الرئيسة \  مشاركات  \  نوع من الصيد السياسي ، تمارسه الشياطين ، في ظلال البهائم !

نوع من الصيد السياسي ، تمارسه الشياطين ، في ظلال البهائم !

28.04.2018
عبدالله عيسى السلامة




إنها عادة قديمة، نحسبها جارية ، حتى اليوم، في سورية ، وربّما في غيرها! وهي الاصطياد ، في ظلال البهائم ! وملخّصها : أن الصيّاد يخرج ، إلى البرّية ، للصيد ، ولاسيّما في فصل الربيع ؛ إذ تكثر الطيور! ويصطحب ، معه ، دابّة من الخيل ، أو البغال، أو الحمير.. يمشي ، في ظلّها ، حتى بقترب من الطيور، التي ينوي اصطيادها ، ويطلق عليها النار، من بندقية الصيد ، التي معه ، فيُسقط طائراً ، أو أكثر، من طيور الحجل ، أو البطّ ، أو غيرها ! ذلك ؛ أن الطيور، لاتهرب من الدابّة ، إذا اقتربت منها ، ولا ترى الصيّاد ، الذي يسير في ظلّها فيصطادها ، في لحظة اطمئنان !
  في أحد مواسم الانتخابات ، زارني شخص ، يُظهر لي بعض المودّة ، ليحفزني ، على خوض الانتخاب ، نافضاً يده ، من المرشّحين الآخرين ، الذين لم يعد يرى فيهم خيراً، بعد طول تجاربه معهم ! وأكّد ، على أنه حريص، على تغييرهم ، بوجوه جديدة ، مؤهّلة، وموثوق بها ! وحين سألته، عن البديل ، ذكَر أنّي البديل المناسب ، عن فلان ، وهو الشخص الذي أميل ، إلى ترشيحه في الانتخاب !
 تبسّمت ، إزاء طلب الأخ ، ومحاولته استغفالى! لأني أعرف صلته ، بالشخص الآخر، المنافس للمرشّح الذي أميل إليه ! وكانت الحسبة واضحة ، لديّ ، وبسيطة : هو يريد ترشيحي ، لبعثرة الأصوات ، المؤيّدة للشخص الذي أرشّحه ، ليفوز المرشّح الآخر، بأصوات مؤيّديه ، التي تبقى خالصة ، له ، دون منافس !
 أوضحتُ ، للأخ الناصح ، أنني لست الدابّة المؤهّلة ، للصيد في ظلّها ؛ فليبحث عن دابّة غيري ، فقد يجد مَن هو أفضلُ منّي ، لهذه المهمّة !
  مانراه ، اليوم ، في موسم الانتحابات التركية ، المزمع إجراؤها ، بعد أسابيع قليلة ، يدخل بعضُه ، في هذا الإطار:(الاصطياد في ظلال الدوابّ) ! فالمرشحون ، المنافسون لأردوغان ، ليس فيهم منافس حقيقي ، مؤهّل ، للحصول على ثقة الأكثرية ، من الناخبين الأتراك ! وأحزابُهم المعارضة ، تقلب الآراء ، لاختيار مرشّح ، يكون مؤهّلاً حقيقياً، بديلاً لأردوغان ، حتى لو كان ، من حزب أردوغان نفسه ، أو يحمل أفكاره ، بل ، ربّما كان هذا هو الأفضل ؛ لأنه يحمل روحاً إسلامية ، تؤيّدها أكثرية الشعب التركي ، من ناحية ، ومن ناحية أخرى ، يساعدها ، في شقّ الصفّ ، المؤيّد لأردوغان !
وبعض القوى الإسلامية ، تشارك في هذه اللعبة المريبة : لعبة إسقاط أردوغان ، وهي تعلم أنْ ليس ثمّة رجل واحد ، يمكن أن يقدّم ، لتركيا ، ماقدّمه أردوغان ، ويقدّمه ، على المستويين الداخلي والخارجي ! فالمهمّ ، لدى قوى الغرب ، وأذنابهم في الداخل ، هو إسقاط أردوغان ، وبعئذ ، لكل حادث حديث !
ففي ظلّ أيّة دابّة ، إسلامية أو غير إسلامية ، سيتمّ اصطياد أردوغان ، وفي ظلّ أيّ قطيع، من الدوابّ : الإسلامية وغير الإسلامية ، سيتمّ اصطياد حزب العدالة والتنمية !؟
  نتمنّى ، ألاّ يكون الإسلاميون ، هم دابّة الصيد ، المُذلّلة لقوى الإجرام ، وألاّ يكونوا ، هم، مخلب القطّ ، لهذا النوع من الصيد ؛ لأنهم سيُخربون بيوتهم ، بأيديهم ، وبأيدي المجرمين، أعداء أمّتهم ، في الداخل والخارج !
فأيّ شخص ، في تركيا، اليوم ، مؤهّل ، لأن يملا قلوب الناس وعقولهم ، مثل أردوغان!؟
وأيّ حزب ، في تركيا ، كلها ، قادر،على أن يقدّم ، لتركيا : دولة وشعباً ، داخلياً وخارجياً، ماقدّمه أردوغان وحزبه ، وما هو مخطَّط لتقديمه ، ضمن برامج واضحة عملاقة ، تبهر الناس ، وتملأ قلوب الأعداء رهبة وفزعاً ، من تركيا العملاقة : العملاقة في كلّ شيء ، في قيادتها ، وفي نهضتها السريعة ، المذهلة على سائر المستويات !؟
وإذا عجزت أيّة قيادة ، بديلة عن أردوغان وحزبه ، عن الوصول ، إلى رُبع المستوى ، الذي وصله حزب العدالة والتنمية - وهي ستعجز، يقيناً ، على ضوء الواقع الحالي ، التركي والدولي - فماذا تفعل القيادة البديلة ، إزاء ما سوف تراه ، من مواقف شعبها !؟ وبمَ ستعتذر له !؟ وإذا كانت إسلامية ، فبمَ ستعتذر، أمام ربّها !؟ وهل يصلح حبُّ السلطة ، حجّة ، أمام ربّ العالمين !؟
 وحسبنا الله ونعم الوكيل !