الرئيسة \  واحة اللقاء  \  من يقصف قواعد ميليشيات الحشد الشعبي في العراق؟

من يقصف قواعد ميليشيات الحشد الشعبي في العراق؟

25.09.2019
علي حسين باكير


سوريا تي في
الثلاثاء 24/9/2019
قامت طائرات مجهولة النوع والمصدر يوم الأحد الماضي بقصف موقعين لميليشيات الحشد العشبي الموالية لإيران في العراق. يقع المعسكر الأوّل غرب محافظة الأنبار، فيما يقع الثاني بين محافظتي الأنبار وصلاح الدين. لم يتم الكشف عن طبيعة الأهداف التي تم قصفها وعمّا إذا وقعت إصابات أم لا، لكن الحشد الشعبي كان قد أعلن بأنّه لم يسقط له أي قتلى أو جرحى في العمليات.
تعتبر هذه العمليات جزءاً من حملة أوسع يجري تنفيذها منذ شهر حزيران الماضي وتأتي في سياق ممنهج لاستهداف مخازن الأسلحة والصواريخ التابعة لميليشيات الحشد الشعبي
في شهر آب الماضي، اعترف ما يسمى أمين عام كتائب سيد الشهداء أبا العلاء الولائي في مقابلة على تلفزيون (بي بي سي-العربي) باستهداف طائرات من دون طيّار حوالي ١٣ مخزناً للأسلحة تابعاً للحشد الشعبي منذ شهر آب 2108 وحتى شهر أغسطس 2019 آخرها كانت ضربة جوية لمعسكر سيد الشهداء في قاعدة آمرلي. وفي حين تفيد تقارير أنّ المخازن التي يتم استهدافها هي لصواريخ متوسطة أو بعيدة المدى، يقول أبو العلاء إنّ معظم الصواريخ المخزّنة هي صواريخ قصيرة المدى من نوع جراد لا يتجاوز مداها ٢٠ كلم، وأخرى بمدى أصغر يبلغ حوالي ٨ كلم.
وفيما لم تثبت السلطات العراقية من يقف خلف هذه الضربات، اتهم رئيس هيئة الحشد فالح الفياض سابقاً أيادٍ خارجية بتنفيذ هذه الهجمات. أمّا نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي – آنذاك - أبو مهدي المهندس، فقد اتهم القوات الأميركية بأنها "المسؤول الأول والأخير" عن الهجمات التي جرت حسب وصفه عن طريق "عملاء أو بعمليات نوعية بطائرات حديثة"، واتهم المهندس الأميركيين "بإدخال أربع طائرات مسيرة إسرائيلية" إلى العراق لـ"تنفيذ طلعات جوية تستهدف مقرات عسكرية عراقية". وبذلك تكون الاتهامات بتنفيذ هذه الضربات قد تراوحت بين من يلقي بالمسؤولية على الولايات المتّحدة ومن يلقي بالمسؤولية على إسرائيل
وتنطلق هذه الاتهامات من حقيقية أنّ واشنطن تسيطر عملياً على أجواء العراق ومن الصعب تصوّر أن يتم تنفيذ مثل هذه العمليات بشكل منهجي ومتكرر دون أن يكون لديها علم أو معرفة بالجهة المنفّذة. أمّا بالنسبة إلى إسرائيل، فهناك من يقول إنّ لديها مصلحة في تنفيذ مثل هذه الهجمات خاصّة وأنّها الجهة الوحيدة التي تقوم عملياً باستهداف الميليشيات التابعة لإيران في المنطقة لاسيما في لبنان وسوريا، وبالتالي من غير المستبعد مد رقعة عملياتها العسكرية الجوية إلى العراق خاصّة مع امتلاكها مؤخراً لعدد من مقاتلات (إف-٣٥) الشبح والأحدث في العالم.
وحتى هذه اللحظة، تنفي الولايات المتّحدة مسؤوليتها عن تلك العمليات التي تستهدف الميليشيات الشيعية الموالية لإيران في العراق، وتقول إنّها ملتزمة بالإجراءات التي يتم العمل بخصوصها فيما يتعلق بالمجال الجوي العراقي. أمّا إسرائيل فهي لم تتبنّ هذه العمليات، لكنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق ألمح إلى أنّها قد تكون مسؤولة عن الضربات التي تستهدف الميليشيات الموالية لإيران في العراق. كما نقلت صحيفة نيويورك تايمز الشهر الماضي في تقرير لها عن مسؤولين أميركيين قولهما إنّ تل أبيب تقف خلف تلك الضربات وإنّها قامت باستهداف قاعدة واحدة على الأقل.
الحكومة العراقية تبدو في مأزق، فهي على ما تقول تسعى إلى الحيلولة دون اختلاط الأوراق وإلى أن يكون العراق خارج دائرة الحرب بالوكالة التي تتم بين إيران والولايات المتّحدة
أيّاً يكن الأمر، فإن افتراض قيام إسرائيل بتنفيذ هذه العمليات يثير تساؤلات أكثر ممّا يعطي أجوبة. فاذا ما صح الادعاء القائل إنّ مخازن الصواريخ تحتوي على صواريخ غراد بمدى ٢٠ كلم، فهذا يعني أنّها لا تشكل خطراً استراتيجياً على إسرائيل وبالتالي فلا مبرر قوياً لقيام تل أبيب بالمخاطرة من أجل استهدافها. علاوةً على ذلك، فمن غير المعروف ما هو السلاح الذي يقوم بهذا الاستهداف، هل هو طائرة من دون طيار؟ هل هو مقاتلة (إف - 35)؟ هل تقوم إسرائيل بتنفيذ هذه الضربات بالأصالة عن نفسها أو بالوكالة عن الولايات المتّحدة الأميركية؟ وأخيراً، هل تقوم الولايات المتّحدة بلعب نفس اللعبة الإيرانية باستهداف حلفائها ومن ثمّ إنكار مسؤوليتها عن ذلك؟
جملة الأسئلة هذه تحتاج الى جولة أخرى من الوقائع لكي يتم تحديد الجهة التي تقوم بها فعلاً، ولا يمكن استبعاد حقيقة أن يكون الجانب الأميركي هو من يقوم بتنفيذ هذه الضربات لأنه يتفوّق على باقي اللاعبين المحتملين من حيث المعلومات الاستخباراتية، ومن حيث السيطرة على الأجواء العراقية ومن حيث الانتشار العسكري القريب جداً من العراق وأخيراً من حيث الدافع لتنفيذ عمليات من هذا النوع ردّاً على التصعيد الإيراني المباشر.