الرئيسة \  مشاركات  \  مهمّة النُخب السورية المخلصة استيعابُ الواقع بوعي والإمساكُ بخيوطه التي يُصنع منها نسيج مناسب

مهمّة النُخب السورية المخلصة استيعابُ الواقع بوعي والإمساكُ بخيوطه التي يُصنع منها نسيج مناسب

26.04.2018
عبدالله عيسى السلامة




الكلام كثير، والمتكلمون كثر..والنظريات كثيرة ، والمنظرون كثر.. والأحداث كثيرة متسارعة، متشابكة دامية ، معقدة ، بل شديدة التعقيد ! والمحترقون بنارها ، هم أبناء الشعب السوري ، جميعاً! لكنّ القادرين على : الفهم ، والاستيعاب ، والتحليل ، والمبادرة إلى صناعة الواقع ، واستشراف المستقبل ، قلة قليلة ، جدّاً ، من أفراد النُخب !
 فبعضُ النُخب : يُنظّر في الفراغ !
وبعضُها : يقدّم ، لشعب سورية ، نصائح ، يستطيع تقديمها ، أيّ رجل بسيط !
وبعضها : يُحلّق في أجواء سامية ، ويجهد نفسه ، في محاولة رفع الواقع ، إلى مستوى تحليقه !
وبعضها : يشتم الناس ، الذين لايفعلون الصواب ، الذي يتمنّاه ، وهو، ذاته ، لايعرف الصواب المطلوب ، على ضوء الواقع ؛ لأنه عاجز، عن قراءة الواقع ، وبالتالي؛ عاجز عن فهمه ، وهو عن ابتكار حلول ، يفرضها الواقع ، أشدّ عجزاً !
وبعضها : يتوجّع ويصرخ ، ممّا يرى ، من مصائب ، تحلّ بشعبه ، ويرى ، في الصراخ ، خير وسيلة ، للتعبير، عن ألمه .. ويرى أنه ، كلما ارتفع صوت المرء بالصراخ ، كان أصدقَ ، من غيره، في التعبير، عن ألمه ! ( والحديث، هنا ، كله ، عن النخب ، أو الذين يرون أنفسهم نخباً ، لا عن عامّة الناس) !
وهذا الوضع مستمرّ، منذ أكثر من سبع سنوات ، وهو جزء من الواقع ، وهو يدخل ، في دائرة الجزء الأضعف ، الذي يعجز، عن تغيير الجزء الأقوى، أو تعديله ، أو تبديله ! ومعلومٌ، أن الجزء الأقوى، من المأساة السورية ، هو الجزء العسكري ، المرتبط بالسياسة الدولية : سياسة المحاور والأقطاب، التي تمطر، على شعب سورية ، قنابلَ ، وصواريخَ ، ورصاصاً ، من شتى الأنواع !
 فمتى يستطيع الجزءُ الأضعف ، في الواقع السوري ، تبديلَ الجزء الأقوى ، أو تعديله ؟ مع أن هذا الجزء الأضعف ، هو الأقوى ، وهو السبب الرئيس ، في التحليل الموضوعي ، المتصل بعلم الاجتماع السياسي ، أو الفلسفة السياسية ؛ فهذا الضعف – الذي يُفترض أن يكون قوّة - هو سبب البلاء، الذي يشكّله الواقع العنيف: محلّياً ودولياً !
نقول : متى يستطيع واقعُ النخب ، الأضعفُ ، تعديل الواقع الأقوى ؟ وكيف ؟
 الأمر- نظرياً- واضح وسهل ، نسبياً، وإن كان ، لدى التطبيق العملي ، يحمل صعوبات ، لا تُعرَف، إلاّ عَبرَ الممارسة !
إنها مسألة مبادرة صادقة ، من قبل فئة قليلة ، صادقة مخلصة ، من النُخب ، تتلمّس الخيوط الأساسية للّعبة ، بسائر تعقيداتها ، وتحرص على تشكيل النسيج : الاجتماعي والسياسي ، بالصورة التي تناسب سورية وشعبها ، حالاً ومآلاً ! وهو(النسيج) الآن ، قيدَ التشكّل ، لكن ، كما يريده الآخرون ، وكلّ يريده ، بالصورة التي تناسبه !
 والخيوط ، التي يمكن ، أن تمسك بها ، الفئة المبادِرةُ ، كثيرة وقويّة ، على مستويات عدّة : عسكرية وسياسية ، واجتماعية وثقافية ..!
 ونحسب التعميم ، هنا ، يغني عن التفصيل ، الذي هو، من شأن الفئة ، المؤهّلة للمبادرة !
ولله درّ القائل :
 سَقاها ذوو الأحلام سَجْلاً، على الظَما = وقدْ كَرَبَتْ أعناقُها ، أنْ تَقطّعا