الرئيسة \  واحة اللقاء  \  من يخلف عائلة الأسد في حكم سوريا؟

من يخلف عائلة الأسد في حكم سوريا؟

07.05.2020
جنكيز طومار


      
الأناضول
الاربعاء 6/5/2020
قد يكون العنوان غريباً في الظرف الحالي، إذ يواصل نظام "بشار الأسد" الحفاظ على الحكم في سوريا بمساعدة روسيا وإيران، والأصح أن نقول في غرب الفرات باستثناء إدلب، أي في المدن والموانئ الرئيسية والشرايين التي تربطه.
ومع ذلك، ينبغي ألا يكون هناك شك في أن النظام الذي قتل أكثر من نصف مليون مواطن منذ بداية الحرب عام 2011، والذي شرد أكثر من نصف سكان سوريا البالغ عددهم 22 مليوناً، كلاجئين ونازحين خارج وداخل البلاد، تمكن من تحقيق "انتصار بيروسي" (يرمز للنصر مع تكبُّد تكاليف مدمرة).
إلى زوال!
في واقع الأمر، قد تكون التحليلات والمقالات المنشورة في الصحافة الدولية حول نهاية حكم عائلة الأسد، والبدائل الجاري الحديث عنها لخلافة بشار، تدل على أن فترة صلاحية العائلة قد انتهت وأن موعد زوالها قد اقترب.
منذ البداية، دعت تركيا إلى "سوريا من دون الأسد"، والتطورات الجارية حالياً تُظهر مدى صحة الأطروحة التركية.
ما قلناه منذ البداية هو أن إعادة بناء الدولة السورية المُعترَف بها من قِبل المجتمع الدولي، لا يمكن أن تتم مع بقاء نظام قتل مئات الآلاف من المواطنين ودفع أكثر من نصف سكان البلاد إلى التحول للاجئين ومهجرين ومشردين بلا مأوى.
كما أن ملايين المعارضين لعائلة الأسد، داخل وخارج البلاد -بما في ذلك محافظة إدلب- لا يفكرون بالعودة إلى ديارهم طالما أن نظام الأسد بقي في سُدّة الحكم، هذا الوجود المستمر منذ نحو نصف قرن.
إضافة إلى ما سبق، لا يمكن الحديث عن عودة اللاجئين وعن سوريا موحدة في ظل استمرار عائلة الأسد في الحكم.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن نظام الأسد ميدانيّاً لا يسيطر على كامل الجغرافيا السورية، في ظل وجود مناطق شرق الفرات المسيطر عليها من قِبل قوات تُشكِّل منظمة "بي كا كا" الإرهابية عمودها الفقري وتحظى بدعم من قِبل الولايات المتحدة الأمريكية.
هذا بالإضافة إلى مناطق الشمال السوري التي تسيطر عليها قوات المعارضة المدعومة تركيّاً.
لقد أظهرت التطورات أن كلاً من تركيا وروسيا وإيران، على الرغم من اختلاف وجهات نظرها، تدعم وجود كيان سياسي مركزي لسوريا الموحدة، إلا أنه وفي الوقت عينه، تدعم الولايات المتحدة فكرة إنشاء نظام اتحادي في سوريا ولو بالحد الأدنى.
وفي الوقت الذي تدعم فيه كل من موسكو وطهران فكرة كيان سياسي موحد في سوريا، إلا أنهما تعملان على أن تكون حكومة هذا البلد مكونة من الأطراف الموالية لهما والخاضعة لسيطرتهما، فيما تقترح تركيا تأسيس حكومة منتخبة تضمن تأسيس نظام ديمقراطي يضمن عودة اللاجئين إلى بلادهم.
في الواقع، الاقتراح المقدم من قِبل تركيا، لا يحظى بدعم من قِبل الجهات المعنية وعلى رأسها إسرائيل وإيران وروسيا والولايات المتحدة، إضافة إلى "بي كا كا" الإرهابية، لاسيما وأنه في حال عودة اللاجئين، فمن المرجح أن تسفر الانتخابات عن حكومة توصل العرب السُّنة أو "الإخوان المسلمين" والمجموعات المماثلة إلى سُدّة الحكم، لهذا السبب لا تتفق تلك الدول مع الطرح التركي.
ومع ذلك، فإن تجدد المطالب بتنحي الأسد عن السلطة وطرح أسماء بديلة عَبْر وسائل الإعلام خلال الأشهر القليلة الماضية، إنما يشير إلى دخول سوريا في خضم عملية سياسية جديدة.
رؤية إسرائيلية
وبهذا المعنى، جاءت العروض الأولى من صحافي إسرائيلي يدعى "إيدي كوهين"، وهو مستشار في مكتب رئاسة الوزراء، والذي نشر رسائل باللغة العربية على وسائل التواصل الاجتماعي، تشير أن خبير العلاقات العربية الإسرائيلية، الصحفي "فهد المصري" قد يكون بين الأسماء المرشحة لخلافة بشار الأسد.
يمتلك "فهد المصري" (مواليد 1970) شخصية مثيرة، فضلاً عن انتمائه لأسرة عربية سنيّة ومحافظة، من سكان حي "الميدان" الدمشقي.
كان "المصري"، الذي عمل صحافيّاً في القنوات الإعلامية المعارضة لنظام الأسد، على علاقة وطيدة بالسياسي السني "عبد الحليم خدام" الذي شغل منصبَيْ وزير الخارجية ونائب رئيس الجمهورية، لفترة طويلة خلال فترة "الأسدين" الأب والابن، قبل وفاته في باريس، 31 مارس الماضي.
وبحسب ما جرى تداوله عن "المصري"، فقد أسس "الجبهة الوطنية لتحرير سوريا"، المدعومة من إسرائيل في باريس، وبحسب "إيدي كوهين" ، فإن "المصري" الذي يتميز بهوية علمانية يتمتع بعلاقات جيدة مع تل أبيب، ومن أقوى الأسماء التي يمكن أن تخلف الأسد في منصبه بعد يوليو/ تموز 2020.
ومع ذلك، لم تأخذ الصحافة العربية تلك التعليقات على محمل الجد، بل اعتبرت هذه التعليقات أمنيات يحاول "إيدي كوهين" الترويج لها.كمال اللبواني
وبعد فترة وجيزة من الشائعات التي جرى طرحها حول "المصري"، سرت ادعاءات جديدة حول إمكانية أن يكون "كمال اللبواني" ، مؤسِّس "التجمع الديمقراطي الليبرالي"، من بين الأسماء المرشحة لخلافة بشار.
"اللبواني" عمل طبيباً عسكرياً خلال مذبحة حماة عام 1982، لكنه أصبح شخصية سياسية مُعارِضة لنظام البعث الحاكم بعد أن شهد أحداث المذبحة.
من المثير للاهتمام أن "اللبواني" ، الذي تربطه علاقات جيدة مع إسرائيل، يقول إن هناك اتفاقاً دوليّاً على أن "بشار الأسد" سيترك منصبه ويحل محله الدمشقي "علي مملوك"، الذي يعتبر أحد الأركان المهمة في النظام السوري من خارج عائلة الأسد.
ووفقاً لـ"اللبواني"، فإن تسلُّم "مملوك"، المدير السابق للمخابرات السورية والمستشار الأمني لبشار، من شأنه تقليص النفوذ الإيراني في سوريا.
كما يدعي "اللبواني" أيضاً أن "مملوك" الذي لم يقبل هذا العرض، جرى تهديده من خلال إدراجه في القائمة السوداء ومقاضاته في المحكمة الدولية، لا سيما وأنه متهم في الضلوع بعدة جرائم منها تنظيمه لاغتيالات سياسية في لبنان وجرائم عديدة ضد المعارضة السورية.
ويعتقد "اللبواني" أن إقصاء عائلة الأسد عن الحكم في سوريا سوف يتم بنهاية هذا العام.
محمد زيتون
اسم آخر تداولته الصحافة الدولية وهو "محمد ديب زيتون"، من عائلة دمشقية سنية، ويشغل منصب رئيس المخابرات السورية حالياً.
الرحيل المحتمل
إن تزايد وتيرة الأنباء في الصحافة الغربية والعربية والروسية حول رحيل محتمل للأسد، على مدى الشهرين الماضيين، يعزز هذا الاحتمال.
وفي الوقت الذي تذكرت فيه وسائل الإعلام الغربية، فجأة، بأن نظام الأسد استخدم أسلحة كيميائية، وأنه لا بد من محاكمته على الانتهاكات التي اقترفها بحق المدنيين، أفردت وسائل الإعلام الروسية حيزاً واسعاً على صفحاتها لانتقاد فساد عائلة الأسد والانتهاكات التي تقترفها ضد المواطنين.
الإعلام العربي تطرق إلى الخلافات التي تعصف بين زوجة الأسد، "أسماء الأخرس"، وأقاربها، وبين ابن خال الأسد "رامي مخلوف"، في ظل الأزمات الخانقة التي يعيشها الاقتصاد السوري، الذي يعاني من انتكاسة مدمرة بسبب انتشار وباء "كورونا"، وحالة الكساد الاقتصادي الذي تعيشه البلاد.
إلى جانب ما سبق، أجمعت وسائل الإعلام، على انغماس عائلة الأسد في قضايا فساد كبيرة، وشراء "بشار" لوحة لزوجته يقدر ثمنها بآلاف الدولارات، وممتلكات عقارية فاخرة في موسكو، ووصول ثروة ابن خاله "رامي مخلوف" 5 مليارات دولار.
 حل وسط
وبالنظر إلى الأسماء المقترحة لخلافة الأسد، نستطيع القول إن مستقبل سوريا يجري التخطيط له بشكل يحد من النفوذ الإيراني، وبما يتماشى مع مصالح الأمن القومي لإسرائيل، والعثور على حل وسط يُرضي كلاً من روسيا وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.
ومن المحتمل أن يكون الهدف من هذه التسريبات، هو قياس ردود فعل المجتمع الدولي، فيما يتمحور الاحتمال الآخر حول رغبة موسكو بالضغط على نظام الأسد وإرغامه على فعل ما تريد، من خلال نشر تقارير إعلامية عن فساد النظام لإبقائه تحت السيطرة، لاسيما وأن الأسماء التي اقتُرحت كبديل لا يبدو أنها ستكون مقبولة من قِبل "أنقرة".