اتضح أن ترامب وبومبيو بالغا في استخدام أوراقهم. ولو كانا ذكيين، لأبلغا الإيرانيين أن أمريكا ستعيد الاتفاق وترفع العقوبات إذا وافقت إيران فقط على التخلي عن التخصيب إلى المستويات المطلوبة لسلاح نووي لمدة 25 عاما، مثلا، بدلا من الخمسة عشر عاما الأصلية. وكان فريدمان سيرحب بهذا، وبدلا من ذلك لكن، بدلا من ذلك، طلبا تغيرا شاملا في سلوك إيران لدرجة أن النظام أدرك أن العقوبات لن تنتهي أبدا. وردا عليهما باعت إيران النفط للصين وبدأت بتخصيب ما يكفي من اليورانيوم لجعل نفسها دولة نووية.
ويضيف أن ترامب وبومبيو لم يكن لديهما، لسوء الحظ، خطة بديلة حالة قيام بتحدي.. إيران خدعتهما. ورغم كل الأصوات التي أصدرها ترامب فلم يكن مستعدا لضرب إيران بل والإنتقام عندما أرسل الإيرانيون صواريخ كروز ومسيرات لضرب المنشآت النفطية السعودية. وفهم الجميع في المنطقة هذا.
وماذا ترك ترامب في النهاية؟ أورث أوراقه الضعيفة لـ “جو المسكين”، لكن بايدن لم يلعب هذه الأوراق بشكل جيد أيضا. وبدلا من التحرك الفوري لإلغاء عقوبات ترامب ودفع إيران للعودة إلى الاتفاقية مقابل تخليها عن مخزونها من اليورانيوم، دخل بايدن في معركة دبلوماسية مع الإيرانيين حول من سيبدأ أولا. ومع تركيزه العاجل على الخروج من الشرق الأوسط – بدءا من أفغانستان – لم يبث بايدن الخوف في قلوب الإيرانيين، لذلك واصلوا التخصيب.
وهذا هو السبب في محاولة إسرائيل معرفة الأوراق التي سيلعبها بايدن بعد ذلك. يشعر الإسرائيليون بالرعب من أن بايدن سيذهب إلى صفقة صغيرة – توافق إيران بموجبها على تجميد مخزونها من المواد الانشطارية في مكانه، مقابل تخفيف بعض العقوبات الأمريكية. وهذا من شأنه أن يبقي إيران على عتبة سلاح نووي ويجعل من الصعوبة بمكان لأن تقصف إسرائيل منشآتها، لأنه سيعطل صفقة صغيرة توسطت فيها أمريكا. ولهذا يحاول اللاعب الإسرائيلي دفع بايدن لنشر أقوى ورقة لديه، وهي “جي بي يو/بي ماسيف اورديننس بينتريتر” وهي قنبلة زنتها 30 ألف رطل “خارقة للتحصينات” موجهة يمكنها قطع عشرات الأقدام من الخرسانة وتفجير أي جبل يخفي المنشآت النووية الإيرانية. ويحاول اللاعب الإسرائيلي أن يشير إلى بايدن بأنه بحاجة إلى “يتصرف بجنون يفوق جنون” الإيرانيين. فقط إذا أقنعهم بأنه مجنون بما يكفي لقصفهم لن يضطر إلى قصفهم.
ومشكلة بايدن أنه لا يجيد خداع استخدام القوة. وهو يخشى أن يؤدي أي تلميح لعمل عسكري ضد إيران إلى ارتفاع أسعار البنزين إلى 10 دولارات للغالون بحلول عيد الميلاد. وهو ما يعرفه اللاعب الإيراني ويجعله يضحك في سره. وهنا يتساءل فريدمان إن كان بايدن قد أعطى ورقة التحصينات الخارقة لإسرائيل، وهو ما لا يستطيع الكاتب الجزم به.
وفي الوقت الحالي يحاول بايدن تجنيد اللاعبين الروسي والصيني للضغط على إيران. لكن اللاعب الصيني لديه مطالبه، فهو وإن لم يكن راغبا بإيران نووية، إلا أنه يطالب من جوي بايدن بوقف التعرفة الجمركية والتخلي عن دعمه لتايوان وتغيير موقفه من هونغ كونغ والإيغور و” ربما تتوقف عن انتقادنا، ثم سنتحدث عن عدم شراء الصين لأي نفط إيراني آخر”. وروسيا لديها أيضا مطالبها للضغط على إيران وربما نظرت للطلب على أنه “نكتة” في ظل التوتر في أوكرانيا. وفي النهاية لا يستبعد فريدمان تحركا إسرائيليا من طرف واحد.