الرئيسة \  واحة اللقاء  \  نحو حياة لائقة للنازحين في المخيمات

نحو حياة لائقة للنازحين في المخيمات

04.02.2019
زكي الدروبي


حرية برس
الاحد 3/2/2019
لا زالت حالات الوفاة بين النازحين السوريين الهاربين من بطش عصابة الأسد والمليشيات الايرانية والدب الروسي بسبب البرد تتوالى، ولا زالت حملات الاستجابة تتم على شكل ردات فعل آنية، دون تخطيط استراتيجي.
إن أهلنا في المخيمات تركوا كل أملاكهم وعقاراتهم وسكنوا في خيم مشردين لا تقيهم حر الصيف ولا برد الشتاء، يموت فيها الأطفال والشيوخ غرقاً بسبب السيول أو تجمداً بسبب الثلوج، أو تجرف السيول المخيمات وتبقي سكانها بلا مأوى يعيشون في ظروف شديدة الصعوبة، لا تعيشها حتى الحيوانات. إن كل تلك الظروف الإنسانية الصعبة التي يعيشها أهلنا في مخيمات النزوح لأنهم يؤمنون بعدالة قضيتهم، قضية الثورة السورية، ويرغبون بالعيش محتفظين بكرامتهم بعيداً عن عصابة الأسد ورعاتها، رغم كل ظروفهم المعيشية الصعبة، ورغم كل المغريات التي قدمها لهم نظام عصابة الأسد، ورغم الضغط الأمني في بعض المخيمات كالنازحين في مخيم الركبان وفي مخيمات عرسال ولبنان.
لقد تعامل المجتمع الدولي بلا مبالاة ولا حتى مجرد تعاطف إنساني مع هذه الكارثة الإنسانية الخطيرة، بيمنا حاول السوريون تقديم مساعدات عاجلة قد تساهم في التخفيف الجزئي والآني السريع من معاناة عدد قليل جداً من الأسر السورية المتضررة بفعل السيول والثلوج، لكنها تبقى مبادرات فردية واستجابة آنية لا ترقى لمستوى الكارثة..
إن الحل اللائٍق لمعاناة أهلنا في المخيمات يتطلب إيجاد سكن بديل يقيهم من تقلبات العوامل الطبيعية؛ وهي تأمين “كرفانات” قادرة على حمايتهم، وتحقق لهم الحد الأدنى من الحياة الإنسانية وتخفف من معاناتهم ومن وفيات الأطفال والشيوخ.
يمكن اعتبار “الكرفانة” كبديل دائم ولائق عن الخيمة التي تعتبر بؤره لإنتاج الأمراض اذا لم يتم تغييرها كل عامين، وهي لم تتغير منذ سنوات مما يجعلها شريكة في نشر الأمراض الخطيرة لدى قاطنيها، وهي شريكة أيضاً في زيادة وفيات الأطفال، خصوصاً وأن ظروف العناية الصحية في المناطق المحررة في أدنى مستوياتها، بما فيها توفر الأدوية، بسبب إجرام النظام وقصفه وروسيا للمشافي والمراكز الصحية، وبسبب عدم تأمين المساعدات الكافية لتغطية نفقات توريد المستلزمات الصحية والأدوية، وبسبب منع النظام لقوافل الإغاثة التي تحوي على مواد طبية من الدخول والوصول إلى المناطق التي كان يحاصرها، بالإضافة إلى السرقات التي تحصل، سواء في المناطق المحررة أو المحتلة، وتسلط العسكر والقوى المتطرفة وسرقة هذه المواد وتوزيعها على عناصرها ومقاتليها، وذات الشيء ينسحب على مناطق سيطرة النظام، وهي التي تحوي فساداً ممنهجاً، مدعوماً من أعلى السلطات، حيث تكون السرقات والإساءات المتكررة لقوافل الإغاثة عن عمد وبهدف إرضاء العناصر وتغطية السرقات الكبيرة التي يقوم بها قادة الصف الأول في النظام.
لنؤمن صمود أهلنا عبر تأمين مستلزمات حياتهم اليومية بالحد الأدنى، وكل الاستجابة التي حدثت والتي تتكرر سنوياً هي استجابة ردة فعل، ونحن بحاجة لتأمين استجابة دائمة يمكن استثمار تبعاتها مستقبلاً، فاستبدال الخيمة بالكرفانة يمكن أن يحمي الأطفال من الموت برداً ومن الغرق بالطين والأوحال، وبدلاً من أن نسعى لتأمين مازوت للتدفئة وهذا مهم، لكنه ينقضي باستهلاك الكمية التي تم شراؤها، يمكن لنا أن نؤمن كرفانات لإسكان العائلات النازحة، حيث تستمر الكرفانة في حماية الناس حتى لما بعد انتهاء الثورة ونجاحنا بالانتقال للدولة المدنية الديمقراطية، وإسقاط عصابة الأسد، فلدينا الكثير الكثير من المساكن المهدمة، ويجب إيواء الناس في مساكن مؤقتة ريثما نعيد إعمار البيوت المهدمة، ويمكن استثمار الكرفانات لتؤدي هذه المهمة.
لقد قدمت الحكومة القطرية مشكورة مبالغ مالية كبيرة دعماً للنازحين السوريين، وبدلاً من هدرها باستجابة آنية، نقترح أن يتم شراء وتجهيز كرفانات لتقيم الناس بها بدلاً من العيش في الخيام.
تقدر تكلفة الكرفانة الصالحة للسكن الآدمي بحوالي ألفين وخمسمائة إلى ثلاثة آلاف دولار، ويمكن لثلاثين مليون دولار من المنحة القطرية أن تشتري عشرة آلاف كرفانة لتأوي ما يقارب خمسين ألف نازح إن قدرنا أن الكرفانة الواحدة تتسع لعائلة مكونة من خمسة أشخاص.
كما يمكن في حال تم تشكيل لجان فرعية ولجنة وطنية مركزية على مستوى الشتات السوري أن تجمع تبرعات من السوريين وتنظم أمور شراء الكرفانات وتوزيعها وإيجاد بطاقة لكل عائلة وتوحيد جهود الإغاثة المبعثرة بدلاً من ضياعها وهدرها دون تحقيق أقصى استفادة منها للسوريين النازحين في المخيمات في الداخل أو اللاجئين في الخارج كما في لبنان.