الرئيسة \  واحة اللقاء  \  نصرالله يتوعد بإعادة الصهاينة للعصر الحجري.. كيف؟

نصرالله يتوعد بإعادة الصهاينة للعصر الحجري.. كيف؟

16.07.2019
علي قاسم


العرب اللندنية
الاثنين 15/7/2019
عندما كان الزعماء العرب يهددون برمي إسرائيل في البحر، خرج من بينهم زعيم عربي عاقل نصحهم أن يقبلوا العرض المقدم لهم، وفي الوقت نفسه أن يعدوا للعدو ما استطاعوا من قوة.
اليوم يخرج لنا، ونحن في أسوأ أحوالنا، حسن نصر الله، الأمين العام لـ”حزب الله” مهددا أنه سيعيد الصهاينة إلى العصر الحجري.. كيف؟
ألا يعلم السيد نصرالله أن الحرب خدعة، المفروض فيها إخفاء النوايا.
بالتأكيد يعلم ذلك، ويعلم أيضا أنه لا يستطيع رمي الصهاينة في البحر، وليس أصلا في نيته أن يقوم بذلك.
ويعلم السيد نصر الله، وهو المطلع على تراث العرب، أن الكلاب التي تنبح لا حاجة للخوف منها، لأنها عادة لا تعض.
سنكتفي بطرح بعض الأسئلة والاستفسارات على السيد نصرالله، استفسارات لن يجيب عليها حتما، لذلك سيكون من حقنا جميعا أن نجيب عليها مكانه.
أليس حريا بنا أن نتفق على دستور ينظم حياتنا السياسية قبل أن نتخذ قرارات تتعلق بأمننا الخارجي.
هل يمكن أن ننتصر على عدو نحاربه بسلاح نحصل عليه من أعداء لنا.
هل يمكن لدول غارقة بالديون ومهددة بالإفلاس أن تموّل حربا تهزم بها الصهاينة، وتعيدهم للعصر الحجري.
هل يمكن لدول واحد من كل خمسة بالغين فيها يعاني من الأمية، أن تواجه دولة نسبة الأمية فيها لا تتجاوز 4.5 بالمئة.
هل يمكن لشعب متوسط معدل قراءة الفرد فيه لا يتعدى ربع صفحة سنويا، أن يتفوق على شعب يقرأ فيها الفرد بضعة كتب سنويا.
هل يمكن لشعوب لا تشعر بالسعادة، تتصدر نسبة المكتئبين فيها الأرقام العالمية، خوض حرب يمكن الفوز بها.
أخيرا، ما هي نسبة مساهماتكم في البحث العلمي والتكنولوجي على مستوى العالم.
السيد نصرالله، عذرا، أنت لا تمثّل لبنان، ولا تتحدث باسم اللبنانيين، لأنك، إن لم نكن مخطئين، ترفع صوتك بالتهديد نيابة عن إيران.. فأنت من قال في آخر مقابلة أجرتها معه قناة “المنار” بمناسبة الذكرى الـ13 لحرب 2006 إن “إسرائيل لن تكون محيدة في حال اندلاع حرب أميركية ضد إيران”.
السيد نصر لله إن كان ردك على الأسئلة المطروحة يؤكد أن دولا مثل هذه لا يمكن أن تهزم الصهاينة، ما هي دوافعك الحقيقية لإطلاق مثل تلك التهديدات.
لن ننتظر منك ردا. ولن نرد نحن الشعوب المستضعفة عليك، سنترك الزعيم العربي العاقل، الحبيب بورقيبة، يتولى الرد:
“العاطفة المشوبة، والأحاسيس الوطنية المتقدة، لا تكفي لتحقيق الانتصار على الاستعمار، بل لا بد من رأس يفكر ويخطط، وينظر إلى المستقبل البعيد. الكفاح المركز يقتضي فهم العدو، ومعرفة إمكانياتنا الحقيقية، وتقدير إمكانيات الخصم.
إن الإكثار من الكلام الحماسي، أمر سهل، وبسيط للغاية. أمّا ما هو أصعب وأهم، فهو الصدق في القول، والإخلاص في العمل، ودخول البيوت من أبوابها. إذا اتضح أن قوانا، لا قِبل لها بمحق العدو ورميه في البحر، فعلينا ألاّ نتجاهل ذلك، بل يجب أن نُدخله في حسابنا، وأن نستخدم، مع مواصلتنا الكفاح بالسواعد، الإستراتيجية، حتى نتقدم نحو الهدف، مستعينين في ذلك بالحيلة والجهد، فإن الحرب، كما لا يخفى، كر وفر”.
انتهى كلام بورقيبة.
رحل بورقيبة عام 2000، وقبل أن يرحل استقبل القيادة الفلسطينية، موفرا لها ملاذا آمنا في تونس، بعد أن أخرجت من لبنان عام 1982، واستضاف بورقيبة بنفسه قيادة فتح، وعلى رأسها ياسر عرفات، ولم يبخل عليهم بالدعم السياسي، الذي توج باعتراف الولايات المتحدة بمنظمة التحرير الفلسطينية، ودفعها لإجراء حوار مباشر معها، في العاصمة التونسية.. نفس المنظمة والقيادة التي طالبت بمعاقبة بورقيبة وطرده، ومعه تونس، من الجامعة العربية.
مر على كلام بورقيبة، الذي أغضب العرب، أكثر من خمسين عاما، وما زلتم أنتم الذين خدعتم شعوبكم وأفقرتموها، ترددون نفس العبارات، لنفس الغايات، أو لغايات غيرها.
السيد نصرالله إرهاب العدو لا يتم بالصوت المرتفع، بل يتم بالتطور العلمي، والاقتصادي، والاجتماعي، والأخلاقي، والتاريخ يقدّم أكثر من مثال عن ذلك.
عندما أراد أوديسيوس، الداهية، أن ينهي حصارا على طروادة، طال لأكثر من 20 عاما، لم يقتحم أسوارها بالصراخ، بل اقتحمها بالخدعة. لا داعي للتذكير بالتفاصيل.. شخص مثل نصرالله يعرف التفاصيل، ويعرف أكثر من ذلك، ولكنه يفضل التجاهل.. لماذا؟