الرئيسة \  مواقف  \  موقفنا : وبقي السؤال : كيف هو الفيل ؟!

موقفنا : وبقي السؤال : كيف هو الفيل ؟!

26.06.2014
زهير سالم




قرأنا جميعا قصة ابن المقفع عن مجموعة العميان التي أرادت أن تتعرف على الفيل بعد أن تسامعوا أن فيلا يجثم صريعا ظاهر البلدة التي يعيشون فيها . ..عجبنا جميعا من الضرير الذي مسك برجل الفيل وتحسسها ثم قال : الفيل مثل جذع الشجرة . أو من الآخر الذي أمسك بأذنه فقال هو مثل المروحة ، أو من الذي أمسك بخرطومه فقال هو مثل الحبل الغليظ ، أو الذي أحاط بجسمه فقال هو مثل الصخرة العظيمة ..
وتنطوي القصة ، ويظن ابن المقفع ، واضعها أو مترجمها ، أنه أدى رسالة عقلية قرّب بها للناس الأخطاء العظيمة التي يقعون فيها نتيجة عملية الإدراك ( التجزيئي ) أو التفتيتي ....
ابن المقفع الذي شرح لنا حقيقة المشكلة الإدراكية لم يساعدنا في النهاية على إدراك حقيقة الفيل . شكل الفيل وماهيته الحيوية ووجوده الفيزيائي وما وراء الفيزيائي إن كنا سندخل في موضوع علم نفس الحيوان ...
كل هذه الإشكالات تواجهنا اليوم والبعض يتصرف في طريقة تعاطيه مع الثورة السورية على طريقة أولي الضرر من فريق العميان المتخيل الذي أبدعه مفكر تاريخي في حجم ابن المقفع ...
نستمع إلى الكثير من الجادين الصادقين المخلصين الذين يدورون في مدارات الثورة السورية . ويبذلون من أجلها وبإخلاص ، ولا نزكي على الله أحدا ، جهدا ووقتا ومالا . يمسك كل فريق أو مجموعة أو فرد من أطرافها بطرف . يظنه الكل ، أو يظن نفسه بما يحقق بالعمل على المحور الذي ارتضاه ، يتقدم على محور الثورة العام التي تعني أول ما تعني وآخر ما تعني انتصار المظلوم على الظالم والضحية على الجلاد والثورة على قامعيها والمتآمرين عليها ...
دائما لا يجوز أن ننشغل ببُنيّات الطريق . ودائما ليس لنا أن نتبع السبل ،
((وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ)) ودائما حين ينشغل البعض في معالجة الآثار الجانبية ، والمضاعفات والتداعيات الناتجة عن الجهد على المحور الأصلي لا يجوز أن يلغي كل ذلك على أهميته وضرورته ، الحقيقة الأصلية والكلية ، ولا يجوز أن يشغلنا عن أهمية المحور الأصلي وضرورته وأولويته أيضا وهذا الأهم ...
بشار الأسد في وضع من القوة بما منح من غطاء دولي مطلق ومن كل الأطراف الدولية وبلا استثناء ، يؤهله لفرض : شكل المعركة وأسلوبها وأدواتها ، حتى عسكرة الثورة كان بالأصل اختياره المدعوم من شركائه المتواطئين وشركائه الصامتين ، وكل الذين يتهربون من هذه الحقيقة أو من هذه المواجهة ، التي تبدو صعبة بحق ،تعويلا على أمل خادع أو وعد كاذب فهم يدّومون في التيه الذي كان أصلا بعض أدوات بشار الأسد وشركائه الظاهرين والخفيين ..
ويحدثوننا عن الثورة والدولة ومشروع بنائها وخارطة طريقها ولكن عن أي ثورة أو دولة أو مشروع بناء أو خارطة طريق يتحدثون ؟! والذي يقود المعركة ضدهم يهوي بنفسه وبسورية كلها وبهم في وادٍ سحيق ...
حقيقة الموقف يختصر بالإمساك بسورية العظيمة وثورتها العظيمة وهذا يحتاج إلى كل الرجال العظام ..
عمان / 27 / شعبان / 1435
25 / 6 / 2014
----------------
*مدير مركز الشرق العربي
للاتصال بمدير المركز
00447792232826
zuhair@asharqalarabi.org.uk