الرئيسة \  واحة اللقاء  \  نصر الله إذ يهدد الروس.. ويعلن الوصاية على سوريا

نصر الله إذ يهدد الروس.. ويعلن الوصاية على سوريا

02.02.2019
منير الربيع


سوريا تي في
الخميس 31/1/2019
بدا أمين عام حزب الله حسن نصر الله، كمن يعلن وصاية مطلقة وحتميّة على النظام السوري. كل الرسائل التي أطلقها نصر الله إلى إسرائيل، ما كانت تهدف إلا أن تصل إلى روسيا. خاطب الروس من خلال الإسرائيليين. من مبدأ تغيير قواعد الاشتباك إلى رحلة المساعي الدولية المتعددة بين الأميركيين والإسرائيليين والروس لإبعاد إيران من سوريا. كان نصر الله يتحدث باسم محور الممانعة موصلاً الرسائل إلى موسكو. وذلك تجلّى في أكثر من محطّة في حديثه.
تحدّث نصر الله عن مطالب أميركية عديدة لإيران بوجوب الانسحاب من سوريا، وصولاً إلى فرض معادلة وضع الانسحاب الأميركي من الأراضي السورية مقابل انسحاب القوات الإيرانية وحلفائها من هناك، ولم يتوان عن الكشف بأن الروس الذين أوصلوا هذه الرسائل إلى إيران، بدوا وكأنهم يوافقون عليها. لكنه أشار إلى الردّ الإيراني الواضح في هذا المجال، إذ لفت إلى أن الجواب الإيراني كان بأن الوجود في سوريا مرتبط بطلب الحكومة السورية، وبالتالي إيران لن تخرج إلا بطلب من سوريا.
جرى توطين المجنّسين الإيرانيين وغير الإيرانيين ولكنهم تابعون لإيران مذهبياً وطائفياً في مناطق جرى تفريغها من سكّانها الأصليين
وهذا ما دفع نصر الله إلى استخدام أسلوب الترهيب والترغيب تجاه النظام السوري في مسألة تأبيد البقاء الإيراني على الأراضي السورية، الذي كما يحتاج إلى قرار سياسي من قبل النظام، بالاستناد إلى التغلغل الإيراني الواضح في بنية النظام السوري والتأثير في مختلف مفاصله السياسية والأمنية، كما بالاستناد إلى عمليات التجنيس الهائلة التي حصلت، بحيث جرى توطين المجنّسين الإيرانيين وغير الإيرانيين ولكنهم تابعون لإيران مذهبياً وطائفياً في مناطق جرى تفريغها من سكّانها الأصليين، مع الإشارة إلى أن هذه المناطق تعتبر إستراتيجية في الجغرافيا السورية وعلى مفترقات هامّة فيها، كالعاصمة دمشق ومحيطها وصولاً إلى الحدود مع لبنان، وعلى الخطّ الدولي الرابط بين حمص والساحل السوري، وفي حمص التي تمثّل عمق الإستراتيجية الجغرافية لسوريا، بحيث منها يكون الانطلاق نحو الشمال والجنوب والساحل، وهي التي تصل لبنان بسوريا، وسوريا بالعراق عبر البادية.
عمليات التغيير السكاني والديمغرافي في هذه المنطقة، تتعزز أكثر من خلال النشاط الثقافي والديني الإيراني عبر تشييد العديد من المقامات الدينية التي استخدمها حزب الله كذريعة أولية لتبرير دخول قواته إلى سوريا. وبالتالي تعمل إيران على فرض أمر واقع جغرافي على الأرض، تستحيل معه أي قدرة دولية أو إقليمية عسكرية كانت أم سياسية لإخراج إيران من سوريا، أو تعطيل منسوب التأثير الإيراني في مجريات الأحداث، خاصة أن ذلك يترافق مع إنشاء فرق عسكرية سورية موالية كلياً لإيران على غرار استنساخ تجربة حزب الله في لبنان، وتأسيس ما يسمّى بحزب الله السوري.
كانت رسائل نصر الله واضحة تجاه الروس، وخاصة في كلامه عن تغيير قواعد الاشتباك
في موازاة العمل البشري والسكاني الميداني، كانت رسائل نصر الله واضحة تجاه الروس، وخاصة في كلامه عن تغيير قواعد الاشتباك. يأتي هذا الموقف في ضوء معلومات متعددة حول المساعي الروسية الإسرائيلية الأميركية لتطويق إيران في سوريا، لا سيما أن بعض المعلومات تشير إلى التوصل لاتفاق أميركي روسي حول إخراج إيران في سوريا بفترة معيّنة، أو الوصول لاتفاق حول كيفية وجودها هناك مقابل تقديم تنازلات قاسية للأميركيين والروس والإسرائيليين. هذا ما دفع نصر الله إلى توجيه رسائل واضحة، حول تغيير قواعد الاشتباك، والذهاب إلى الرد على أي عملية عسكرية إسرائيلية قد تطال مواقع الحزب والإيرانيين في سوريا، بعد فترة طويلة من الضربات التي لم تردّ عليها إيران. ولكن اليوم، أصبح الردّ ممكناً، وهو يستهدف روسيا أكثر من استهدافه لإسرائيل، خاصة في ضوء الكلام الإيراني مؤخراً عن تعطيل موسكو لمنظومة أس 300، والسماح للإسرائيليين باستهداف مواقع الإيرانيين.
تخشى إيران من تطور التفاهمات الأميركية الروسية الإسرائيلية حول تحجيم نفوذها في سوريا، وهي تحاول إعداد العديد من الأوراق لاستخدامها والردّ على كل هذه المحاولات، ولو اقتضى الأمر الذهاب إلى معركة مفتوحة، تعيد إشعال الجبهات السورية، لأجل فتح بازار التفاوض بالنار، مع استخدام ورقة التأثير على النظام السوري، بما يشبه الوصاية الواضحة عليه، ليصبح حال بشار الأسد في سوريا، كما كان حال الرئيس اللبناني إميل لحود في فترة حكمه خاضعاً للوصاية السورية، وهذا تكتيك يستخدمه حزب الله من خلال إرضاء النظام السوري باستعادة بعض نفوذه في لبنان، أو إظهاره على هذه الصورة، وتقديمها كرشوة لإحجامه عن الذهاب بعيداً مع الطروحات الروسية، في مطالبة إيران وحزب الله بالخروج من سوريا. تحدّث نصر الله عن لبنان وسوريا، من نظرة واحدة، وكأن لا دولة في أي من البلدين، ولكأنه الموصى بهما والمتحدث باسم الوصاية