الرئيسة \  مواقف  \  موقفنا : هل نظام الأسد نظام طائفي علوي ؟!! .. تفاعل مع حديث المحامي السوري - العلوي عيسى إبراهيم

موقفنا : هل نظام الأسد نظام طائفي علوي ؟!! .. تفاعل مع حديث المحامي السوري - العلوي عيسى إبراهيم

09.07.2020
زهير سالم





وأبدأ بالقول : لسنا طائفيين ، ولا نرضى أن نكون ، وكنا ضحايا الطائفية منذ وعينا ، فكنا الأكثر والأصدق رفضا لها . وتوصيفنا لها ليس انغماسا فيها كما يسوق له الطائفيون .
في حديث مسجل يشرح لمواطن السوري العلوي " عيسى إبراهيم " عن لقائه ومجموعة من منتسبي هويته الفرعية من " العلويين " السوريين مع الروس ، وعن بعض الحيثيات والمجريات .. اللقاء الذي سُرب واشتهر وكثر حوله القيل والقال ..
وابتداء أقول إن الحوار السواري - السوري يجب أن يبدأ وأن يستدام . نؤمن أن لا بديل عن الحوار بين السوريين إلا الحوار . ونستثني المجرمين الذين يجب أن يكونوا تحت منصات القضاء .. .
وكنا قد تابعنا كلاما كثيرا مدخولا ومموها عن طبيعة اللقاء المنوه به مع الروس ، ودوافعه ومجرياته وجاء التسجيل الوجيز ليقدم لنا إضاءات مفيدة وفيها ما هو إيجابي ومفيد ومهم .
نؤكد مرة أخرى على ضرورة دعم التعارف بين السوريين ، ولا أقصد التعارف الشخصي ، وإنما التعارف بين المكونات " المتخندقة " مع الأسف ، والتي تزداد خنادقها مع الأيام عمقا.
وبغض النظر عن كل الحيثيات المصاحبة والمطروحة . نقول وبعد الاستماع إلى التسجيل المومى إليه بكل مافيه ، أننا نمكن أن نكون ابتداء مع ثلثي الأفكار والمواقف والمحددات الواردة في التسجيل . ونعتقد أن ثلثي الثلث الباقي يمكن أن يتفاهم عليها السوريون بالحوار. ويمكن أن يحتكموا في ثلث الثلث الباقي إلى صندوق اقتراع وطني حر ونزيه كما كل شعوب الأرض ، دون أن يحتاجوا إلى الاحتكام إلى البراميل المتفجرة وأقبية التعذيب ، ولا إلى استدعاء الإيرانيين والروس وبقية الأشرار.
وإننا إذ نظل ندعو إلى الحوار الوطني - الوطني مع الذين يملكون تجسداته ، نؤمن أن الحوار الصادق والموضوعي سيكون مدخل أجيالنا إلى البقاء والنماء . وإن فاتنا من خيره حتى اليوم الكثير .
 في تسجيل المحامي " عيسى إبراهيم " وردت نقطة شديدة الأهمية ، شديدة الحساسية وطنيا وتاريخيا ومستقبليا. لأنه كما لأصحاب الهويات الفرعية مخاوفهم وهواجسهم فإن المشهد بكل مافيه ، يجعل أصحاب الهوية السائدة أكثر خوفا وتوجسا ..
ينفي الأستاذ عيسى في حديثه مع الروس عن سلطة الأسد أنها سلطة طائفية علوية . ويكتفى بوصف النظام بأنه نظام " طغمة متنوعة إثنيا وطائفيا تستولي على السلطة وتحتل الدولة " وتتعاون على ظلم السوريين وقهرهم ..
سنوافق السيد عيسى على وجود الطغمة المتنوعة ، وسنوافق أن النظام قد أذاق كل السوريين ألوان الفقر والحرمان ، ولكن ليس بالسوية كما يقول . قد يكون سواد عام من السوريين قد اشتركوا في الفقر والحرمان ، ولكن سوادا خاصا منهم خُص مع الحرمان والفقر بالقتل والاعتقال والتعذيب والتشريد .
ومنذ أن استولى " حزب الطوائف " على السلطة ، وأولى بالأستاذ عيسى أن يعلم من هو صاحب وصف حزب الطوائف ، والذي تحول إلى حزب الطائفة ، كانت في سورية هوية منبوذة تحملت العبء الأكبر من الظلم والقهر والقتل والتشريد ، منذ الستينات وحتى اليوم . مسجد السلطان في حماة وحده هو الذي قصف بالطائرات . والمسجد الأموي في دمشق وحده هو الذي اقتحمته الدبابات . ونتحدث عن سني الطائفية المقيتة الأولى .
وأذكّره أيضا أنه قبل كل ما حصل في السبعينات و الثمانينات كان حافظ الأسد يقترح في لقاء قيادة حزبية لأبناء هذه الهوية السائدة وليس الفرعية مثل معسكرات الإبادة والعزل الجماعي على الطريقة النازية أو الستالينية ، حيث كان خبراء الفلسفتين ، يحيطون به من يمين وشمال ...
وإذا أحب الأستاذ عيسى فالنص محفوظ ، تعيه ذاكرة التاريخ كما تعيه ذاكرة المستهدفين الذين ذاقوا نتائج سخائم النفوس الظلم أفانين ، وليس فقط أثرة واسئثارا ، وقلة تنمية وندرة عطاء أو عطايا ..
مرة أخرى نؤكد أننا لكي نكون موضوعيين يجب أن نكون علميين، وأن نذكر فلا ننسى . وأن نحفظ الذي علينا كما نحفظ الذي لنا . نقول هذا ونحن نمد اليد لتثبيت "عقد اجتماعي سوري " جديد يحفظ على الهويات الفرعية حقوقها ، ولا ينزع عن الهوية السائدة لباسها . وهذا أمر غاية في الأهمية .
يقولون لنا الأقليات خائفة فطمنوهم ، ونقول بل نحن الأشد خوفا وقلقا ، فكيف يخاف من يكون وراءه الروس والإيرانيون ، ومن يشكل الأمريكيون لحمايته تحالفا من ستين دولة ، ويقتلون من أجل عينيه حتى الأجنة في بطون الأمهات ، ويدمرون محاضن الرضع في عنابر المستشفيات . ولعن الله الطائفية والطائفيين . ونحن الأشد ذعرا وخوفا مما كان ومما يمكن أن يكون .. وكيف لا نخاف ونحن نراهم كيف قلبوا ما كان يسمى مؤسسات المعارضة ظهرا لبطن ، ورأسا على عقب ، حتى أصبح كل عُشر في سورية يمثلون ب عشرة ، وكل مليون لا يمثلهم عشرة !!ومرة ثالثة ورابعة وخامسة لعن الله الطائفية والطائفيين ..
أعجبني الأستاذ عيسى وهو يعلن اعتزازه بهويته الفرعية ، فهل سيعترف للآخرين بحقوق هذا الاعتزاز ، وعلى القواعد التي تقوم عليها المجتمعات المدنية والديموقراطية في أكثر دول العالم على السواء .؟! .
نريد أن نؤكد هنا أن العقد الاجتماعي السوري الجديد لا يجوز أن يصنعه الروس ولا أن يصنع على عينهم . وأن الاعتراف بحقوق الهويات الفرعية لا يجوز أن يكون على حساب الهوية السائدة . وهذا مطلب يراوغ الكثيرون عنه ، ويحاول آخرون القفز عليه .
نذكر الأستاذ عيسى أنه حتى الرئيس بوتين ، رئيس الروس الذين يشيد الأستاذ بتجربتهم ، ويقول إن نسبة المسلمين بينهم من 30-40% ، قد غزوا سورية ببركة البطرك الأرثوذكسي المشرقي !! وليس ببركة المفاتي المسلمين !!
كان مهما عند بوتين العلماني الماركسي الأصول ، أن يثبت أنه غزوه لسورية ، هو غزو مسيحي أرثوذكسي لدولة مسلمة ، لحماية الأرثوذكس ، وتثبيت نظام الأقلية في صيغة الطغمة المتنوعة ، كما يقول الأستاذ عيسى . فهل سيقر بوتين والأستاذ عيسى للسوريين أصحاب هوية 80% وليس 60% بمثل ما للروس الأرثوذكس في روسية من حقوق..!!
ونعود إلى توصيف الأستاذ عيسى لسلطة الأسد " بالطغمة المتنوعة إثنياً وطائفياً .. " ونقول ما هذا بالحق وإن كان جزء من اللعبة المموهة المملولة ..نعم دائما كان هناك على " التخت الموسيقي " في سورية طبال وزمار وحامل عود وعازف كمان وضارب بالصنج أيضا ؛ ولكن يبقى السؤال : من هو المايسترو الذي ، يوزع الأدوار ، ويمنح الأدوات ، وبقود الجوقة ..؟! وهاهنا يكمن سر الوصف والتوصيف ؟!
فمن الذي كان يملك القدرة في هذه الطغمة على أن يمنح ويمنع ؟! أو على لغة النمرود أن يحيي ويميت ؟! ومن الإجابة الموضوعية الوطنية الصادقة على هذا السؤال نستطيع أن نتوافق على توصيف سلطة الأسدين هل هي سلطة طغمة متنوعة ، أو سلطة طغمة طائفية متسلطة ؟! طغمة متسلطة استندت إلى عصبية طائفية ، فأعزت وأذلت ، ورفعت وخفضت ، واستأثرت وحرمت ..تحالفت مع طوائف حينا ، وانقلبت عليهم أحيانا ، وكان الهدف الأول في برنامجها إذلال السوريين " غير المتجانسين " وهذا مصطلح جديد في عالم السياسة تسجل براءة اختراعه لبشار الأسد الطائفي , والذي سانده عموم أبناء طائفته في حرب البراميل ...!! في كل لعبة السلطة الأسدية ، والسيطرة الأسدية كانت الطائفة تمثل " أهل الثقة " ومعقد العصبية ، حسب النظرية الخلدونية . وما عداها فقد عدته السلطة إلا بقدر ما يحتاج إليه المتسلطون ؟
وهذه حقائق لا يمكننا أن ننساها ونحن نسعى إلى عقد اجتماعي وطني جديد ...
لا يمكن أن ننسى عدد الأمهات اللواتي كن يصعدن إلى " الجبل " ليحصلن على إذن زيارة من سيدة طائفية، يخلعن عندها الأساور والحلي ويعدن وهن فرحات ، بابنة الحلال ، التي يسرت لهن أمر لقاء مهجة الكبد بعد بضع سنين ..!!
لا يمكننا أن ننسى التاجر الكدود الذي يجد جهد عمره بين المخالب والأنياب ، فلا يفرج كربه إلا أن يصعد إلى الجبل فيفرج عنه كربه لابس الثوب الأبيض في مدرسة الترويض ,,,!!
لا يمكننا أن ننسى أمر لواء أو عميد أو عقيد يحسب حساب حاجبه ، أو يتلقى التعليمات من ضابط الصف في وحدته ..!!
لا يمكننا أن ننسى طاقم الوزراء " المتنوعين إثنياً وطائفياً " وهم يديرون وزاراتهم من وراء سماعة هاتف يملي عليهم فيها ضابط أمن فاشل ومقيت ..!!
منذ عقود خلت سأل أحد الصحفيين حافظ الأسد : يقولون إن نظامكم في سورية هو نظام أقلية ؟! فرد : وأي نظام عربي ليس نظام أقلية ؟! فلم ينكر وإنما سوّغ ..فلا أظن أنه سيكون مدخلا وطنيا صالحا ان الأستاذ عيسى وصحبه ينكرون ..!!
لقد شكل منتسبو الطائفة بسوادهم العام أهل الثقة بالنسبة لنظام الطغمة الطائفية المتجانسة غير المتنوعة ، والتي ظلت مسيطرة على كل شيء ، مستأثرة بكل شيء ، إلا ما يتناثر عن مائدتها فتلقيه عفوا إلى بعض ..
وتأكيدنا أن النظام كان تسلطا طائفيا علويا على سورية الدولة ، وسورية المجتمع ، وسورية الوطن ؛ تنبني عليه أمور كثيرة ، ليس منها تجريم طائفة ، ولا أن يؤخذ بريء من أبناء الطائفة بجريرة مجرم ؛ فقد كان في دستورنا الأول : ( وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى )
نتفق على المطالبة بمحاكمة كل المجرمين الذين ارتكبوا الفظائع بحق السوريين إلى قانون وطني وقضاء وطني نزيه وعادل ..
نتفق على رفض المحاصصات الطائفية على ألا يكون هذا مدخلا للمزيد من الاستئثار والاحتكار وتوزيع الثروة والفرصة على أبناء المحاسيب ..نقترح على المحامي الأستاذ أن يجري إحصاء في النسبة والتناسب للمنح العلمية في الجامعات السورية .
نتفق على ضرورة إنجاز عقد اجتماعي وطني جديد ، ندخل إليه بالصدق ، ونوقع عليه بالوفاء ..
عقد اجتماعي سوري - سوري - سوري والأس سبعون ، لا يستقوي فيه سوري على أخيه بروسي ولا بأمريكي ولا بفرنسي ولا بإيراني ولا ببرميل ..
 
لندن : 17/ ذو القعدة / 1441
8/ 7/ 2020
___________
*مدير مركز الشرق العربي