الرئيسة \  مواقف  \  موقفنا : لنجعل جسر العبور إلى غدنا الجميل أقل صعوبة و أكثر أمنا

موقفنا : لنجعل جسر العبور إلى غدنا الجميل أقل صعوبة و أكثر أمنا

04.06.2020
زهير سالم





أصغيت لفيديو مسجل حوله إلي صديق ، وجهته المواطنة السورية وفاء سلطان إلى بشار الأسد وزمرته ، فاستمعت إلى لهجة من صدق الحديث افتقدناها منذ زمن طويل، وانتظرناها منذ زمن أطول ... إدانة المجرم ، والبراءة من الجريمة ، والانحياز إلى الناس كل الناس .
لفتني في الكلام بكل ما فيه من صراحة وصدق ، تأكيد المواطنة خوفها من القادم ، ومن المستقبل ، وقولها : أن القادم صعب ..وأن المرحلة القادمة مخيفة ولكن لا بد من عيشها .. معترفة على طريقتها أن عيش الخوف الذي تتوقعه لا بد منه لنتجاوز الخوف الذي نحن فيه !!
ولعلي لا أستطيع أن أرد هذا الكلام ، أو أن أستخف به فأقول إن القادم سيكون ورديا ، رغم أنني أريده أن يكون ، ولا أن أقول إن المرحلة القادمة ستكون بردا وسلاما لكل السوريين مع أنني أحب أن تكون ..!! لا أملك أن أقول ، ولا يملك أحد غيري أن يقول ، ولهجة توقع الخوف النتيجة مقتبس من نظر واقعي في مخاضات الدم التي فرضها بشار الأسد وزمرته على السوريين ..
وأضيف : إنه كلما طال العبور في مخاضات الوحل والدم حملت الأقدام من العوالق ما يكفي ليثير ذعر والرعب في قلوب كل المتبصرين ..!!
وأردف مع ذلك فإنني واثق أن في الشعب السوري ملايين العقلاء والحكماء الذين لم يفقدوا البصيرة ، ولم يفقدوا العقول والقلوب ، ولم يفقدوا الأمل والحب ، والذين ما يزالون يلوحون بمناديل الأمان لنعبر إلى الغد الجميل على الجسر الأقل رعبا والأكثر أمنا مما نعيش ...في السوريين الذين أعرفهم ملايين العقلاء الذين يخافون ويتخوفون ويرجون ويأملون ويريدون عبور الجسر بأقل الخسائر ، ولو استطاعوا لقالوا بلا رعب ولا ذعر ولا ألم ..
أمل ليتحقق لا بد له من مبادرات ، ومن عمل ، ولا بد له من شراكة وتعاون أجمع وأوثق .
 تخطئ السيدة وفاء حين ترى المشكلة فيما جرى في سورية وعليها كانت هوية الرئيس . بل هذا اتهام نمطي للشعب السوري مرفوض ، وما ينبغي له أن يمر . لم تكن المشكلة في هوية الأسد الأب ، ولا الأسد الابن وإنما كانت المشكلة في موقع الرئاسة المغتصب ، مع غرق في حمأة الاستبداد والفساد والولوغ في الدماء والأعراض..
تقول السيدة السورية كان الشعب ليحتاج إلى ألف عام ليقبل رئاسة الآخر !! هل حقا أن الشعب ثار على الظالم المستبد بوصفه الآخر ، أو بوصفه الظالم المستبد حبيب الظلام عدو الحياة ؟!
ثار الشعب السوري على "الحكيم عديم البصيرة" كما قالت السيدة نفسها .. ولم يكن العجب أن يثور في سورية من ثار ، بل كان العجب كيف لم يثر الآخرون ..كما تختم المتحدثة كلمتها ..
الصوت القوي الجريء الذي أطلقته السيدة السورية وفاء سلطان يحتاج ليكون حزمة قوية من الأصوات المعنية بمثل هذا الحديث ، حزمة مجزية من الأصوات التي لا تسوغ ولا تبرر ولا تتذرع ولا تدعي ولا تتهم الأبرياء ولا تبرئ المجرمين ، والتي تنحاز للضحايا ولا تبكي أو تتباكى على الجلادين ، والتي في الوقت نفسه تأسف وتعتذر وتتعاطف وتنحاز إلى الوطن والشعب والناس كل الناس .
 ملايين السوريين الذين أعرفهم يريدون للغد أن يكون جميلا لكل السوريين ، وتريد للجسر إلى الغد المأمول أن يكون أقل وحشة وأكثر أمنا ..على أن يدفع أكابر المجرمين ثمن جرائمهم وجرائرهم التي ارتكبوها بحق كل الناس .
وكلما كان تحركنا نحو هذا الغد بطريقة أسرع كان وصولنا إليه أيسر ، وكلما كان اجتماعنا على صناعة الغد أكبر تكون سيطرتنا على مجرياته أوثق ..تسع سنوات قتل ولم يكتف القاتل ولم تع دورها ومصيرها وما يتهددها الأدوات ..وجميل أن نسمع اليوم صوتا حقيقيا من قلب المأساة ..
لا أحد يملك أن يتنازل عن حقوق الضحايا والمعذبين . وستبقى العدالة الانتقالية في أطرها الفردية والجماعية حقوقا ثابتة في أعناق المجرمين . ولكن الذي يجب أن نتواصى به ، ونتعاون عليه ، ونضمنه كسوريين سوريين ألا يدفع ثمن جريمة المجرم بريء ..
 أيدي الكثير من السوريين ما زالت ، منذ أول يوم طلب فيه المستضعفون الانعتاق، ممدودة بالخير والسلم والحب قاعدتهم الأولى : ( وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ).
لندن : 11/ شوال / 1441
3/ 6/ 2020
____________
*مدير مركز الشرق العربي