الرئيسة \  مواقف  \  موقفنا : حين تفقد الشرائح الثائرة المستهدفة في سورية من يمثلها

موقفنا : حين تفقد الشرائح الثائرة المستهدفة في سورية من يمثلها

31.10.2019
زهير سالم


موقفنا :
حين تفقد الشرائح الثائرة المستهدفة في سورية من يمثلها
يكون الحل الأممي قد نجح في إحداث شرخ شاقولي في بنية المجتمع



وانقسام المجتمع شاقوليا يعني أن قرارا قد اتخذ بإعدام شريحة من أبناء المجتمع ، أو التخلص منها استئصالا أو إقصاء أو تهميشا . من قمة الهرم إلى الأرض السابعة هناك رأي دولي وإقليمي " ووطني أسدي ، وأسدي وطني " يعتقد أن الله ، تعالى الله ، قد أخطأ حين خلق هذه المخلوقات من السوريين ..!!
ومن هذا الاعتقاد فما زالت الجراحات الاستئصالية تتم على مدى عشر سنوات من الثورة ، منها ما تم تنفيذه على الأرض وبالطرائق السارينينة والكلورية والفراغية والارتجاجية ، ومنها ما تم تنفيذه على مستوى ما سمي المجلس الوطني ثم الإتتلاف الوطني ثم هيئة التفاوض ثم منصة المنصات المتماهية في إطار " المفكرين الجدد " كما يقول " كبيرهم " مع فكرة المنصة المتجانسة المعبرة عن المجتمع المتجانس ، لصياغة الدستور المتجانس ، الذي سيمليه الأسدي والروسي والفرنسي والألماني والنيروجي كما وعد كبيرهم أيضا ..
لن أكون مدعيا ، ولن أقول : إن القسيم الشاقولي الذي تم التوافق والانسجام على استكمال استئصاله وإقصائه وتهميشه هو القسيم الأكبر في بنية المجتمع السوري . ولكن الذي أقوله بكل الثقة أن منصة "المفكرين الجدد " من المتجانسين والمتجانسات لا تمثل شريحةً من السوريين ، كان من حقها التمثيل . بل كان من حقها أن يخضع التمثيل لاعتباراتها لأنها صاحبة الدم ووليته إن كان غيرها صاحب المال .
"المفكرون الجدد " على المنصة المتجانسة مثلا لا يستشعرون مشاعر الثكل واليتم والترمل . والمتجانسات بكل تأكيد لا يدركن معاني الانتهاك والعزل وتشتيت الذات الذي تعيشه شريحة من السوريات غير المتجانسات مع المغتصبين ، واللائي يمثلن التفكير القديم الذي ظن أن الثورة هي سبيل الخلاص فثار ..
هؤلاء المتكأكئون على منصة المنصات المتحدة بإشراف بيدرسن أو بوتين وترامب وشركاهم حول العالم ، والذين يبشروننا اليوم " بفتح الفتوح " بفكرهم الجديد المنسلخ عن فكر أطفال درعا وثوار دوما ومتظاهري ساحة الساعة في حمص أو ساعة العاصي في حماة، والمترفعين عن ضحايا الحولة وبانياس والأحياء الشرقية في حلب وحيث كان بؤرة المجازر في الرقة ودير الزور لا يستطيعون أن يزعموا أنهم يمثلون دماء مليون شهيد ، يبدؤون بإدانتهم في أول كلمة لهم وهم يبشرون " بالتفكير الجديد " يعني على غير طريقة الشهداء والمعتقلين والمنتهكات والمشردين ..
ويبقى سؤالي المفتوح : إذا كنتم على منصتكم المتجانسة ستفكرون بتفكير جديد وهذا من حقكم ، فمن سيمثل أصحاب التفكير القديم الذين شاركتم في لعبة استئصالهم وإقصائهم وتهميشهم ..؟!
وإذا كان من حقكم أن تقفزوا من مركب إلى مركب وبهذه السرعة وبهذه الجرأة فمن للمستضعفين الذين ما زالوا متعلقين بما ظنوه يوما مركبهم ، وظنوكم لطيبة قلوبهم البيكوات والأغوات الذين تمثلونهم .. ..:
ونحصد كل هذا اليوم لأن اللعبة الوطنية ، كما يسمونها ، بنيت على ريبة وفساد وجهل من أول يوم . وهذا حصاد الريبة والفساد والجهل وسوء التقدير ..ومع أول ومضة منفعة حط سرب الحمام حيث ينتثر حب الآخرين . وفي لحظة واحدة بدأ فتاة الحي تعد ..
من قرارة اليأس وفقدان الأمل والشعور بالانكسار أكتب هذه الكلمات عزاء إلى كل الذين يشاركونني الشعور ..
لقد تم خيانة دماء الشهداء . والتفريط بكل شيء . وعلى المنصة المتجانسة التقي ، وبدأت سعيدة تستجيب لإغراءت سعيد ، وتبشرنا بتفكير جديد ... " أنا بعث وليمت أعداؤه " ..
ولقد عشت هذه اللحظات من الانكسار منذ أربعين سنة وما انكسرتُ بفضل الله عليّ ، ولكن الانكسار فيما بعد السبعين يبدو أقسى وأصعب وأشد على النفس .
لست مغرورا لأزعم أنني صاحب راية أرفعها ..
وحتى الذين عشت تحت رايتهم عقودا طوالا ، حتى أولئك الذين أمّل فيهم السوريون كما أمّلت ، وعوّلوا عليهم كما عوّلتُ ، يفجؤننا منذ عشر سنوات بالقول : العبء أكبر . والمسئولية أعظم ، فيظلون حيال المشهد حيارى أو واجمين ..!!!!
قريبا من ستة عقود قضيناها لم تكن في أي لحظة حسابات ربحنا أو خسارتنا رياضية أو عقلية كما يريدونها اليوم ..وكنا دائما لفضل الله علينا في حكم الصيرورة منتصرين ..
في المشهد السوري اليوم وعلى منصة المنصات المتجانسة قوم عراة لم يُبق لهم من وسدهم ما يخلعون ..
ونطوي على أمل بالله وحده أن نسمع يوما جيل المهمشين والمهشّمين ينشد : ..
لنا الجبل المطل على نزار .. حللنا النجد منه والهضابا
لندن : 2 / ربيع الأول - 1441
30/ 10 / 2019
__________
*مدير مركز الشرق العربي