الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "ميدل إيست آي": كيف ستؤثر العقوبات الأمريكية في الصناعة العسكرية التركية؟ 

"ميدل إيست آي": كيف ستؤثر العقوبات الأمريكية في الصناعة العسكرية التركية؟ 

19.12.2020
ساسة بوست


ساسة بوست 
الخميس 17/12/2020 
نشر موقع "ميدل إيست آي" الإخباري تقريرًا لمراسله في أنقرة، رجب صويلو، تناول فيه مدى تأثير العقوبات الأمريكية المفروضة في تركيا بسبب شراء أنقرة منظومة الصواريخ الروسية إس-400، رغم معارضة واشنطن، موضحًا أن تلك العقوبات ستؤدي إلى إعاقة مشاريع مهمة للصناعة العسكرية التركية لمدة تصل إلى عام واحد حتى تجد تركيا بدائل. وستتأثر كذلك الطائرات المقاتلة الخفيفة هورجت (Hurjet) التركية، التي تنتجها رئاسة الصناعات الدفاعية العسكرية، بالعقوبات الأمريكية. 
استهل الكاتب مقاله موضحًا أن العقوبات الأمريكية التي فُرضت على تركيا يوم الاثنين الماضي بسبب أنظمة صواريخ إس- 400 التي اشترتها من موسكو استهدفت على وجه التحديد رئاسة الصناعات الدفاعية (SSB)، وهي الوكالة المختصة بالمشتريات العسكرية. 
"لا يمكن وضعنا في موقف صعب" 
وفي حين رحَّبت الأسواق بحزمة العقوبات، لأنها لم تكن شديدة الوطأة كما كان متوقعًا، أعرب محللون عسكريون أتراك عن قلقهم من احتمالية تأثير العقوبات في قطاع الدفاع، الذي سجل مبيعات إجمالية تجاوزت 10 مليارات دولار العام الماضي.  
يتمثل الجزء الأكثر أهمية من العقوبات في حظر ترخيص التصدير المفروض على رئاسة الصناعات الدفاعية. تعليقًا على ذلك، يقول رئيس رئاسة الصناعات الدفاعية، إسماعيل دمير، الذي استُهدِف أيضًا بالعقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة الأمريكية، خلال بث مباشر ليلة الاثنين الماضي: إن الوكالة التي يرأسها كانت تُجهِّز نفسها لهذا السيناريو منذ مدة.  
وأضاف: "لا يمكن لأي ترخيص أمريكي أن يضعنا في موقف صعب". وتابع: "الولايات المتحدة لم تقدِّم لنا الأشياء التي كنا نطلبها منذ مدة. كل ما في الأمر أن هذا الوضع أصبح رسميًّا للتو". 
وأشار مراسل ميدل إيست آي إلى أن تسليم بطاريات صواريخ إس-400، التي دفعت تركيا لشرائها 2.5 مليار دولار، اكتمل العام الماضي. ولطالما حذرت واشنطن أنقرة من شراء هذه المنظومة الصاروخية، وشددت على أن شراء هذه التكنولوجيا الروسية يمثل خطرًا أمنيًّا على منظمة حلف شمال الأطلنطي (الناتو). وعلى مدار العامين الماضيين، بحث المسؤولون الأتراك والأمريكيون عن طريقة لحل أزمة صواريخ إس-400،  لكنهم لم يتمكنوا من التوصُّل إلى اتفاق. 
ويلفت التقرير إلى أن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة لن تؤثر في تراخيص التصدير التي صدرت بالفعل، مثل قطع غيار طائرات إف-16 التركية، ولكن لا يزال من الممكن أن يكون لها تأثير فيما يصل إلى ملياري دولار من العقود السنوية التي وقَّعتها رئاسة الصناعات الدفاعية.  
بيد أن العقوبات التي فرضتها واشنطن يمكن أن تخلق مشكلات لمشاريع كبيرة تُقدَّر قيمتها بمليارات الدولارات، مثل: فرقاطات من طراز إسطنبول، وطائرات التدريب والمقاتلة الخفيفة هورجت، والمقاتلات التركية من الجيل الخامس تي إف اكس. 
رأي آخر أدلى به كان كاساب أوغلو، مدير البحوث الدفاعية في مركز الأبحاث التركي (EDAM)، لموقع ميدل إيست آي، قائلًا: "إن حزمة العقوبات ليست هيّنة؛ نظرًا لأن رئاسة الصناعات الدفاعية تُعَدٌّ عنصرًا مُحفزًا للمشاريع الدفاعية التركية والتعاون الدولي الذي يشمل نقل التكنولوجيا والإنتاج المشترك. وتدير رئاسة الصناعات الدفاعية المئات من مشاريع أنظمة الأسلحة ومئات العقود الدفاعية المربحة". 
مواجهة العقوبات الأمريكية 
يشير المراسل إلى أنه على الرغم من تفاخر الحكومة التركية بقدرتها الآن على توفير 70% من احتياجاتها من المشتريات الدفاعية محليًّا، إلا أنها لا تزال تعتمد على الخبرة والتكنولوجيا الأجنبية في المشاريع المعقدة. وحول التغيير الذي تحدثه هذه العقوبات، يقول كاساب أوغلو: إن رئاسة الصناعات الدفاعية ربما كانت تجد أن جهات خارجية مترددة في العمل معها، أما الآن فقد أصبحت الوكالة "كيانًا خاضعًا للعقوبات". 
يعتقد آخرون أن العقوبات لن يكون لها تأثير في مشتريات رئاسة الصناعات الدفاعية إلا لمدة عام واحد فقط، وأن أنقرة ستكون قادرة على إيجاد الحلول. يؤيد هذا الرأي، يوسف أكبابا، المحلل الدفاعي من أنقرة، قائلًا: "يمكن للشركات والأفراد الأتراك الاضطلاع محليًا بمهمة شراء الأجزاء والأنظمة المطلوبة. ويمكن لشركة (ASFAT) التابعة لوزارة الدفاع القيام بهذه المهمة".  
ولتجنب أي تداعيات قوية، أكملت رئاسة الصناعات الدفاعية بالفعل دراسات حول الأنظمة المحددة لمعرفة ما إذا كان بإمكانها بناؤها محليًّا. "وفيما يتعلق بأحد المكونات، أدركوا أن بمقدورهم إنتاجها محليًا في تركيا بنسبة تصل إلى 80% من الإنتاج المحلي"، كما يقول أكبابا. 
وأصبح أحد الأسئلة الأساسية المطروحة هو ما إذا كانت تركيا ستأتي بموردين روسيين بدلًا من الموردين الأمريكيين، وهو الأمر الذي ربما يؤدي إلى عقوبات أشد وأنكى. ويعتقد أكبابا أن تركيا لم تكن تميل إلى متابعة شراء دفعة ثانية من صواريخ إس-400، بسبب وجود خلافات إقليمية مع موسكو بشأن أذربيجان وسوريا.  
وقال أكبابا: "إن كلا من رئاسة الصناعات الدفاعية ووزارة الدفاع لا يريدان أيضًا شراء طائرات مقاتلة من موسكو". ومع ذلك، كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حريصًا دائمًا على مشاركة بلاده في إنتاج نظام الدفاع الصاروخي إس-400، وهو أمر لا يسمح به اتفاق أنقرة مع موسكو إلا بعد طلب دفعة ثانية. 
وتابع كاساب أوغلو: إن روسيا ستسعد بتقديم طلب لشراء إس-400، إذا ما أخذنا في الاعتبار الانقسامات التي سيُحدثها ذلك داخل الناتو. ومع ذلك، يرى كاساب أوغلو أن الجزء الخطير هو: "ما هي الشركات التركية التي ستتعاون مع شركة (Almaz-Antey) [منتج صواريخ إس-400]؟ وشركة روكيتسان الخاصة بأجهزة الاعتراض؟ وشركة أسيلسان للإجراءات المضادة للحرب الإلكترونية؟". 
وختم قائلًا: "حتى الآن، لا تزال التداعيات محدودة على رئاسة الصناعات الدفاعية. أما المخاطرة بما يوصف بجواهر تاج القاعدة الدفاعية والصناعية لتركيا من خلال التعرض لمزيد من عقوبات قانون (CAATSA)، المعني بمواجهة خصوم أمريكا، فستكون مقامرة، الفائز الوحيد فيها في النهاية هم: الروس".